التنمية البشرية، الانتقال الطاقوي والتحول الرقمي لبناء اقتصاد جديد توفير الضمانات لتكافؤ الفرص أعلن الوزير الأول عبد العزيز جراد، أمس، عن تمسك الرئيس تبون وحكومته، بالحوار والتشاور، لجعل الجزائر في منأى عن كل المخاطر، مبرزا أن مسؤولية كل القوى السياسية والنخب والمواطنين تتجلى في التجنيد والعمل سويا لبناء الجزائر، وفق تطلعاتهم وطموحاتهم المشروعة. قال جراد، خلال عرضه مخطط عمل الحكومة، أمام أعضاء مجلس الأمة، في جلسة علنية ترأسها صالح قوجيل، إن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون وحكومته عازمون على المضي قدما مع كل القوى الوطنية عبر الحوار والتشاور والشراكة الصادقة والنزيهة من أجل جعل الجزائر في مأمن عن كل المخاطر بصورة نهائية، وبذلك تتجلى مسؤولية كل القوى السياسية والنخب الاقتصادية والاجتماعية وجميع المواطنين في التجنيد والعمل سويا لبناء الجزائر. وفي هذا السياق، أبرز ذات المسؤول أن مخطط عمل الحكومة سيسلط الضوء على ضرورة التعجيل بإجراء مراجعة عميقة لإحداث قطيعة مع السياسات السابقة التي وسعت الهوة وأفرزت إدارة مكلفة ومبذرة وفئات كاملة من المجتمع ما فتئت تزداد هشاشة، موضحا أن الحكومة من هذا المنظور مدعوة إلى العمل على جبهتين اجتماعية حيث يجب أن توفر الضمانات لتكافؤ الفرص وتهيئة مناخ تطبعه الثقة والأمل انطلاقا من أن الجزائر التي نطمح إليها لا تقصي أحدا، وأخرى اقتصادية التحدي الرئيسي فيها يتمثل في إعادة بعث الاقتصاد الوطني وطمأنة المتعاملين الذين تأثروا من عرقلة آليات المنافسة وعدم استقرار التشريع. وأشار إلى أن الأساليب القديمة التي تجاوزها الزمن أدت إلى تفاقم الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية فأسهمت في الوقت نفسه في إعاقة المبادرات بدلا من تحفيز ظهورها، وعلى هذا الأساس ستعمل الحكومة من خلال مرجعية استمدتها من برنامج رئيس الجمهورية على إحداث قطيعة تامة مع الممارسات السابقة وذلك بالتركيز على ثلاثة مبادئ هي التنمية البشرية والانتقال الطاقوي والتحول الرقمي. ويتضمن مخطط عمل الحكومة 5 فصول، الفصل الأول يتحدث عن جمهورية جديدة نابعة من عمق التطلعات الشعبية، وهذا بجعل مؤسسات الدولة لا تنبثق إلا عن الإرادة الشعبية دون سواها، وكذا وضع حد للفساد، كما أشار إلى ذلك رئيس الجمهورية في التزاماته 54 التي تعهد بها، ومن خلال توجيهاته فإن الجزائر ستكون على موعد مع تأسيس دستور جديد، يضع الأسس الديمقراطية والاجتماعية التي يتطلع إليها الشعب الجزائري، ولتحقيق هذه الغاية فإن الجهود سترتكز على السعي إلى إيجاد نمط جديد للحكم، يتسم بالصرامة والشفافية، ومن شأنه ضمان ترسيخ القيم والمعايير الأخلاقية وأخلقة الحياة العامة والوقاية من الفساد ومكافحته. كما يتعين أن تعمل الحكومة من خلال تقنين مبدأ التوظيف على أساس الجدارة، موازاة مع تعزيز الديمقراطية التشاركية وآليات المتابعة والرقابة والتدقيق، إضافة إلى ضمان ممارسة كاملة للحقوق والحريات في الاجتماع والتظاهر السلمي، وضع عدالة مستقلة وعصرية، ضمان أمن الأشخاص والممتلكات، صحافة ووسائل إعلامية حرة ومسؤولة، وإرساء علاقة وظيفية تكاملية بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في ظل الاحترام والثقة المتبادلة. أول وكالة بنكية في الخارج ويركز الفصل الثاني من مخطط عمل الحكومة، حسب الوزير الأول، على تجديد النمط الاقتصادي الجزائري على أساس النموذج الاقتصادي في كل أبعاده وتسطير استراتيجية اقتصادية متناسقة، للخروج من المنظومة الريعية والبيروقراطية، ولتحقيق ذلك تم تفصيل ثلاثة محاور ستنصب فيها كل الجهود وهي الإصلاح المالي، والتجديد الاقتصادي، ومحاربة البطالة. ومن أجل إصلاح عميق للمنظومة المالية، حددت 