بحرُ بونةَ لي والسَّماءُ،وهما الأزرقان في الأزرقِ الذي أحبُّهُ وأشتاقُ إليهِ،والنبضُ طائرٌ بينهما في أقاصي الأمل،وكنتُ أجيءُ البحرَ كي يرافقني إلى السماءِ وقد اصطفتني إليها ،وكنتُ على ولهٍ بها وعاشق لها،ولم يكنْ معي غيرُ قلبي،وهذا الاخضرارُ لي وأذكرُ أنُهُ دثَّرني... أكنتُ هنالكَ أم أنَّ كلَّ ذلكَ كانَ هنا،وبداخلي؟ وأسمعُ النهاوندَ منَ الحفيفَ الشجيَّ عند تخومِ الحنايا،أتبكي الآنَ الحنايا،والبحرُ بعيدٌ والسماءُ قصيَّةٌ؟ وعلامَ السُّؤالُ يا جمالُ؟ وليسَ لي منْ جوابٍ،وبونةُ في المدى منْ ذاكرتي،وأستدعيها مجنَّحةً كيْ تجيءَ رؤايَ فأُلامسَ ماءها عندَ حدودِ المنى،وأصعدَ كيْ أعلوَ فتمسحَ عن القلبِ وعثاءَ وحدتهِ عندَ تخومِ الرحيل إليها،وتعرفُ أني لها منَ المحبينَ وأني لم أخنها بالغيب،وأنها أنثايَ في لغتي وأنها في الحشا منْ أنايَ،وهلْ لي غيرها وهي لا تريدُ سوايَ؟ وهي تسكنُ الباءَ في الأبديَّةِ منَ أقاصي التاءِ في الملكوتِ،وقدْ علمتني من بحرها هذي المحبة،ومنْ سمائها هذي المودة،وفي الاخضرارِ هاتيكَ البراءة التي كنتها،منْ إيدوغَ إذْ يتعالى عصيًّا وأشتهيهِ بهيًّا،وقدْ اصَّاعدَ القلبُ إليهِ مريداً،والأشجارُ ظليلةٌ،وأغصانها حنونٌ،وإنِّي لعبتُ الغميضةَ وادَّاريتُ خلفَ الجذوعِ،وأغمضتُ عينيَّ فأراني ما لم يرَ غيري،وقادني تحنانُهُ لأترابي بعدَ تعدادي،والناصيةُ مشعَّةً عند العضُدِ،والصَّوتُ فرحٌ بالنبرةِ السكرى،والأسماءُ انغامَّتْ في الدَّكْتةِ من الذاكرة،ولمْ يبقَِ لي غيرُ اللحظةِ السادرة،وبها الآنَ أكتبُني وأكتبها،والأزرقان في عناقهما يحنوان عليَّ،والصفاءُ منهما قبسٌ دان،والأخضرُ الأخضَريُّ يدعو لي،في القربِ منهُ وفي البعدِ منِّي،فيطيرُ الوجيبُ ممسوساً ومنخطفًا،والرُّوحُ شاخصةٌ في البهاءِ،والنورُ يدعوها إليهِ،يا الأخضرُ البرزخيُّ في الألقِ المرتجى،إني أراني في الحضورِ المرتضى غائباً عنِّي وعن اسمي واسمِها،وما الأسماءُ،ولا اسمَ لي الآنَ وليس لها؟وهلْ نحنُ في اللَّيسَ من ليسَ في البياضِ من البياضِ المشتهى..؟ *من زمنِ الأزرقيْنِ في الأخضر البرزخيِّ...