بعد تصويت الجمعية العامة لمنظمة التربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو)، التابعة للأمم المتحدة، لصالح قبول فلسطين كدولة كاملة العضوية ب107 صوت ومعارضة 14 دولة وامتناع 42 دولة، لم تجد الولاياتالمتحدة المعترضة بشدة على هذا القرار الدولي غضاضة في الإعلان عن وقف تمويل منظمة اليونيسكو، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية «فكتوريا نولاند»: أن بلادها لم يكن أمامها أي خيار سوى وقف تمويل اليونيسكو بسبب القانون الأمريكي، الذي يحظر تمويل المنظمة إذا قبلت عضوية فلسطين. وهو ما يعني في التطبيق العملي وقف تحويل مالي بقيمة 60 مليون دولار كان من المقرر أن تتلقاها المنظمة الأممية. ويأتي هذا القرار تجسيدا لتهديدات السفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة سوزان ريس التي أكدت في وقت سابق، أن منح اليونيسكو العضوية الكاملة للفلسطينيين سيضر بشدة المنظمة، ولا يمكن أن يمثل بديلا لمحادثات السلام مع إسرائيل. ولم يتردد سفيرها لدى اليونيسكو نمرود بركان من القول أن الدول التي أيدت القرار ستضعف قدرتها على أن يكون لها تأثير على موقف إسرائيل، لاسيما فيما يتعلق بعملية السلام. بينما اعتبرت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيانها، أن هذا الاجراء يضر بفرص استئناف محادثات السلام في الشرق الأوسط.وفي الواقع، أن معارضة 14 دولة لانضمام فلسطين لليونيسكو، التي تسير في الفلك الإسرائيلي المدعوم بالنفوذ الدولي الأمريكي، لا يمكنها أن تمنع حصول فلسطين على العضوية الكاملة بمنظمة الأممالمتحدة إذ تنظر روسيا والصين وجميع الدول العربية وتقريبا كل الدول الإفريقية والأمريكية اللاتينية بعين الرضا لقرار انضمام الفلسطينيين لليونيسكو، الذين يعتبرونه نصرا معنويا يعزز مطلبهم بالعضوية الكاملة في الأممالمتحدة. إن هذا القرار الأمريكي يمثل مرة أخرى قمة الانحياز لإسرائيل المعتدية على الفلسطينيين منذ نشأة الكيان الصهيوني، والتي تجعلهم يعيشون مشردين أو تحت الاحتلال الإسرائيلي يعانون من ازدواجية القوانين التي لا مثيل لها في العصر الحديث إلا في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة طيلة ال63 سنة الماضية. وهو ما يؤكد المسار الذي ستتخذه عملية التصويت على الطلب الفلسطيني بمجلس الأمن للحصول على العضوية الكاملة في المنظمة الأممية، إذ أن الولاياتالمتحدة ستستخدم “الفيتو” ضد هذا الطلب الشرعي. وإذا كان الفلسطينيون قد رحبوا بقرار اليونيسكو واعتبره وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي بأنه يزيل جزءا بسيطا من الظلم الذي تعرض له الفلسطينيون، مثلما أكد الرئيس محمود عباس، بأن القرار يمثل انتصار للحق والعدل والحرية. فيما اعتبرت حركة حماس قرار اليونيسكو بأنه خطوة إيجابية تؤكد على الحق الأصيل للشعب الفلسطيني في أرضه ومقدساته وتراثه، فإن إسرائيل على العكس من ذلك، اشطاتت غضبا. ومهما كان الأمر، فإنه إذا كان الموقف الإسرائيلي من هذه المسألة غير مفاجئ، فإن الموقف الأمريكي ومعه الدول ال14 المعارضة، يصرّ على عدم فهم كينونة التاريخ، والاستجابة للتحولات الجذرية التي تعرفها الشعوب العربية، والتي تدعي الإدارة الأمريكية مجاراتها وتأييدها لها،متناسية أنها لا تقف ضد الفلسطينيين، وإنما ضد التيار الدولي، الذي يبدو وأنه أصبح ينصاع لصحوة الضمير الإنساني، الذي يدرك تماما حجم الظلم والإجحاف الذي لحق بالفلسطينيين منذ نشأة دولة الكيان الصهيوني قبل 63 سنة حيث ظل صامتا تجاه الممارسات الإرهابية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، الذي تنتظره هجمات انتقامية جديدة ثمنا لقبول فلسطين بمنظمة اليونيسكو. ومنها التصعيد لضرب المقاومة بغزة واعتقال نائب من حماس بالضفة الغربية والتوسع في إبعاد المقدسيين وتنفيذ عمليات استيطانية، وغيرها من الإجراءات الإسرائيلية المعهودة لفرض المزيد من اضطهاد الفلسطينيين..!