انتقدت المحامية فاطمة الزهراء بن براهم، أمس، عدم إعطاء مظاهرات 11 ديسمبر 1960 الأهمية من حيث الدراسة والبحث والتحري حول حيثياتها وكيفية تنظيمها رغم أنها أجهضت مخطط ديغول الرامي إلى تحقيق مشروع الجزائر تابعة لفرنسا. وأكدت بن براهم في ندوة حول أطفال ديسمبر بمنتدى الصحافة «المجاهد» أن الأحداث التي شهدتها شوارع العاصمة وامتد لهيبها إلى باقي ولايات الوطن جاءت من القاعدة الشعبية عفوية وتلقائية لدعم الثورة التحريرية دون تنظيم من «الآفلان» كما كانت تعتقد فرنسا. وأشارت بن براهم في هذا السياق، إلى ان السلطات الفرنسية بقيادة ديغول كانت تهدف إلى التفرقة بين القاعدة الاجتماعية المتمثلة في الشعب والقاعدة السياسية المتمثلة في الحكومة المؤقتة بقيادة فرحات عباس والسلطة العسكرية المتمثلة في جيش التحرير الوطني، لأنها كانت تنطلق من اعتقاد سياسي «للإبقاء على الجزائريين تحت سيطرتها مقابل منحهم الرفاهية والحضارة». وأشادت المحامية بالوعي السياسي للقاعدة الشعبية آنذاك وبطريقة التعامل مع حيل فرنسا، خاصة لدى الأطفال والنساء الذين كانوا في مقدمة المتظاهرين من بين 5 ألاف منتفض جاؤوا إلى «بلكور» من كل حدب وصوب لإعلاء صوت الجزائر الحرة المستقلة. وأشارت المتحدثة في هذا السياق، إلى أن أول من سقط في تلك الأحداث كانوا أطفالا ونساء رغم أن المظاهرات سلمية، حيث واجهوا العساكر والمعمرين بأيادي فارغة وبألسنة تنادي بحرية الجزائر المستقلة وبحياة جيش التحرير الوطني وفرحات عباس، الناطق الرسمي باسمهم. وحسب بن براهم، فإن القوات الفرنسية وساستها تفاجأوا بالمظاهرات التي بدأت في ال 10 من ديسمبر بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان لتعاود أكثر قوة في 11 ديسمبر بعد ان خرج سكان «القصبة» و«باب الواد» و«سوسطارة» و«كليما دو فرانس» مرددين شعارات تطالب باستقلال الجزائر والإفراج عن بن بلة واشراف الأممالمتحدة على الاستفتاء. وذكرت المحامية بإعلان فرحات عباس في 1956 على أمواج الإذاعة والذي نشر في جريدة المجاهد آنذاك في العدد 75 مستعملا العديد من المصطلحات التي تدل على السياسة المسطرة للجزائر من اجل الاستقلال الوطني. وقالت ان أجمل ما سجله التاريخ حول المظاهرات هو تجاوب الأطفال الذين لم يتجاوز عمرهم 14 سنة مع الأحداث الدين كانوا في مقدمة المتظاهرين رافعين الأعلام الجزائرية وحتى أثناء ارتكاب الجيش الفرنسي للتقتيل العشوائي دون تمييز قاموا بتجنيد الصحافة الدولية لتغطية الأحداث من خلال جمع الصحافيين في قهوة «زروق» ونجحوا في مهمتهم. ولإخراج مظاهرات 11 ديسمبر من ظلمات التاريخ اقترحت بن براهم القيام بإحصاء دقيق لعدد الأطفال القتلى في الأحداث ولما لا تخصيص منحة لعائلاتهم وإدراج المظاهرات كموضوع للبحث الجامعي ومذكرات التخرج ما من شأنه ان يسهم في جمع المعلومات والبحث وإثرائها بالاعتماد على المقالات التي كانت تنشرها الصحافة الدولية آنذاك. وقدم المجاهد والباحث خالد عباس بدوره شهادته قائلا: «ان عدد الأطفال القتلى على مستوى الوطن هو 320 طفل»، مشيرا إلى انه لا يزال يواصل البحث في هذا الموضوع خاصة وانه «يمتلك حوالي 200 شريط حول الثورة التحريرية و5 ألاف كتاب»، مؤكدا أن تفاعل الأطفال مع الأحداث يعود لرؤيتهم العلم الجزائري الذي شكل لهم سابقة. من جهته، اعتبر عزي مروان، رئيس خلية المساعدة القضائية لتطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، أن الجزائر بذلت مجهودات محسوسة لترقية حقوق الإنسان من خلال تطوير قوانينها بما يتوافق مع المنظومة العالمية لمسايرة التطورات الحاصلة في العالم، سيما عبر تعديل القوانين الأساسية. وأشار عزي مروان إلى أنه لابد من بذل مجهودات أكبر في هذا المجال، سيما وان الجزائر استطاعت ان تحمي حق أساسي وهو الحق في الحياة بعد ان كان منتهكا في العشرية السوداء، موضحا أن وعي الناس بحقوقهم يسمح لهم بممارستها واسترجاعها في حال انتهاكها حفظا لكرامتهم.