لم تمنع الجائحة التي هزّت العالم على غرار الجزائر، المثقفين والكتاب والأدباء والفنانين من التواصل مع قرائهم وجمهورهم واستمرارية نشاطاتهم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، والتي كانت بالنسبة لهم بمثابة المتنفس الوحيد للخروج من الحجر الصحي المفروض على جميع الجزائريين، بتعليق النشاطات بمختلف المؤسسات الثقافية والفنية الموزعة عبر ربوع الوطن إلى إشعار آخر..الفن التشكيلي بدوره واحد من الفنون الذي اقتحم الفضاء الافتراضي، رسامون لم يقفوا مكتوفي الأيدي وانتظار عودة المعارض وفتح قاعات العروض الخاصة بنشاطاتهم، حيث أن الفضاء الأزرق سبيلهم اليوم لعرض لوحاتهم الفنية أمام الجمهور المتعطش والمحب لهذا النوع من الفنون. باتت الأنشطة الثقافية والفنية اليوم تتصدّر صفحات الفضاء الافتراضي، والذي أصبح لا يخلومن المحاضرات الأدبية، المسابقات الموجهة للكبار والصغار وفي مختلف المجالات مسرح، سينما، رسم، عرض نصوص شعرية، مقتطفات لروايات صدرت حديثا..ومعارض للفن التشكيلي ووطنية ودولية أعطت الفرصة للعديد من الأسماء الصاعدة خاصة للتعريف بمواهبها على أوسع نطاق. في هذا الإطار لم تتأخّر «بونة» من استغلال هذا الفضاء لعرض ألواح ورسومات أبنائها من الفنانين التشكيليين وتنظيم معرض افتراضي للفن التشكيلي..ليكون على سبيل المثال «محمد دميس» واحد من الفنانين السينوغرافيين الذين ضربوا موعدا لمحبيهم على مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال معرضه «معراج الألوان الافتراضي في الفن التشكيلي»، بمناسبة إحياء شهر التراث الثقافي في ظل الرقمنة، والذي تم عرضه على الصفحة الرسمية لمديرية الثقافة لولاية عنابة. كما تمّ تنظيم معرض افتراضي للفنان التشكيلي «احسن بوساحة» ،وذلك في إطار احتفال الجزائر باليوم الوطني للفنان، حيث تمّ التذكير عن طريق فيديو بدور الفنان في إنشاء المعرض الوطني الأول للفنون التشكيلية عام 1980 بمدينة سوق اهراس، والذي أصبح دوليا في 1982 قبل أن يتوقف لأسباب مجهولة. استذكار لقامات فنيّة لم تفوّت دار الثقافة لعنابة فرصة استذكار قاماتها الفنية وعلى رأسهم الفنان التشكيلي الكبير «بشير بلونيس»، والتي سمحت لرواد صفحة دار الثقافة من التعرف على الرسام والنحات العصامي، والذي شاء القدر أن يقوده حسّه المرهف وآلامه إلى طريق الفن، بوجه الخصوص أثناء دورة تدريبية في الميكانيك التي مارسها في إيطاليا، حيث اكتشف أروع الأعمال الفنية الإيطالية، وبعودته إلى الجزائر، أخذ يشق طريقه كفنان عصامي، وشاركت لوحاته في البيع بالمزادات العلنية للأسواق التشكيلية.. دعي لأول مرة لإنجاز منحوتتين تذكاريين في مدينتين فرنسيتين، وكان النحت الوحيد والأخير الذي استطاع أن ينجزه بمدينة مرسيليا ضخما (طوله 10 أمتار)، ونصب تذكاري للشهيد باجي مختار. مديرية الثقافة استذكرت أيضا وعبر فضائها الافتراضي الفنان التشكيلي الكبير نور الدين بوعامر، أحد ركائز الحركة الفنية التشكيلية الجزائرية بمدينة عنابة، والذي كان له حضور على المستوى الوطني والدولي بمشاركته في معارض متنوعة، كان لها الأثر على مسيرته الفنية والتعريف بالفن التشكيلي في المحافل الدولية. مسابقات في الفن التّشكيلي اللجوء إلى العالم الافتراضي لم يقتصر فقط على مديرية الثقافة بعنابة، بل إنّ العديد من الفنانين التشكيليين، والجمعيات المهتمة بالفن التشكيلي على المستوى الوطني لجأت إلى مواقع التواصل الاجتماعي لمواصلة عرض نشاطاتها، على غرار الجمعية الولائية «لمسات للفنون التشكيلية» لخنشلة والتي نظّمت «الصالون الدولي الافتراضي للفن التشكيلي» تحت شعار «اجلس في بيتك، لمسات تعرض أعمالك»، ناهيك عن «اتحاد الفنانين التشكيليين الجزائريين» الذي يعرض دوريا أعمال أعضائه من الفنانين، و»نادي الريم للفنون التشكيلية» بدار الثقافة محمد الأمين العمودي، والذي بدوره كان في الموعد من خلال المسابقة الافتراضية التي نظمها بعنوان «لا حدود للفن»، ليكون الفنان «قرمام عادل» صاحب 10 سنوات من ولاية معسكر، أصغر مشارك في المعرض الافتراضي الدولي، حيث شارك في أربع صالونات افتراضية الكترونية تحت ظروف الجائحة.