أجمع إعلاميون، على ضرورة إعادة الاعتبار للمهنة بوضع ميثاق أخلاقيات لضبط العمل الصحفي، وهذا في إطار فتح ورشات عمل لإصلاح شامل في قطاع الإعلام، التي أعلن عنها وزير الاتصال الناطق الرسمي للحكومة عمار بلحيمر، وهي الخطوة المهمة التي ينتظرها الكثيرون لإنهاء وضعية عمرت أكثر من عقدين، تسببت في احتكار المعلومة و طغيان سلطة المال خاصة مع فتح مجال السمعي البصري أمام الخواص مما أضر بمصداقية المؤسسات الإعلامية، وحاد بها عن المهام التي أنشئت من أجلها، وهي ضمان حق المواطن في إعلام حر و نزيه، بعيدا عن المس بكرامة وحرية الأفراد. بوخدشة: القانون الأساسي وميثاق لأخلاقيات المهنة أهم الانشغالات لاحظ رئيس المجلس الوطني للصحافيين الجزائريين رياض بوخدشة أن إعلان وزير الاتصال عن إطلاق ورشات عمل لإصلاح القطاع توجه هام وضرورة لإصلاح قطاع الإعلام أو منظومة الاتصال لكن هذه المرة مع التغييرات التي شهدتها الجزائر يتوقع خيرا لأن الوزير أولا إعلامي متمرس إبن القطاع وهو إعلامي وصحفي وأكاديمي ما سيسمح بأن تكون الأمور مغايرة لما عرف في السابق. أما بخصوص الورشات المعلنة، قال بوخدشة إنه من الضروري أن ينخرط الصحفيون في مسار إصلاح المنظومة بالأخص فيما يتعلق بإدراج تعديلات على القانون العضوي للإعلام، إضافة إلى ذلك من الضروري إصدار قانون أساسي خاص بمهنة الصحفي، القانون العضوي المتعلق بالإعلام وكذا البطاقة المهنية للصحفي المحترف وأخيرا ميثاق أخلاقيات المهنة وآدابها، هي عناصر ثلاثة من الضروري التعجيل بها على أن تكون موضوع جلسات وطنية للإعلام يشارك فيها الشريك الاجتماعي وهو نقابة الصحفيين مشكلين في إطار المجلس الوطني للصحفيين الجزائريين وهو هيئة تنفيذية تضم كل أنواع الصحافة الموجودة في الجزائر إلى جانب وزارة الاتصال، والحكومة من خلال تواجد ممثل لها في الورشات، يشارك فيها أيضا مهنيون لهم خبرة وأكاديميون من أساتذة جامعيين وخبراء في الإعلام والاتصال، وقد وصف هذا المطلب بالمستعجل. وواصل في تصريح ل «الشعب» حديثه «أنه يجب أن يتبع هذه الملفات القانون الخاص بالإشهار الذي يمكن اعتباره حساسا جدا لما فيه من تداخلات كثيرة، وقال بوخدشة إنه لا يخص مسألة توزيع الإعلانات العمومية المتعلقة بالوكالة الوطنية للنشر والإشهار فقط وبل يشمل أيضا مسألة مهمة أخرى هي كيفية أن يشمل هذا الإشهار نوعا من الإعلام الحديث أي الإشهار الرقمي الموجه إلى الصحافة الإلكترونية التي أصبحت اليوم تفرض نفسها بديلا عن الصحافة المكتوبة أو المطبوعة. كما أشار بوخدشة إلى جانب مهم أيضا من الورشات يتعلق بالشق الاجتماعي للصحافيين فمن المفارقة حسبه أن نتحدث عن حرية التعبير وعن مهنة الصحافي لتكون في المستوى وممارسوها يعيشون ظروفا اجتماعية مزرية وقاهرة، من الضروري اليوم تأسيس صندوق التضامن الوطني ما بين الصحفيين، ومن الضروري اليوم أيضا تعزيز وتأسيس طب العمل فلا يمكن أن نتجاهل الأمراض الخطيرة التي تصيب الصحفيين وهم في عمر الزهور، هناك نسبة