ارتأينا ونحن نحيي الذكرى ال 64 لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة أن نستحضر بهذه المناسبة الغالية نضال أحد المجاهدين البواسل الذين كان له شرف تأسيس أول خلية فداء على مستوى سيدي بلعباس ألا وهو بن زينب الحاج وذلك على لسان ثلاثة من المجاهدين عايشوه وتعلموا منه أشياء كثيرة قبل وأثناء الثورة وناضلوا معه ضد المحتل الغاشم بالحي الشعبي * القرابة* الذي شهد أحداثا عديدة يجب نفض الغبار عنها. *شارك في العديد من العمليات الفدائية يعد المجاهد بن زينب الحاج المعروف ب* المانكو* لأن يده اليسرى مبتورة , من المناضلين الأوائل الذين أسسوا خلية الفداء في عام 1953 بسيدي بلعباس حيث كان يكون ويزرع هو وشقيقه بوزيان الوعي السياسي والنضالي في نفوس المراهقين والشباب داخل دكانه للمواد الغذائية المتواجد بالحي الشعبي *القرابة* حيث حوله إلى مركز لملاقاة المناضلين ورسم خطط لمواجهة الاحتلال الغاشم نذكر منهم بغدادي زين العابدين وعاشور زواوي وبداك لحسن وعسال معاد وسيد أحمد سدي وصورية بن ديمراد والطيب براهيم شريفة ...واخرون , وجميعهم التحقوا فيما بعد بجيش التحرير واستشهدوا في ساحة الشرف . استعمل دكانه بالقرابة كمركز لنشر النضال و التخطيط للعمليات
هذا وكان أيضا يعد العدة مع رفاقه لاسيما منهم البطل عبد القادر بومليك الذي ظل ملازما له لأجل توسيع دائرة الفداء وتحريض الشباب الجزائري على محاربة الاستدمار بشتى الوسائل والطرق وقد نجح هؤلاء في احراق بعض مزارع المعمرين والقضاء على عدد من العملاء ووضع قنابل داخل الحانات التي كان يرتادها المعمرون وأفراد اللفيف الأجنبي وإحراق دكاكين للبيع بالجملة منها دكان يهودي مختص في بيع القماش . ألقي عليه القبض مع رفيق دربه عبد القادر بومليك
* المانكو* واصل نضاله على هذا المنوال بل وراح يكثف من نشاطه غداة اندلاع الثورة التحريرية المباركة إلى جانب رفيقه عبد القادر بومليك الذي لم يكن يفارقه إلى غاية نوفمبر1956 أين ألقي القبض عليهما إلى جانب حر عبد القادر وصالح لقرع عقب وشاية أحد عملاء الاستعمار فزج بهم جميعا في سجن سيدي بلعباس ليمكثوا فيه 6 أشهر. ثم نقلوا إلى سجن وهران وأحيلوا على المحكمة التي قضت عليهم ب 20 سنة ثم استأنفت المحكمة العسكرية حكمها وأصدرت في حقهم جميعا حكم الإعدام ثم التحق بهما من سيدي بلعباس فرعون الجيلالي وصايم عباس وكان مصيرهما الحكم بالإعدام في السجن . *الهلال الأحمر يتدخل لدى الصليب الأحمر الدولي لإلغاء حكم الإعدام في صُدر حقه وقد نفذ حكم الإعدام بالمقصلة في حق البطل عبد القادر بومليك يوم 4 ديسمبر 1956 في الوقت بقي بن زينب الحاج ورفقاؤه ينتظرون دورهم غير أن تدخل الهلال الأحمر الجزائري لدى الصليب الأحمر الدولي أدى بسلطات الاحتلال إلى إلغاء حكم الإعدام في كثير من المسجونين مع الإشارة هنا إلى أن ولاية سيدي بلعباس تحصي 38 مجاهدا محكوما عليهم بالإعدام , بينهم اثنان وهما عبد القادر بومليك وصقال شعيب نفذ فيهما حكم الإعدام بالمقصلة في سجن وهران . *الحكم بالإعدام كان وراء فصل أبنائه الثلاثة من المدرسة ومن هناك حول إلى سجن البرواقية الذي مكث فيه سنة كاملة ثم إلى سجن لامبيوز ببسكرة الذي ذاق في زنزاته ألوان التعذيب حيث كانت رجلاه مقيدتين بسلسلتين من حديد كل سلسلة تزن15 كلغ ليتم إطلاق سراحه في أوت 1962 وقد جيء به إلى قديل بنواحي وهران ثم إلى سيدي بلعباس تحت حراسة العسكر الفرنسي مخافة أن تغتاله يد المنظمة السرية المسلحة التي وضعته في القائمة السوداء. قضى سنوات تعذيب في سجون وهران والبرواقية ولامبيز ببسكرة إلى غاية الاستقلال وغداة استرجاع السيادة الوطنية ساهم في تأسيس الشرطة