تستأنف المحادثات حول مستقبل الشراكة الاقتصادية بين الجزائر وفرنسا قريبا حول ملفات تصنف ثقيلة وذات مدلول استثماري سينعكس على الطرفين بشكل ايجابي ومباشر إذا ما توفرت النوايا الحسنة وتخلص الضيوف بقيادة رافران من عقدة حسابات أطراف لا تريد الاعتراف بالحقائق على الأرض مفضلة الاختفاء وراء كليشيهات تجاوزها الزمن وهي تخدم وفق إستراتيجية تتجاوز بكثير الجوانب الاقتصادية البحتة. الملفات الثلاث التي تمت صياغتها وتخص مشروع تركيب سيارات شركة »رونو« ومصنع »لافارج« لإسمنت ومشروع »توتال« لتركيب مصنع للإيتان قد تعرف مرورا للتجسيد إذا ما قبل الطرف الآخر قواعد اللعبة الواضحة واقتنع بمعادلة شراكة متوازنة ترتكز على تقاسم الأعباء والمنافع في المديين المتوسط والبعيد من جهة، وعرف أيضا المفاوض الجزائري المكلف، كيف يجذب المعنيين بتسويق جيد للمؤشرات المرتبطة بالاستثمار وامتلاك القدرة على إقناع الطرف المقابل بأن الساحة الاقتصادية المحلية الاستثمارية منها والتسويقية ذات مميزات تنافسية إقليميا ودوليا خاصة للمحاور الصناعية المطروحة على الطاولة. وإذا ما تخلص صناع القرار في باريس من عقدة التاريخ وأدركوا جيدا أهمية الشراكة مع بلد مثل الجزائر التي تحوز أوراق تنمية قوية بشهادة صندوق النقد الدولي نفسه، فإن إمكانية نجاة المنظومة الاقتصادية أمر ممكن، علما أن السوق الجزائرية لها من الضمانات ما لا يوجد في سوق أخرى ومن ثمة الرهان عليها مسألة مضمونة الربح. من الطبيعي أن إلقاء جسور الشراكة بالمعايير المقبولة من الطرفين بعيدا عن تلك الممارسات من تماطل وتضييع للموارد وخسارة للوقت يفتح فرصا أكثر رحابة تعود بالمنفعة على الطرفين، بل وستعود الفائدة على الفضاء الأوروبي نفسه الذي يرزخ تحت تهديد أزمة إفلاس اليونان، وليس عجيبا أن يعثر على حل من الحلول في قلب الضفة الجنوبية من المتوسط. بلا شك أن رافران من منطلق تجربته وتفتحه، كما يبدو على أفق واسع للمستقبل، لكن دون الدوس على الماضي بكل ملفاته التي تعالج في الإطار المناسب يمكنه أن يقدم إضافة في صياغة الموقف الرسمي للإليزيه، بحيث يمكن حينها وضع الشراكة على السكة السليمة.