وزارة التربية الوطنية تعلن عن رزنامة الامتحانات للسنة الدراسية 2025/2024    جامعة وهران 1 "أحمد بن بلة" في المرتبة الثانية وطنيا حسب تصنيف "سيماجو" الدولي    مواصلات سلكية ولاسلكية: زروقي يتحادث ببرشلونة مع نظيريه الصومالي والموزمبيقي    الجزائر تعرب عن قلقها إزاء تفاقم الوضع الإنساني في فلسطين والانتهاكات الممنهجة في الصحراء الغربية    رمضان 2025 : الديوان الوطني للخدمات الجامعية يسطر برنامجا خاصا لفائدة الطلبة    أمطار رعدية مرتقبة على عدد من ولايات الوطن ابتداء من يوم الثلاثاء    المهرجان الثقافي الوطني للعيساوة بميلة: انتقاء 14 فرقة وجمعية للمشاركة في الطبعة ال14    كرة القدم : انطلاق المرحلة الثالثة من تكوين مشغلي نظام حكم الفيديو المساعد "الفار"    جامعة باتنة 1 تتحصل على براءتي اختراع جديدتين    كرة القدم/ تصفيات كأس العالم 2025: المنتخب الوطني للإناث يباشر معسكره التحضيري تحسبا لمقابلة بوتسوانا    المرصد الأورومتوسطي: وقف إدخال المساعدات إلى غزة تصعيد خطير يفاقم الكارثة الإنسانية    التلفزيون الجزائري يحيي السهرات الغنائية "ليالي التلفزيون" بالعاصمة    انطلاق عملية بيع قسيمة السيارات لسنة 2025    باتنة تحي الذكرى 67 لاستشهاده البطل بن بعطوش    الأونروا) تعلن استمراريتها في تقديم الخدمات الصحية بغزة    خنشلة : أمن دائرة بابار توقيف شخص و حجز مخدرات    باتنة : الدرك الوطني بالشمرة توقيف عصابة سرقة المواشي    إحباط تهريب كميات من المواد الغذائية    نكبات فلسطين والجامعة العربية..؟ !    ضرورة تعزيز دور الجامعة في مجال الاقتصاد المبتكر    سعيود يترأس اجتماعا ليرى مدى تقدم تجسيد الترتيبات    الغذاء الأساسي للإعلام في علاقته مع التنمية هو المعلومة    الخطط القطاعية ستكون نواة صلبة لترقية الصادرات    قانون المنافسة لمكافحة المضاربة والاحتكار وحماية المواطن    عادل عمروش مدرب جديد لمنتخب رواندا    غويري سعيد بقيادة مرسيليا للفوز ويشيد بثقة دي زيربي    مدرب بوتسوانا يتحدى "الخضر" في تصفيات المونديال    تكريم 12 خاتما لكتاب الله    دوريات تفتيشية مفاجئة على الإطعام بالإقامات الجامعية    عطاف يحل بالقاهرة لتمثيل الجزائر في أشغال الدورة غير العادية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة    رئيس الجمهورية يستقبل نائب رئيس الوزراء الإيطالي    "سوناطراك"- "إيني".. رضا تام لمستوى علاقات الشراكة    حجز 2 مليون كبسولة من المؤثرات العقلية    بيوت تتحول إلى ورشات لإنتاج "الديول" و"المطلوع"    صيام بلا انقطاع بفعل الفزع والدمار    تصاعد الهجوم المخزني على الحقوق والحريات    البطل العربي بن مهيدي فدائي ورجل ميدان    السيادة للعروض المسرحية    إطلالة مشرقة على الجمهور بعد سنوات من الغياب    رمضان فرصة لإزالة الأحقاد من النفوس    فرنسا تمارس التضليل للتحريض ضد الجالية الجزائرية    موسم الحج 2025: السيد سعيود يسدي تعليمات للتكفل الأمثل بالحجاج على مستوى المطارات    اليوم العربي للتراث الثقافي بقسنطينة : إبراز أهمية توظيف التراث في تحقيق تنمية مستدامة    المدية: وحدة المضادات الحيوية لمجمع "صيدال" تشرع في الإنتاج يونيو المقبل    فتاوى : المرض المرجو برؤه لا يسقط وجوب القضاء    وزارة الثقافة تكشف عن برنامجها خلال شهر رمضان    وزارة الثقافة والفنون: برنامج ثقافي وفني وطني بمناسبة شهر رمضان    كرة القدم داخل القاعة (دورة الصحافة): إعطاء إشارة انطلاق الطبعة الرابعة