شدد محمد السعيد، رئيس «حزب الحرية والعدالة»، (قيد التأسيس)، على أن نجاح الدستور مرهون بمدى اتساعه وشموله لكافة أطياف المجتمع وتياراته، ولم يخف أمله في أن تكون الإصلاحات السياسية «فاتحة عهد جديد، مرحلة أملاها مستوى تطور المجتمع وارتفاع درجة وعيه السياسي»، مؤكدا بأننا مطالبون بالبحث الجماعي لطي تداعيات الصفحة الأليمة في جو من التوافق الوطني سلطة وأحزابا ومجتمع مدني لترسيخ المصالحة الوطنية لأن مسار التنمية ومصير الديمقراطية يتوقفان عليها. حرص المسؤول الأول عن «حزب الحرية والعدالة»، في كلمة مطولة ألقاها أمس لدى افتتاحه أشغال المؤتمر التأسيسي المنعقد بمقر تعاضدية عمال البناء بزرالدة، على التوضيح بأن «ما نعيشه من تفاوت بين تطلعات الشعب وبين ما يقدم له من مشاريع وخدمات، أفرز وضعا غريبا ضاعت فيه القيم والأخلاق والمبادئ واستشرى الفساد وعم التسيب وصار المجد فيه للمال وليس للرجال والكفاءات»، الأمر الذي أدى إلى انتشار عقلية التشكيك وتراجع هيبة الدولة، وهي حالات وصفها محمد السعيد، بالمرضية التي تستدعي حلولا جذرية وليس ترقيعية. وتوقف محمد السعيد لدى تناوله الإصلاحات السياسية، عند تعديل الدستور، موضحا بأن نجاحه «مرهون بمدى اتساعه ليشمل كافة أطياف المجتمع وتياراته وقواه»، لأن المسألة حسبه «ليست تقليد أي نظام أو نمط سياسي، أو صيغة مؤسساتية بعينها «يقتضي التوافق على نظام مؤسساتي يضمن الاستقرار الدائم ويفتح أبواب الحرية». واعتبر منسق الهيئة التأسيسية ل«حزب الحرية والعدالة»، بأن «نهج الإصلاح الحقيقي والضروري طويل وشاق، لأنه يبدأ بتغيير الذهنيات ونبذ الاتكالية والتسليم بأن مفاتيح المستقبل بأيدينا»، مشيرا إلى أنه «لو تغلبت اعتبارات الدولة على حسابات السلطة»، لكان الحزب قد عقد مؤتمره التأسيسي قبل سنتين ونصف. وعرج محمد السعيد، على المراحل السياسية، بدء بعهد الحزب الواحد ومرورا بمظاهرات 5 أكتوبر 1988، واصفا إياها «بنقطة تحول في الحياة السياسية تبعها التعبير عن غايات سياسية جديدة، منها كسر كل الاحتكارات، لاسيما احتكار السلطة والانتقال من الأحادية إلى التعددية الحزبية، ومن الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق»، لكن ميول الاحتكار أضاف يقول «لم تنته لا عند القوى تقع داخل هياكل السلطة ولا عند القوى الجديدة التي لم يهتد الأكثر تنظيما منها آنذاك إلى استخلاص الدروس من التجربة السابقة... فأظهر في خطاباته وممارساته الأولى ميولا احتكارية إلى الحكم أثارت مخاوف قوى اجتماعية وشكلت مصدر خطر على الديمقراطية الوليدة». واستنادا إلى تحليل المرشح للانتخابات الرئاسية الأخيرة، فإن هذه المعطيات التي تزامنت ووضع اقتصادي حرج «أدخلت البلاد مرحلة توتر متصاعد بلغت ذروتها مع إيقاف المسار الانتخابي وإعلان حالة الطوارئ وتقييد الحريات، ونجمت عنها مواجهات دموية دمرت فضائل الحوار والعمل السياسي، وقضت على فرص الإصلاح والانتقال السلمي إلى المرحلة الجديدة»، محدثة «شرخا عميقا بين المشروع الوطني والمشروع السياسي الإسلامي والحال أنهما متكاملان». جدير بالذكر، أن أشغال المؤتمر تميزت بحضور الدكتور أحمد طالب الابراهيمي الوزير الاسبق لعدة قطاعات، وعلي كافي، رئيس المجلس الأعلى للدولة سابقا، وعبد الله جاب الله، رئيس «جبهة العدالة والتنمية» (قيد التأسيس) بدوره، والعضو القيادي لخضر بن خلاف، وأحمد الدان عضو قيادي في «جبهة التغيير» (قيد التأسيس)، والتي لم تتحصل بعد على ترخيص لعقد مؤتمرها التأسيسي، وعلي يحي عبد النور الرئيس الشرفي للرابطة الجزائرية لحقوق الانسان.