تستقبل الجزائر الشهر الكريم في ظروف استثنائية فرضها وباء كورونا الذي جعل العالم يقلب صفحة من تاريخ الإنسانية ليكتب أخرى جديدة حددت حروفها انانية جعلت من إيطاليا درسا حيا لتخلي الاتحاد الاوروبي عن سلاسله المترابطة والمتلاحمة، وأمريكا التي حوّلها الفيروس التاجي الى صوت حي لمبدأ البقاء للأقوى، فيما لم تنتظر بلادنا ربحا من الازمة الصحية الاستثنائية التي تعيشها لان مبدأها كان وما زال الانسان أولا. الهبّ ة التضامنية التي شهدتها مختلف أنحاء الوطن، التكيف السريع للمؤسسات العمومية التي حولت نشاطها لما يتناسب ومتطلبات الأزمة الصحية من كمامات، وسائل التعقيم، وضع تطبيقات الكترونية لخريطة تطور الوباء، انخراط الجامعة والكفاءات أينما كانت في السياسة الوطنية لمجابهة كورونا، كل تلك الجهود المبذولة وأخرى اماطت اللثام عن مجتمع يحاول تجديد نفسه من خلال تغيير سلوك أفراده تجاه الأخر، بغية ترسيخ مبدأ المواطنة بالمعنى الواسع في ظل اشاعات روجت لأكاذيب عن عدم القدرة على مواجهة الفيروس التاجي، وإصرار البعض على محاولة ضرب الثقة التي عززتها كل تلك الإجراءات الاحترازية. سيكون الرهان كبيرا في رمضان لان كوفيد-19 فرض خيار الحجر الصحي المنزلي والتباعد الاجتماعي كسلاح ضد الفيروس، وهو خيار يحتاج الى وعي ومسؤولية حتى يستطيع المواطن التخلي عن كثير من العادات والتقاليد التي ارتبطت لقرون بالشهر الفضيل الذي يعرف نشاطا استثنائيا مقارنة بالشهور الأخرى. واليوم المواطن أن يتعود رمضان دون مساجد رغم أنها جوهره، وان يتعود سهراته دون تراويح، وكذا دون الزيارات العائلية، لكن في كل هذا فرصة ذهبية لعبادة لم يخالطها رياء لان الصائم سيأتيها في بيته.