سهرة اليوم بالقاعة البيضوية بالعاصمة    كانت تعمل بيومية الجمهورية بوهران    يخص الطورين من التعليم المتوسط والثانوي    أوغندا : تسجل ثاني وفاة بفيروس "إيبولا"    عبد الباسط بن خليفة سعيد بمشاركته في "معاوية"    صلاة التراويح    مولودية الجزائر تعزّز صدارتها    ذهب الظمأ وابتلت العروق    بحث سبل تعزيز ولوج الأسواق الإفريقية    شهر رمضان.. وهذه فضائله ومزاياه (*)    العنف يتغوّل بملاعب الجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا يعني أن تجمد مصر اتفاقية الغاز مع اسرائيل؟
نشر في الشعب يوم 24 - 04 - 2012

أفادت معلومات من الداخل الاسرائيلي، أول أمس، الاثنين بأن استعدادات جادة يجريها الكيان الصهيوني للرد على القرار الجريء للحكومة المصرية من خلال '' الشركة المصرية القابضة للغاز'' والقاضي بوقف تصدير الذهب الأبيض الى تل أبيب ما يعني قرارا من طرف واحد. يأتي هذا بعد مرور 33 سنة من توقيع اتفاقية السلام الشهيرة في كامب دايفد بمشاركة أمريكية، وعشية نقل السلطة في القاهرة من المجلس العسكري الى المدنيين. فماذا يعني أن تصير العلاقات التجارية بين تل أبيب والقاهرة الى هذا المصير ؟ وهل حقا يكتسي النزاع الجديد طابعا تجاريا صرفا ؟ وهل تحذو بقية الدول العربية التي تمر بمرحلة انتقال ثوري حذو مصر في اعادة رسم علاقاتها التجارية مع الكيان الصهيوني؟ وكيف ستتعامل إسرائيل ومعها المجموعة الداعمة لها مع الموقف الجديد؟
إحياء خيار المقاطعة الاقتصادية
ليس جديدا أن تتعرض امدادات الغاز المصري لإسرائيل للخطر، فقد شهدت أنابيب النقل العابرة لصحراء سيناء على الحدود مع العدو 14 حريقا في ظرف عام واحد أي منذ نجاح المصريين في إبعاد الرئيس المخلوع عن الحكم. وتؤمن مصر 43 بالمائة من حاجيات الكيان الصهيوني من الغاز وهو ما يوازي 55 بالمائة من الصادرات المصرية من الغاز عبر الأنابيب، ويتفوق بكثير على نصيب كل من الأردن وسوريا. ولو تتمكن مصر من اثبات حقها القانوني والتجاري في تجميد اتفاقية الغاز مع تل أبيب فلن تخسر شيئا حيث أن الغاز المصري يباع تفضيليا لإسرائيل بسعر يقل كثيرا عن مستواه العالمي بسبب بند السعر الذي يعود الى العام 2004، بل ستربح القاهرة كثيرا لأنها بذلك ستحيي خيار المقاطعة الاقتصادية والذي يعود الى قرابة 70 سنة خلت.
لقد اعتمدت جامعة الدول العربية قرار مقاطعة اسرائيل تجاريا العام 1945 وتأسس بدمشق مكتب المقاطعة الإقتصادية لإسرائيل العام 1951 وظلت المقاومة الإقتصادية للإحتلال شعارا شعبيا بين جميع سكان المنطقتين العربية والإسلامية الى غاية ظهور مفردات التطبيع ومسارات السلام والتسوية وحرية التجارة العالمية. وحتى عندما قررت مصر العربية تصدير جزء من غازها للسوق الإسرائيلية تحركت الآلة الشعبية منددة ومازال الجذب بين الأطراف الممانعة والمطبعة حول ملف الغاز المصري الموجه للإستهلاك الإسرائيلي قائما لحد الساعة، بل ازداد قوة بعد الحراك الثوري في ميدان التحرير.
والمتابعون لخيار المقاطعة الإقتصادية والتجارية للعدو يدركون كم هو سلاح فعال أن تشترط الحكومات العربية والإسلامية على الشركات الأجنبية عند إبرام الصفقات أن تخلو تلك الصفقات من أي مكون ذي منشأ إسرائيلي خاصة وأن الولايات المتحدة الأمريكية التي تمثل المصدر رقم واحد للمساعدات التي تتلقاها إسرائيل من العام تمثل في نفس الوقت الشريك التجاري الأول لمجموع الدول العربية ليس من منظور أسواق السلع والخدمات وحدها ولكن من زاوية توظيف الرساميل أيضا.