كبيرة من حالات الإصابة بالأمراض المزمنة كارتفاع الضغط والسكري حتى أن معظم الوفيات التي تحصل في قطاع الصحافة سببها الأزمات القلبية والأمراض المزمنة، وهو الواقع الذي يفرض تأسيس طب مهني للصحفيين وإنشاء مركز وطني لراحة الصحفيين وعائلاتهم والتكفل ببرنامج وطني خاص لإسكان الصحفيين. وأكد بوخدشة أيضا على وجوب رد الاعتبار للصحفي فيما يتعلق بالحصول على المعلومة، يجب أن تكون بطاقة الصحفي أداة وصول إلى المعلومة ومصدرها في إطار هيكلة أو تنظيم ما يسمى بالإعلام المؤسساتي، حتى يستعيد المكلف بالإعلام دوره في القيام بواجبه إزاء الصحفي حتى تكون هناك علاقة تكاملية بين الصحفي والمكلف بالإعلام والاتصال فيما يتعلق بتزويد المواطن بالمعلومة وتكريس المفهوم الحقيقي للخدمة العمومية للإعلام. بريزة برزاق: ورشات العمل جاءت في إطار إصلاحات كبرى قالت الإعلامية بريزة بالرزاق في حديثها إلى «الشعب» إن مبادرة وزير الاتصال جاءت في إطار ورشات الإصلاح الكبرى التي فتحها رئيس الجمهورية ومرتبطة بتعديل الدستور فهي لا تعتقد أن تكون توازنات عامة في إصلاحات الدستور الجديد بدون تعديل قانون الإعلام وتكريس حقوق الإنسان والحريات الموجودة، وترى في نفس السياق أن الورشة الأولى من تعديل الدستور ستكون مرتبطة أساسا بضمان الحريات، فالحق في الإعلام من أولى حقوق المواطن. وأشار إلى ضرورة ووجوب تحرير الإعلام فلا يمكن للدولة أن تخطو خطوة نحو الإصلاحات العميقة بشتى مناحي الحياة دون فعل ذلك والمقصود هنا ألا يترك هذا القطاع الحيوي في الفوضى التي يعيشها، لكن يجب أن نفكر في الكيفية التي نجسد بها الإصلاحات على أرض الواقع، وقالت إنها وعلى مستواها تعتقد أنه لو وصلنا إلى الرقابة ستكون مسؤولية أكبر على الصحفي فلو أعطيناه الفرصة والمساحة الكبيرة من الحرية سيعرف كيف يكون مسئولا وبالتأكد من المعلومة بعيدا عن القذف أو المساس بالحياة الخاصة للأشخاص، هذه المسألة يمكن ربطها بمشروع قانون نبذ الكراهية والتعصب، فدور الإعلام سيكون كبيرا في هذه النقطة بالذات. نصيرة صبيات: التخلص من سلطة المال أكدت الأستاذة في كلية الإعلام والاتصال نصيرة صبيات أن الورشات التي دعي إليها وزير الاتصال كانت لسنوات طويلة أهم مطلب نادي به الإعلاميون، لذلك كان لزاما اختيار هيئات مختصة من ذوي الخبرة لتعمل في الصدد. ولعل أهم شيء ممكن سيكون مفصليا لنجاح الورشات هو أن تكون من أهل المهنة. ومن الأشياء الأساسية أيضا، أكدت أن القضاء على احتكار مصدر المعلومة ضروري لتحقيق مصداقية المؤسسات الإعلامية وهو مطلب لا يمكن أن يتحقق إلا إذا فتحنا المجال للوصول إلى المعلومة فكلها مترابطة مع بعضها البعض. أما فيما يتعلق بالمواقع الإلكترونية كشفت صبيات أن هيكلة المواقع الإلكترونية بقوانين رادعة لكل من يخرج عنها وفتح المجال أمام كل من يريد العمل في المجال الإعلامي تعتبر أكثر من ضرورية لإبعادها عن نشر الأخبار الكاذبة والتي أصبحت في الآونة الأخيرة تحاول التأثير على الرأي العام.