الأولى بسيدي بلعباس بهدف حفظ النظام العام وظل يدافع عن أرامل الشهداء باعتبارهن رمزا من رموز الثورة المباركة مع الإشارة الى أنه اشتغل عاملا بمقر دائرة سيدي بلعباس إلى أن التحق بالرفيق الأعلى في أكتوبر 1996 ==== محمد نجل بن زينب الحاج: *ساهم أبي في إنشاء مدرسة تابعة لجمعية العلماء المسلمين لحبه للعلم * و يقول بن زينب محمد نجل بن زينب الحاج وهو متقاعد اشتغل في شركة نقل المسافرين ومارس فن المسرح أن أباه المعروف ب * المانكو* ولد في 1915 , درس بوهران وبالتحديد في * المدرسة* بحي المدينة الجديدة على يد الشيخ الطيب المهاجي والشيخ بن كابو حيث احتك هناك بأعضاء جمعية العلماء المسلمين ليعود إلى أولاد ميمون التي ولد وترعرع فيها أين انخرط في حزب حركة انتصار الحريات وساهم هو وثلة من أصدقائه ( حميدو وحجاج وتكفي وكشمير وايدير وبربار وعزي ) في إنشاء * المدرسة * التابعة لجمعية العلماء المسلمين قبل أن يأتي إلى سيدي بلعباس ويستقر نهائيا بالحي الشعبي القرابة في سنة 1952. مضيفا * كنت أرافقه قبل نشوب الثورة وأنا طفل صغير إلى المداشر والقرى في عمله التوعوي حيث كان يحث و يدفع الشباب إلى الانخراط في النضال السياسي ومحاربة المستدمر وحدث أن ذهبت معه إلى بني صاف والى ندرومة وحضرت حفل افتتاح * مدرسة* جمعية العلماء المسلمين الذي أشرف عليه الشيخ البشير الابراهمي . لقد كان أبي كما يؤكده رفاقه في الكفاح والنضال مخلصا لدينه ووطنه , نشيطا حيويا لا يكل ولا يمل , يكره الاستبداد والظلم , لم تكن له أطماع لتولي المسؤولية ولا لجمع المال . وكان يردد دوما: الاحتلال الفرنسي دخل بالرصاص ولن يخرج إلا بالرصاص . لينهي كلامه معنا بسرد حادثة مؤلمة لازالت راسخة في ذهنه كونها أثرت أيما تأثير على مجرى حياته.فما ان قضت المحكمة على والده بالإعدام حتى أصدر جينرال اللفيف الأجنبي بسيدي بلعباس أمرا يطلب فيه من مدير مدرسة أفيسان ( ابن سينا )فصله عن الدراسة في الحين هو وأخواه مصطفى وسيد أحمد فسارع إلى تنفيذ الأمر بدون تردد باعتبارهم أبناء فلاق خطير, وظل ملاحقا من قبل الشرطة فما كان عليه سوى التوجه إلى وهران وعمره آنذاك 14 عاما مختفيا عن الأنظار وأشتغل هناك عند أحد الجزارين بحي لاباستي إلى غاية نيل الحرية والاستقلال. ----------------------- المجاهد قمرة بومدين *كان بن زينب الحاج صارما لا يهاب الموت * التحق قمرة بومدين ب*المدرسة* التي كان يشرف عليها الشيخ القباطي محمد تحت لواء جمعية العلماء المسلمين لأجل تعلم القراءة والكتابة وأمور الدين وكذا النضال السياسي ثم ما لبث أن انضم إلى خلية الفداء التي كان يديرها بن زينب الحاج وعبد القادر بومليك في 1953 وجعل من محل الحلاقة الذي كان يمتلكه بالطحطاحة في الحي الشعبي * القرابة* مركزا يلتقي فيه المناضلون والفدائيون لإعداد العدة والقيام بالعمليات الفدائية ضد الشرطة الفرنسية و المعمرين وعملاء الاستعمار حيث كان يمدهم بالمسدسات ويذكر هنا أنه تم القضاء على عميل مختص في بيع السوندويشات بالطحطاحة بعدما تأكد تعامله مع البوليس الفرنسي حيث كان يمدهم بالمعلومات حول تحركات الفدائيين .يقول قمرة : كان محلي أشبه بخلية النحل يتردد عليه الفدائيون صباح مساء منهم بن زينب الحاج * المانكو* الصارم في مواقفه والذي لا يهاب الموت إلى أن انكشف أمري وزج بي في السجن حيث سلط علي الاحتلال أشد أنواع التعذيب لازالت أثاره ماثلة في أنحاء جسمي . واليوم أحمد الله تعالى على نعمة الحرية والاستقلال التي لا تضاهيها أي نعمة وأنتهز الفرصة لأنصح الشباب الجزائري بوجوب الحفاظ على هذا البلد الغالي الذي ضحى من أجله مليون ونصف المليون شهيد . فلا وطن لهم سواه.
