تحولت الجلسة العلنية بمجلس الأمة التي خصصت أول أمس للرد على الأسئلة الشفوية إلى ما يشبه محاكمة لوزير الأشغال العمومية عمار غول، لبس عباءة القاضي فيها البرلماني رشيد عساس الذي شكك في التكلفة الإجمالية لمشروع القرن، بعد التمديد في آجال إنجاز المشروع المحددة ب 40 شهرا مرتين، وذهب إلى أبعد من ذلك حينما اتهم الوزير بإيلاء العناية للمقطع الغربي على حساب المقطع الشرقي بحجة انتهاء الأشغال بهذا الجزء وبقائها «عرجاء» بالجهة الشرقية، وهو ما أثار «انزعاج» الوزير غول وقد بدا ذلك واضحا من نبرة صوته التي ارتفعت بالقاعة. وسأل عضو مجلس الأمة رشيد عساس، وزير الأشغال العمومية عمار غول عن أسباب التأخر «الكبير» في إنجاز مشروع الطريق السيار شرق غرب لا سيما في المقطع الشرقي، وحول ما إذا خضع المشروع إلى إعادة تقييم بعد تمديد الآجال مرتين، ومن هي الجهة التي تتحمل تأخير المشروع، وهل تم معاقبتها؟ ليرد وزير الأشغال العمومية بالنفي حول السؤال المتعلق بإعادة إخضاع الصفقات العمومية الخاصة بالمشروع إلى إعادة تقييم، مؤكدا أن تكلفة المشروع لم «تزد سنتيما واحدا فوق 752 مليار دينار جزائري حيث تم تسقيفها عند هذا المبلغ أي ما يعادل 11 مليار دولار». وأشار غول، إلى أن معدل تكلفة إنجاز كيلومتر واحد من الطرق السيارة بالجزائر يبلغ 8 مليون أورو مقابل 27 مليون أورو بإيطاليا و15 مليون أورو بفرنسا فيما يبلغ هذا المعدل بسويسرا 47 مليون أورو. وبخصوص، تأخر تسليم الطريق السيار شرق غرب لحركة المرور، أرجع غول هذا الأمر إلى الصعوبات التي واجهتها الشركات في الميدان حيث قال «ما وجدناه في الميدان أصعب بكثير مما توقعته الدراسات لأن المسألة ليست مرتبطة بالتضاريس الوعرة وإنما بهشاشة التربة والانزلاقات العميقة، ناهيك عن أن الرواق موجود في شمال الوطن وهي منطقة زلزالية وهذا كله تم أخذه بعين الاعتبار»، بالإضافة إلى أن انطلاق المشروع تم ب 50 بالمائة من الدراسات، وهو ما أخر انطلاق إنجاز بعض المقاطع إلى غاية 2008، ورغم كل تلك الصعوبات يضيف غول فقد تم تسليم 91 بالمائة من المشروع قبل الآجال التعاقدية و96 بالمائة سلم لحركة المرور، في حين تتراوح نسبة إنجاز الأنفاق ما بين منطقة قسنطينة وسكيكدة بين 85 بالمائة و100 بالمائة. وخاطب غول عضو مجلس الأمة قائلا: أن تمديد آجال المشروع قرار «ليس بيدي أو يدك، بل هو بيد مكاتب المراقبة والدراسات التي تفصل في القضية بالعودة دائما إلى لجنة الصفقات العمومية»، موضحا أن هذه المكاتب هي من تدخلت في أكثر من مرة وطالبت الشركات المنجزة بتخفيض وتيرة الأشغال لا سيما على مستوى الأنفاق تفاديا لوقوع انهيارات. وأقر المسؤول الأول على قطاع الأشغال العمومية أن تسيير مشروع بهذه الضخامة ليس بالأمر السهل، «فهناك شريك أجنبي علينا التعامل معه ومع طلباته المشروعة وغير المشروعة ناهيك عن التعقيدات التقنية في الميدان ووجود عمال يدخلون أحيانا في الإضراب». وبدا على عضو مجلس الأمة عدم الاقتناع بالإجابة، الأمر الذي جعل الوزير غول يخاطبه بالقول «أنه لم يتبق سوى 4 بالمائة من المشروع ليسلم كاملا أمام حركة المرور فاتركونا نكمل برزانة وبالنوعية اللازمة، وإذا أردت تقريرا رسميا عن تأخر الإنجاز فلك ذلك»، مشيرا إلى الملف في يده فكل شيء موثق». ونفى غول فرض أي عقوبات على الشركات المكلفة بإنجاز الطريق السيار، رغم تحميله مسؤولية التأخير للبعض منها لا سيما تلك العاملة بأنفاق بوزقزة، مبررا الأمر بعدم انتهاء الآجال التعاقدية. من جهة أخرى، وفي رده على سؤال عضو مجلس الأمة عبد الرحمن بن يحي حول المشاريع التي استفاد منها قطاع الأشغال العمومية بولاية جيجل، أوضح غول أنه في إطار تجسيد البرنامج الخماسي 2010 2014 فقد تقرر استكمال كل مشاريع فك العزلة على مستوى الطرق البلدية والولائية وربطها بالولايات المجاورة، مشيرا إلى أن مشروع ازدواجية الطرق الوطني رقم 43 في شطره الرابط بين الميلية وجيجل ستنتهي به الأشغال قريبا.