هي أول شابة خرجت عن مألوف معيشة الأنثى في قريتها النائية «ليوة» ببسكرة، من خلال تألقها بإصدارات أدبية، حاولت عبرها ان ترّد جميل والديها في تربيتها وإسعادها، و قد أوصلتها إلى المشاركة في فعاليات الطبعة الماضية من المعرض الدولي للكتاب، فكانت تجربة كلّلت تضحيات وجهود كبيرة قدمتها هي وعائلتها، كي يتسنى لها تحقيق الحلم الكبير.. تجربة تحدثنا عنها بشغف الكاتبة، كلثوم قطاف خرخاشي. - «الشعب «: من هي كلثوم قطاف ؟ كلثوم قطاف خرخاشي: كلثوم، كاتبة شابة من ولاية بسكرة، بلدية ليوة، من مواليد سنة 1992، توقفت عن التعليم في الطور الثانوي، ثم التحقت بالتكوين المهني إعلام آلي سكريتارية ومحاسبة وأمينة مكتب وحلاقة وخياطة، وجدت عمل بصيدلية عام 2015، بدأت العمل والحمد لله على كل حال، وفي نفس الوقت الأجر الزهيد الذي كنت أتقاضاه لم يفعل شيء للأسف كان يقطع قلبي أبي عندما يعود من العمل وكنت أقول في أعماق نفسي ألف مرة يا ريت لو كانت لي وظيفة لقلت لأبي توقف عن العمل، وكفاك تعبا وإرهاقا، فقد بلغ الستين، هزل جسمه من أجلنا وتعب كثيرا لأجل لقمة العيش الحلال، والشيء الذي مزق قلبي انه دائما مبتسم لا يتذمر وينصحنا بالصبر والتفاؤل بالله، أنا لم أجد ما أقدم له ..تمنيت أن آخذه للحج .. ولكن ...فأردت أن أقدم له شيء يفرحه، وكان ذلك من خلال إصداري الأول.. - كيف بدأت معك مغامرة الكتابة؟ كنت أحب التعبير وأنا في الطور الابتدائي، حيث كنت آخذ تقريبا العلامة الكاملة، وفي المتوسط تطورت كتاباتي إلى خواطر، لكنني كنت أحجبها لنفسي فلا يعلم بوجودها أحد.. وحين كتب لها ان تصدر جمعتها كلها وأضفت لها بعض الكتابات الأخرى، وجعلتها في كتاب واحد كان عنوانه مهدى إلى والدي: « لأجلك أبي». كانت فرحته كبيرة جدا بإصداري الأول وزار معي «سيلا» العام الماضي وكم أسعدني حينها فخره بي... وذلك البريق في عينيه كان بريقا جميل جدا. وعدنا من سيلا.. ففاجأني صاحب الصيدلية بأنه سيوقفني عن العمل..لأنني تغيبت فحطمني قراره ذاك، لكن بعدها كرمني رئيس البلدية، لأني الكاتبة الوحيدة في قريتنا، فشبّ فيّ الأمل من جديد. - من ألهمك في ذلك ومن شجّع موهبتك؟ كنت أطالع الكتب، لا أقدر أن أحدّد لك عنوانا معينا، أحب المطالعة وفقط حتى لو كانت جريدة، لأني أحب إضافة المعلومات القيّمة إلى رصيدي اللّغوي، ومهما تعلمنا، نبقى دائما نتعطش للمزيد، خاصة لتلك المعلومات الايجابية، الهامة، الهادفة والراقية أيضا.. - حدّثينا عن إصداراك وما هي القصة التي تتناولها صفحاته؟ كتابي «من أجلك أبي» يمزج بين قصتين طويلتين هادفتين واجتماعية، الأولى: _صمت ناطق وهي قصة فتاة تجد نفسها وسط حرب عربية عانت كثيرا وتحكي عن حياتها كيف عانت .. من صغرها حتى كبرها وكيف قتل والدها)_هجرة غير شرعية _حوار بين النفس ومثقف وأمّي لم يدرس.. وأيضا بعض الخواطر وأيضا حكم وأمثال وعشر قصص للأطفال هادفة تربوية، جعلته ممزوجا كي تقرأه كل الفئات العمرية. - وحول ماذا يحكي إصدارك الثاني ؟ كتابي الثاني « أنين أمي» كنت عاطلة عن العمل دائمة البحث عن وظيفة ابحث وأمي التي لم تدرس كانت تعطيني دروسا في الحياة لن أنساها.. فوجدت عمل في صيدليه أخرى، في بداية الصيف، كنت أعمل بجهد واصبر على التصرّفات السيئة لصاحب الصيدلية، وكنت أعود متأخرة وأسهر باحثة عن كلمات تليق بإصدار لأمي، وحاولت وأكملت صياغة الكتاب البسيط، وبعدما قبضت راتبي أرسلته لدار النشر، وتوقفت بعدها عن العمل، لأن بعض البشر مازالوا يطبقون للأسف الشديد نظام العبيد، وحمدا لله رب العالمين، فقد صدر « أنين أمي « وذهبت وشاركت به هو الآخر هذه السنة بالمعرض الدولي للكتاب، وكان له إقبالا جماهيريا جيدا، وشجعني القراء ودعموني نفسيا وأشكرهم جميعا فلهم انحناء تقدير واحترام، وأنا أبحث حاليا عن عمل وسط قرية في مجتمع لا يعي سوى المال والنفاق....أحسّ أني أجاهد ضد التيار لولا دعم أبي المستمر. - كمبدعة في بداية الطريق، ما هي نظرتك للكتابة الشبابية ؟ الكتابة الشبابية هي واقعنا الحالي كل يريد أن يكتب، لا أستطيع انتقاد أحد،أنا أتحدث عن نفسي، فقد أردت إهداء أول حروفي لأبي وأمي، فحاولت اتقان ما أقدمه لأنني مسؤولة عما أكتب وسيقرأ الكتاب أي شخص، لذا يجب علي ترك بصمة قوية وأن تكون كتاباتي ذات معنى وهادفة وواقعية. - النشر الإلكتروني فتح مجالات واسعة أمام المبدعين الشباب، هل هو حقا فضاء للتألق؟ ليس الواقع الالكتروني هو فضاء للتألق، التألق يكون أولا بالتعامل مع من حولي بأخلاق وطيبة قلب، بإسعاد حزين وإمساك يد طفل تعثر وبكى، والدعاء لشخص في وجهه، وقول كلمة له تفرحه، لأن الكلمة تخترق الفؤاد أكثر من الرصاصة «‘توجد ألفاظ بسيطة جدا بمقدورنا قولها، لكن لا نستعملها، وهي ترسم البسمة على الشفاه، وهي كلمات بسيطة كصباح الورد والياسمين، وشكرا، وأنت طيب، وكم أنت رائعة وحفظك الله، ودمت متألقا.. لكن وقعها عظيم على النفوس.. - ما هو جديدك القادم؟ جديدي القادم رواية مازالت في سطورها الأولى، كما أنني سأكتب قصصا للأطفال، لأن البراءة تلهمني وتقديم الأفضل لها مسؤولية نؤجر عنها. - كلمة أخيرة؟ لا أحد فرح لأني أكتب عن أسرتي فقط أبي وأمي وثلة من إخوتي فقط، كل يوم أسمع الجملة القاسية «كي كتبتي واش الفائدة»، ولكن لا يهمني رأيهم أو رأي غيرهم ...سأستمر في الكتابة والإصدار وأتوكل على الله سبحانه وتعالى ودعوات أمي وأبي..