برزت في وقت سابق نوادي الإعلام والصحافة كإطار للاتصال المؤسساتي وخاضت أكثر من وزارة ومؤسسة كبرى التجربة حتى تحولت في مراحل معينة إلى موضة، بينما سرعان ما تحول الحلم لدى المهنيين لضمان الوصول إلى مصادر الخبر في الوقت الفعلي إلى كابوس إذ في أكثر من ناد سجل إغلاق للمجال وحصره داخل الشلة واقل بالنسبة لبعض التجارب فيما انزلق البعض إلى تحويل ذلك الإطار إلى ورقة تستعمل في اتجاه واحد ألا وهو خدمة صاحب الدار أكثر من أي شيء آخر. هذه المرة خرجت وزارة التجارة بقيادة مسؤولها الأول مصطفى بن بادة بتصور جديد التزم فيه من خلال الدعوة إلى تأسيس نادي الصحافة والإعلام لوزارة التجارة بان يكون الفضاء مهني واحترافي وليس رديفا لهياكل الوزارة. الجهة صاحبة المبادرة يبدو أنها مدركة للتحديات الإعلامية وترغب في التعامل مع الحق في الإعلام بكل شفافية طالما أن القضية تتعلق بالصالح العام وفي مجال التجارة يخص الأمر حماية المستهلك ومن ثمة الانتقال إلى أسلوب وقائي في مراقبة الأسواق وفي الجانب الآخر للمعادلة الإسهام في ترقية التجارة عن طريق تواجد الجهات المختلفة للوزارة إعلاميا لمرافقة المتدخلين في التجارة الذين لديهم القناعة بالتواجد على الساحة كاحترافيين. ويمثل الوصول إلى مصادر الخبر وفقا لكل موضوع التحدي الأكبر لضمان نجاح نادي الإعلام المرتقب وذلك من خلال توفير المسالك الثابتة والدائمة والمرنة إلى تلك المصادر ليس لتكون وسائل الإعلام مجرد ناقلة في اتجاه واحد وإنما لتكون بمثابة المرآة العاكسة للواقع والقنوات التي تضمن حق المستهلك في استيقاء المعلومات الصحيحة بلا حدود، وهنا يطرح السؤال إلى إي مدى يمكن الذهاب فيه إلى مساحة الشفافية؟. ينبغي انتظار بداية السنة القادمة التي تحل قريبا للوقوف على صيغة مشروع وزارة التجارة الذي أكد مدير مؤسسة المعارض والتصدير انه حضر الإمكانيات المادية للمشروع من مقر متواضع ووسائل عمل معلوماتية غير أن الوزير فضل التريث حتى تنضج الفكرة بوضوح وتتحدد الأطر التنظيمية والآليات لذلك وهو خيار صائب يعطي الفرصة لنجاح المبادرة التي يمكنها ان اتسمت بالمرونة والانفتاح على المهنيين بعيدا عن ذهنية النادي المغلق ان تقدم نموذجا للاتصال المؤسساتي. وبالفعل يمثل الاتصال المؤسساتي الذي ترافقه وزارة الاتصال لنفس الغاية مكسبا للمهنة وأسلوبا لتأسيس إعلام وطني جواري ومتخصص يتقدم الإعلام الاقتصادي الذي يمكنه أن يغطي عجزت إعلاميا تعاني منه الساحة الوطنية في وقت تعرف فيه الساحة الاقتصادية والتجارية ولاستثمارية حركية كبيرة ونشيطة لكنها تعرف أيضا اتساع رقعة الغش والتهريب والمضاربة والفساد على أكثر من صعيد ما يجعل أهمية الإعلام في قلب المعادلة. هذه المعادلة تشمل أيضا تحديات كبرى ذات امتداد مع الخارج مثل مسار الشراكة مع الاتحاد الأوربي وملف الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية وهي من الملفات الحساسة التي تقتضي مرافقة إعلامية بمختلف الأنواع الصحفية من متابعة حينية للأخبار وتحليل وتمحيص بإشراك الخبراء الوطنيين ما يمد المعنيين بالمفاوضات وأصحاب القرار الإمكانية بالتزود بمعطيات وتصورات تساعد على تفكيك خفايا الأمر خاصة وان السوق الجزائرية تحولت منذ الانفتاح إلى مقصد للتصدير إليها فيما مقتضيات التنمية الوطنية تفرض إحكام القبضة على هذا الطرح بتنمية مسار التصدير لبلوغ مستوى مقبول من التوازن بين الاتجاهين. بالطبع الكرة تبقى في مرمى أصحاب المبادرة الذين لديهم القناعة بإرساء إعلام مؤسساتي وذلك بانخراطهم في ديناميكية تلتزم قواعد الاحترافية والديمقراطية في الوصول إلى مصادر الخبر بدون انتقائية ، وإذا ما تعمقت تجربة وزارة التجارة وفقا لما أعلنه وزير القطاع قبل أيام فان المثال سيكون ايجابيا ومن ثمة الانعكاسات تنتج إعلاما متخصصا وقريبا من المستهلكين وباقي الشركاء.