يبقى ملف الصحة الجوارية على مستوى ولاية بومرداس من أهم التحديات التنموية للمرحلة القادمة بالنظر إلى الوضعية الحالية ونسبة التغطية التي لا تزال حسب المتتبعين ضعيفة، سواء من حيث المراكز والمنشآت الصحية المخصصة للمراكز النائية أو من حيث الإمكانيات والوسائل البشرية المتعلقة بضمان الخدمة العمومية لهذه المراكز المنتشرة بالمناطق والتجمعات السكنية المعزولة على الرغم من استفادت قطاع الصحة للولاية من غلاف مالي قدر ب 7 مليار دينار في إطار البرنامج الخماسي القادم 2010 2014، لإنجاز عدد من المراكز وقاعات العلاج منها مستشفى الولاية بطاقة استيعاب تصل إلى 240 سرير. ولعلّ الصورة العامة التي يمكن استخلاصها من هذه الدراسة الميدانية وعلى خلاف المراكز الصحية المتواجدة بمراكز المدن وبلديات الولاية التي تتوفر على الحد الأدنى المطلوب من الوسائل الطبية الضرورية هو افتقار هذه المصحات وقاعات العلاج الجوارية ببعض القرى والتجمعات السكانية الريفية إلى هذه الوسائل وبالخصوص المداومة الطبية الليلية، الأطباء المختصون بالإضافة إلى سيارات الإسعاف للتمكين من تحويل المرضى إلى المستشفيات القريبة وهي من أهم الانشغالات التي نقلها لنا أحد من ممثلي الأحياء والقرى المنشغلين بهذا الهاجس اليومي، حيث يقول في هذا الشأن ممثل جمعية سكان أولاد صابر بدلس السيد “ر، بن عمارة” لمندوب “الشعب” أن المركز الصحي بالمنطقة ورغم تدشينه منذ عدة سنوات إلا انه لا يزال لحد اليوم لا يوفر المداومة الطبية الليلية، كما أن ساعات العمل غير كافية بالنسبة لمركز يستقبل يوميا سكان حوالي ستة قرى مجاورة كان من الممكن أن تساهم العملية في فك الخناق عن مستشفى محمد بوداود بدلس الذي يفتقد هو الآخر للوسائل والتخصصات الطبية الضرورية، حيث يتم تحويل أغلب الحالات المستعجلة إلى مستشفى محمد ندير بتيزي وزو على حد قول مصدرنا، كما طرح نيابة عن سكان القرية إشكالية افتقاد المركز إلى سيارة إسعاف لضمان نقل المرضى إلى المستشفى وهو مطلب ملح من قبل المواطنين الذين سئموا من هذا الوضع بالرغم من وصول الانشغال إلى مدير المؤسسة العمومية للصحة الجوارية بدلس الذي لم يحرك ساكنا إلى حد اليوم بحسب محدثنا..، ونفس الحالة أيضا تنطبق على مراكز الصحة الجوارية وقاعات العلاج المتواجدة ببلديات بن شود، بغلية، أولاد عيسى بشرق ولاية بومرداس وتجمعات سكانية أخرى لا تزال محرومة إلى اليوم من هذه المشاريع عبر بلديات لقاطة، بني عمران، عمال وغيرها وأخرى تم الانتهاء من انجازها لكنها لم تفتح لحد اليوم وفي هذا الخصوص يقول أحد المواطنين من قرية عين السخونة ببلدية برج منايل، أن المركز الصحي للقرية تمّ الانتهاء من أشغاله منذ أكثر من سنتين إلا انه لا يزال مغلقا أمام المواطنين نظرا لغياب التجهيزات والوسائل وهو ما يعني حسب قوله حرمان السكان من الحماية الصحية وحق العلاج.. في حين تبقى عدد من المراكز الصحية الأخرى مغلقة منذ التسعينيات نتيجة للأوضاع الأمنية المتدهورة التي سيطرت على هذه المناطق في تلك الفترة منها بلدية تيمزريت التي يوجد به مركز صحي مغلق منذ فترة في وقت لم تبادر مديرية الصحة بالولاية إلى إعادة فتحه وتجهيزه للحد من معاناة المواطنين أمام رحلة العلاج وأدنى الإسعافات الطبية خاصة بعد التحسن في الوضع الأمني بهذه المناطق.وعلى العموم لا يمكن الفصل في النهاية بين ملف الصحة الجوارية ببومرداس كبرنامج صحي يسعى إلى التكفل أكثر بسكان المناطق النائية والمعزولة وبين واقع الصحة العمومية كقطاع يعاني جملة من المشاكل والصعوبات أثرت سلبا على مستوى الخدمات التي لا تزال بعيدة عن المستوى، بالإضافة إلى نقص الهياكل القاعدية بالنظر إلى افتقاد الولاية إلى مستشفى جامعي يليق بمقامها ما عدا مؤسستين استشفائيتين أو ثلاثة في كل من برج منايل، دلس وثنية تعاني هي الأخرى من تدني الخدمات، غياب شروط النظافة ونقص الأطباء المتخصصين وفي هذا الجانب يعلق رئيس جمعية مرضى السكري بالولاية السيد محمد موكري بقوله.. لا يعقل أن تبقى ولاية مثل بومرداس تفتقد إلى مستشفى جامعي كبير يضمن مختلف التخصصات المستعصية التي يتم تحويلها إلى العاصمة في وقت يبقى مشروع المستشفى الجديد يراوح مكانه وأكثر من هذا كشف عن معاناة كبيرة تشهدها مصلحة الولادة بمستشفى الثنية الذي تستقبل حالات كثيرة فاقت قدرة الاستيعاب الحقيقية ما يدفع المواطنين يؤكد السيد موكري إلى التوجه عنوة نحو المصحات الخاصة وبأثمان باهظة ليست في متناول الغالبية من المواطنين والعائلات المعوزة..