تعزيز دور البرلمان لمراقبة الصفقات الكبرى ومحاربة الفساد يتزامن مع استمرار الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد منذ أشهر تراجع احتياطي الصرف، وتأثر الإقتصاد الوطني بتداعيات الأزمة بشكل مباشر، الأمر الذي يستدعي حسب خبراء الاقتصاد إطلاق إصلاحات استعجالية تعتمد على التحول الإقتصادي والحكومة، لمرافقة مساعي السلطة لمحاربة الفساد، وإنتاج منظومة مالية حديثة وآمنة. لم يعد خافيا على الرأي العام الخطر الذي بات يهدد الاقتصاد الوطني بعد كشف العدالة عن ملفات فساد واسعة شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة، قد تعيق الانتقال الديمقراطي الذي يتطلب حسب الخبراء انتهاج حوكمة شفافة لإعادة توجيه الإقتصاد نحو الطريق الصحيح، بمحاربة كل أشكال الفساد التي مست القطاعين العام والخاص. في هذا الصدد، دعا خبراء اقتصاديون في التسيير والتحليل، أمس، خلال ندوة نظمها نادي الحركة والتفكير حول المؤسسة «كار»، بفندق السوفيتال بالعاصمة، إلى ضرورة مرافقة التحول الديمقراطي الحاصل بإصلاحات اقتصادية تعتمد على مبدأ المراقبة وتحسين مناخ الاستثمار لاستقطاب المستثمرين. وأوضح الخبير الاقتصادي محمد شريف بلميهوب أن الجزائر بحاجة إلى إعادة النظر بشكل عام في توجه الإقتصاد الوطني الذي يعتمد على المحروقات، وهو ما نتج عنه مؤشرات مخيفة بعد الدخول في الأزمة السياسية. وحسب الخبير فإن حل الأزمة لا يحتاج فقط إلى حلول سياسية، ولكن كذلك حلول اقتصادية ترافق التحول الحاصل، مشيرا إلى أن الحل يحتاج إلى حوار وطني جامع لوضع أسس جديدة لاقتصادنا الوطني، بداية من اعتماد حوكمة شاملة لمكافحة الفساد، ويبرز فيها دور الرقابة التشريعية ممثلة في للبرلمان على نشاطات السلطة التنفيذية التي تسند لها مهام التسيير. ويحتاج الاقتصاد الوطني لميزانية قد تصل إلى 220 مليار دولار على مدار 30 سنة لتحقيق إنتقال إقتصادي حقيقي حسب الخبير بلميهوب، مؤكدا أنه لابد من إعادة النظر في قاعدة الإستثمار 51/49، داعيا إلى حوار شامل بين الجزائريين لإختيار نموذج اقتصادي جديد لبناء نظام متطور وقوي. كما أكد الخبراء الاقتصاديون أهمية مناخ الاستثمار في استقرار الإقتصاد الوطني، وأبرز الدكتور بجامعة بجاية فريد يايسي مهمة لجان وضع خطط الإستثمار التي توكل لرئيس الجمهورية وتشرف عليها وزارة الصناعة والمناجم، في حين أن البنك الدولي يدرجها لصلاحيات وزارة المالية، داعيا إلى وضع صلاحياتها تحت سلطة الوزير الأول بدل الرئيس في الإصلاحات القادمة، مبرزا الإشكالية التي وقعنا فيها بعد مرض الرئيس السابق وتعطل اللجة، وهو ما يتطلب دراسة كل جوانب آليات تسهيل الإستثمار. بدوره ذكر خبير التنمية الإقتصادية عبد الرحمن هادف أن مناخ إلاستثمار لا يقتصر على العاصمة فقط، بل لابد من توسيعه لولايات الوطن، وجعله من الأولويات في الخارطة الاقتصادية الجديدة التي قد تباشرها الدولة مستقبلا، مؤكدا أن الدول المتقدمة تضع مناخ الاستثمار ضمن أولوياتها الكبرى. وناقشت الندوة التي حملت عنوان «أي ورقة طريق للاقتصاد الوطني آفاق 2022 ؟ سبل إشراك جميع الفاعلين في المشهد الوطني سواء الأحزاب السياسية والأكاديميين، والمؤسسات البحثية، حيث أكد رئيس نادي «كار» سليم عثماني أن إشراك كل الفاعلين وإسهامهم في وضع خارطة طريق شاملة تجنب الاقتصاد في المستقبل الأزمة، لأن القاعدة المالية الصحيحة والاقتصاد المتنوع لا يمكن تأثره بشكل كبير بالأزمات السياسية.