====== المجاهد كولال بوشاقورالمدعو *بوحفص*: *كنت أترصد أنا و بوزيان تحركات العسكر والعملاء و نأتي بها إلى * المانكو* لا يزال المجاهد بوحفص يتذكر تلك الفترة التي قضاها في النضال والجهاد قبل وأثناء الثورة التحريرية المباركة بفخر واعتزاز وهو مقعد في منزله الكائن بحي بني عامر فاقد للبصر جراء الداء الذي أصابه وعمره 85 سنة حيث يقول: تعلمت مبادئ النضال السياسي بمدرسة حي عبو التي ساهمت في تشييدها كبناء حيث كان يشرف عليها الشيخ الأطرش حمة كمدير ومجاهد في ان واحد قبل أن انخرط في صفوف حزب الشعب ضمن الخلية التي كان يرأسها بن زينب الحاج مع شقيقه بوزيان الذي كان صديقي بامتياز وكان لي شرف متابعة محاضرة دينية وتوعوية ألقاها الشيخ الابراهيمي ب *المدرسة * بحي القرابة كما كان لي الشرف أيضا في أن أكون من بين الحضور الذين شهدوا حفل افتتاح مدرستين لجمعية العلماء المسلمين في كل من بني صاف وندرومة على يد العلامة نفسه حيث كلفت مع جماعة بتوزيع مجلة البصائر على الحضور. مثل هذا الأحداث المتتابعة رسخت في نفسي حب الوطن وكراهية الاحتلال والظلم والاستبداد. وغالبا ما كنت أجلس بمقهى البوصفور بالطحطاحة أترصد أنا وصديقي بوزيان تحركات العسكر والشرطة والعملاء ثم نأتي إلى * المانكو* ونمده بكل المعلومات عنهم إلى أن اندلعت الثورة التحريرية فصعدت إلى الجبل مع الجنود بمنطقة فقرم بنواحي سعيدة تحت قيادة الضابط لشلش نحارب العدو ثم رجعت إلى سيدي بلعباس بسبب ضعف بصري نتيجة المرض لكن ما لبت أن عاودني الحماس لألتحق من جديد بصفوف الثوار وهذه المرة بعين الفرد بنواحي معسكر تحت مسؤولية الشريف إلى غاية استرجاع السيادة الوطنية . وفي الختام أدعو شباب اليوم إلى خدمة وطنهم والاستثمار في ثرواته لاسيما في مجال الفلاحة فهي مصدر رزق كثير اذ من شأنها استحداث مناصب شغل بالالاف و التخلص من التبعية الغذائية. ===== المجاهد عزي سيد أحمد: تعلمت من *المانكو *الإخلاص والشجاعة والحفاظ على الصلاة يذرف المجاهد عزي سيد أحمد الدموع كلما استعاد ذكرياته حول أحداث الثورة التحريرية المجيدة ,ذلك أنه ذاق وليات التعذيب إلى جانب بن زينب الحاج * المانكو* في الزنزانة الجماعية التي كانوا بداخلها في سجن وهران قبل تحويله إلى سجن البرواقية حيث كان يقوم بالأعمال الشاقة كتفتيت الحجارة وحمل الأثقال والسياط تنهال على جسمه الذي لايزال يحمل أثارها إلى غاية انتزاع الجزائر لحريتها , وبعدها لم يبد أي مسعى للحصول على شهادة العضوية في جيش التحرير الوطني قناعة منه أنه جاهد في سبيل الله وفي سبيل تحرير الجزائر الغالية لأمن أجل الحصول على المنصب أو المال . يقول عزي : لقد تعلمت من * المانكو* وأنا أنشط معه كفدائي بنواحي أولاد ميمون أشياء كثيرة :الإخلاص والصبر الجميل والشجاعة ونكران الذات والحفاظ على الصلاة وأكثر من ذلك ألا أهاب الموت و أحب وطني وأذود عنه بكل غال ونفيس.