4 اتجاهات أولها إصلاح النظام الجبائي، الذي يفرض العدالة من خلال إعفاء الضريبة عن المداخيل الشهرية التي تقل عن 30 ألف دينار، والفعالية والسرعة في التحصيل الضريبي، حوكمة الميزانية، ومن أجل تلبية الطلب الاجتماعي يجب تقديم طرح جديد يقوم على تقليص النفقات والتخلي من جهة عن نموذج الإنعاش من خلال عدم التركيز على النفقات العمومية فقط وإعادة تفعيل الاقتصاد من خلال فتح فضاءات ونوافذ جديدة وفرص الاستثمار وحلول جديدة. أما عصرنة المنظومة المصرفية والمالية، فتحتاج إلى إقامة بنوك متخصصة وصناديق استثمارية مخصصة للمؤسسات الصغيرة والمؤسسات الناشئة، وكذا فتح أول وكالة بنكية جزائرية في الخارج، مع العمل على تطوير الإعلام الإحصائي والاستشرافي، واستكمال دراسة استراتيجية الجزائر لآفاق 2035. ويستلزم التجديد الاقتصادي الذي يرافق الإصلاح المالي، سياسة اقتصادية جديدة تقوم على الابتكار والتنافسية والمعرفة، وسوف يكون الأمن الغذائي والتحول الطاقوي والرقمي في صلب هذا التجديد. وفيما يخص الفصل المتعلق بالتنمية البشرية والسياسة الاجتماعية، حددت الحكومة –يضيف جراد- عدة أهداف في ميادين التربية والتعليم العالي والتكوين المهني، الصحة والثقافة والرياضة، وفي مجال التربية تم التركيز على إجبارية التمدرس والتكفل بالتلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة والإصلاح البيداغوجي لاسيما ترقية فرع الرياضيات والتقنيات الرياضية وتحسين حوكمة المنظومة التربوية عن طريق التكوين ودعم التمدرس والحوار والتشاور، مع الشركاء الاجتماعيين، وفي مجال التعليم العالي سيتم الانطلاق من التغيرات الضرورية للوصول إلى تعليم عالي الجودة وتكوين النخب وأقطاب البحث المرجعي للاستجابة إلى تطلعات المؤسسات بتزويدها بالموارد البشرية التي تمكنها من انتزاع مواقعها في السوق في ظل العولمة. وفي مجال التكوين المهني الأعمال تتمحور حول تحسين وضعية التكوين التقني والتكنولوجي، إنشاء البكالوريا المهنية وعصرنة ورقمنة النشاطات وتحسين جو العمل. أما في مجال الصحة، فوضعت الحكومة ضمن أولوياتها ضمان توفير العلاج وأنسنة النشاط الصحي لاسيما تحسين الاستقبال والتغطية الصحية للسكان مع سنّ إجراءات رئيسية تشمل تعزيز تكوين مهنيين في الصحة، الوقاية من الأمراض المتنقلة ومحاربتها، التكفل بالأمراض غير المتنقلة، والمخاطر المرتبطة بالبيئة والمناخ، وتعزيز البرامج النوعية في ولايات الجنوب والهضاب العليا خاصة الأمومة والطفولة. وحددت الحكومة 6 محاور في إطار السياسة الاجتماعية منها رفع القدرة الشرائية للمواطن وتعزيزها من خلال رفع الأجر الوطني الأدنى المضمون، التكفل بالفئات الهشة لاسيما ذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين، والحفاظ على منظومة العمل الاجتماعي، وتوسيع الحصول على السكن مع استهداف الأسر ذات الدخل الضعيف، وضمان الحصول على الماء الشروب والغاز وتحسين ظروف النقل. دبلوماسية اقتصادية وتمسك بالمبادئ الثابتة وفي الفصل الرابع ستعمل الحكومة من أجل تفعيل سياسة خارجية نشطة واستباقية لتعزيز مكانة الجزائر كقوة إقليمية، وفية لعقيدتها ومبادئها الأساسية ومنها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والتسوية السلمية للنزاعات ودعم الدبلوماسية الاقتصادية وقد تجسد ذلك في استحداث وكالة التعاون والتنمية التي أعلن عنها رئيس الجمهورية مؤخرا، وسيبقى أفراد الجالية الجزائرية في صلب اهتمامات الحكومة، حيث سيتم إشراك الكفاءات في بناء الجمهورية الجديدة. في حين سيبقى الجيش يمارس مهامه الدستورية مثلما جاء في الفصل الخامس، لتعزيز الأمن والدفاع الوطني، وزيادة على مهامه في تأمين الحدود سيشارك في التكفل الطبي والصحي في المناطق المعزولة.