تراهن الجزائر على ادراج اصلاحات جذرية في هيكل النظام المالي الدولي الحالي، وتعتبر بروز الازمة الحالية التي عصفت بالمؤسسات المصرفية، الوقت المناسب بهدف إرساء مشروع نظام نقدي مالي دولي شفاف وعادل يصنف جميع دول العالم الثرية منها والفقيرة. لم تتأخر دول الجنوب منذ عدة عقود خلت في الدعوة الى ضرورة انشاء نظام مالي يخصص فيه فضاء يضم البلدان النامية خاصة الافريقية بهدف الاستفادة من ايجابيات العولمة وأخذ حصصا من المساعدات الموجهة للتنمية وفتح الأبواب لتدفق الاستثمارات الأدبية نحوها، حتى يتسنى لها خلق الثروة ومكافحة الافات الاجتماعية، يتصدرها الثالوث الخطير. وكان رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة قد أكد بأن الظروف المحيطة بالأزمة الى جانب الامكانيات المتوفرة من موارد وفكر اقتصادي يتمتع بالكثير من الدقة من شأنه أن يساعد الدول على الخروج من الأزمة التي تعصف بالمؤسسات المالية الدولية. ويرى الرئيس في كل هذا أن الأولوية في خطة انقاذ البدان المتضررة باثار الازمة وتداعياتها تكمن في طمأنة الرأي العام، عن طريق إعادة الثقة الى الأسواق، وإعادة تأهيل المؤسسات المالية والبنكية، وشدد القاضي الأول في البلاد في سياق متصل على ضرورة إعطاء، في هذه الاصلاحات، دفع قوي للاقتصاد وتجنب حدوث الركود بهدف حماية تدهور القدرة الشرائية. وما تجدر اليه الاشارة، فان القدرة الشرائية معرضة للتقهقر بفعل تداعيات الأزمة المالية العالمية في عدة بلدان، لاسيما منها الجزائر بفعل تراجع مداخيل النفط ويبدو أنه لا يوجد بديلا لها سوى خلق الثروة خارج دائرة النفط، عن طريق تقوية اقتصادها بتفعيل وتيرة الاستثمارات الحقيقية والناجعة للخروج من دائرة الاتكالية على ما تدره ثروة الذهب الأسود. ويتوقع رئيس الجمهورية انه من شأن الاجراءات التي ذكرها أن تعمل على التخفيف من مخاطر استفحال الأزمة المالية العالمية. وشدد السيد الرئيس على ضرورة أن تصل المجموعة الدولية التي تعكف في الوقت الحالي على مو اجهة الازمة الى تكريس رشاد الحكم المالي العالمي الذي تطالب به الأغلبية. ولم يخف الرئيس استحسانه لما تم اقتراحه من طرف خبراء وعلماء الاقتصاد، ويتعلق الأمر باعادة النظر في اتفاقية بروتن وودز جديدة، غير أن الرئيس اشترط أن يتم في كل هذا خلق نظام يتيح إنشاء هيئة ضبط ورقابة دولية تسهر على ابعاد مظاهر الاختلال والاخطار التي تصيب المنظومة مهما كانت عواملها. وابرز موقف الجزائر من الأزمة المالية العالمية ورؤيتها الثاقبة والمتقدمة في تشريح الأزمة الراهنة ولم تتوقف عند هذا الحد، بل اقترحت سلسلة من الإجراءات التي تساهم في الحد من مخاطر استفحال الأزمة. ------------------------------------------------------------------------