وعلى الرغم من الجدوى التجاري المهم الذي تتيحه الأسواق العربية والإسلامية للشركات الغربية الداعمة لإسرائيل، إلا أن تراجعا متزايدا مازال يطال خيار المقاطعة وقد ساعدت الفضاءات الجديدة للتبادل العالمي على تكريس هذا التراجع مثل: مسار برشلونة، الشراكة الأورومتوسطية، الإتحاد من أجل المتوسط، مسار التجارة العربية الحرة، المناطق التجارية الحرة بين أمريكا وبعض الدول العربية وأخيرا مسار منظمة التجارة العالمية وجميعها فضاءات استفادت منها إسرائيل بالدرجة الأولى بسبب ضعف التحكم العربي في إثبات شهادات المنشأ وقابلية جل الدول العربية للضغوطات الغربية تحت غطاء التبادل الحر تارة وتارة أخرى تحت غطاء مواجهة ''المعاداة للسامية''، كما لعب التفكك في النظام السياسي العربي دورا مساعدا في إضعاف الموقف التفاوضي للدول العربية أمام مشاريع انسياب التجارة وحركة رؤوس الأموال، مما يعني أن زاوية مهمة في مسار مقاومة الإحتلال لازالت بعيدة عن التوظيف بالشكل المناسب، ومن ذلك مثلا غض الطرف عن العيوب القانونية التي مازالت تشوب بعض اتفاقيات التبادل التجاري مع تل أبيب ومنها اتفاقية تصدير الغاز المصري الى إسرائيل، وهي العيوب التي دفعت الحكومة في القاهرة الى إخطار تل أبيب بوقف العمل بالاتفاق بغض النظر عن الانعكاسات السياسية لذلك.
الخلفية السياسية
قال وزير خارجية الكيان الصهيوني معلقا على القرار المصري بأن القاهرة تشكل خطرا على تل أبيب يفوق الخطر الايراني. وعلق غيره من مسؤولي الصف الأول مثل وزير المالية يوفايل شتايتنز بأن القرار المصري سابقة خطيرة قبل أن يتراجع الجميع، أمس الثلاثاء، عن تصريحاتهم السابقة ليضعوا النزاع الجديد في المنطقة في خانة النزاع التجاري البحت.
ويفهم من مثل هذه التصريحات أن توريد الغاز المصري الى تل أبيب يمس الأمن القومي للعدو بشكل مباشر وهذا صحيح لأن أي تعديل في النظام التجاري العربي تجاه اسرائيل لن يخرج عن إطار تطبيق خيار المقاطعة وبالتالي يكرس قاعدة ''الخسارة '' على المديين القصير والبعيد.
وبلغة الأرقام خسرت إسرائيل أثناء فترة المقاطعة أي لغاية العام 2000 ما حجمه 90 مليار دولار وهو رقم مهم بالنسبة لإقتصاد ضيق يعيش على المساعدات ولا يتجاوز ناتجه الداخلي الخام 100 مليار دولار. ولو استمرت المقاطعة بالشكل الذي رسم لها منذ العام 1922 تاريخ بداية هذا الخيار من الجانب الفلسطيني لأمكن الضغط على الكيان الصهيوني بشكل أقوى في موضوع الإستيطان وتهويد القدس وحصار غزة. وتفيد آخر الأرقام أن إسرائيل ماضية في عملية تهويد المدينة المقدسة بميزانية سنوية حجمها 1,25 مليار دولار تمول جلها الأرباح المتأتية من التجارة ومساهمات رجال الأعمال اليهود النشطين عبر العالم والمساعدات الغربية. وفي نفس الوقت تزداد الأوضاع الإقتصادية بين الفلسطيين سوءا لتطال البطالة 67 بالمائة من الفلسطينيين القادرين على العمل ويأتي الفقر على 15 بالمائة من السكان. وتبلغ المفارقة ذروتها بين الجانبين الإسرائيلي والعربي عندما يعجز ''صندوق دعم الأهالي المهددين بهدم منازلهم'' عن توفير أكثر من 50 مليون دولار لهذا الغرض.
وتفيد أرقام إستهلاك السجائر في الوطن العربي من الماركات الداعمة للكيان الصهيوني ومشتريات السلاح من الدول الحليفة للمحتل بأن ما يصل للخزانة الإسرائيلية من ريع هذه الأسواق وحدها كاف لتمويل ميزانيات حربية بأكملها إضافة الى توفير المال اللازم لتوسيع المستوطنات وضرب المقاومة المسلحة. وتشكل تجارة السلاح في مراكز الاقتصاد العالمي الداعم الأقوى لمشاريع اسرائيل في منطقة الشرق على خلفية اليد الاسرائيلية في تملك الجزء الأهم من أسهم تلك الشركات، وعندما نعلم بأن مشروع نقل الغاز المصري الى تل أبيب يتم عبر شركة أمريكية هي '' أمبال أميريكان اسرائيل '' يكون من الواضح أن المشاريع التجارية بين اسرائيل والحكومات العربية لا تخلو من مكون سياسي وبالتالي لن تعدم آثارا جيوسياسية في المنطقة كلها. فهل تفتح المبادرة المصرية بتجميد العمل باتفاقية تصدير الغاز الى الداخل الصهيوني الباب أمام مبادرات عربية مماثلة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.