ستظل رسالة الشهداء خالدة خلود أرواحهم الطاهرة في جنّات الخلد، والمتمعن في هؤلاء الذين ضحّوا بشبابهم وقدّموا أنفسهم قربانا لهذا الوطن، يدرك جيدا أنهم اختاروا طريقهم عن قناعة راسخة وإيمان عميق وليس طيش أو اندفاع شباب، كما يتصور البعض؟، فأمثال الشهيد، بوعلام رحّال الذي رثاه رفيق زنزانته في سجن «سركاجي» المجاهد والفنان، المرحوم محمد الباجي في رائعة «المقنين الزين» تروي تفاصيل واحد من هؤلاء الشباب الذين اختاروا الجزائر وفضلوا أن تفصل رؤوسهم عن أجسادهم ولا تنحني ذلا للاستعمار وجلاديه، استعمار لم يتوان عن اقتراف كبيرة من الكبائر لكي يتخلّص من ذلك الشاب اليافع في 19 من العمر فقام بتزوير شهادة ميلاده لأن قانون الإدارة الاستعمارية حينها لم يكن يسمح بتنفيذ حكم الإعدام في حق من هم دون العشرين فقامت يد الإثم بإضافة 10 أشهر كاملة في عمر «المقنين الزين» زورا وبهتانا لينفذوا فيه حكم الإعدام، نعم إلى تلك الدرجة كان الشباب الجزائري يرعب استعمارا كان يقف وراءه الحلف الأطلسي؟ لأنه كان يدرك جيّدا أن هؤلاء الشهداء كانوا أكبر بكثير من أرقام في زنزانته المظلمة ولكنّهم مصابيح مضيئة ودماؤهم الزكية كانت معالم لطريق الحرية والاستقلال. دم الشهيد لن يجف أبدا وسيبقى ذلك الوقود الذي يبعث فينا حب هذا الوطن ويرسّخ فينا قناعات التضحية من أجله. للشهداء أحفاد وأبناء في مدارس أشبال الأمة والعلاقة بينهما خاصة وتحمل الكثير من الرمزية، كيف لا ومدارس أشبال الثورة احتضنت بالأمس القريب أبناء هؤلاء الشهداء وفيها تعلّموا وفهموا أن أباءهم استشهدوا من أجل هذا الوطن الغالي وفيها تشبّعوا بحبه وهاهم أحفادهم اليوم في مدارس أشبال الأمة ينهلون من نفس المنبع ويهتدون بنفس المشكاة، إنها أمانة الشهيد التي ستجد دائما من يؤديها إلى آخر نفس ورمق، لأن هذه الأمانة اسمها الجزائر التي مات دون أدائها الشهداء بالأمس بصدور عارية وأقدام حافية، يذود عنها أحفادهم اليوم بآخر التكنولوجيات وبالتكوين العلمي العالي في مدارس أشبال الأمة والنتائج المحققة في الامتحانات والمسابقات الوطنية تثبت أن هؤلاء أهل لأداء الرسالة وحمل المشعل.