شخصيات عديدة تقدم نفسها على أنها مختصة في القانون الدستوري وعارفة بالشأن الجزائري، اختارت منابر إعلامية على المقاس لعرض وجهات نظرها بشان مشروع تعديل وثيقة اسمي القوانين، لكنها لم تتحرر من صور نمطية، كليشيهات وأفكار جاهزة ظلت ترددها على الملأ عبر مواقع التواصل الاجتماعي. لم تتناول مداخلات هؤلاء من خلال توزيع أدوار وتقاسم وظيفة، نصوصا معروضة للإثراء حسب ما يقتضيه مسعى استكمال إقامة الدولة الوطنية اعتمادا على مرجعية وأسس ثابتة تعزّز وظيفة دولة المؤسسات وتحصنها مستقبلا من حالة لا استقرار وطوارئ. لن تتناول مداخلات هؤلاء مضامين نصوص وردت في المشروع التمهيدي يراهن عليها في تعزيز منظومة حكم، عهداتها محددة بشكل يسمح بالتداول على السلطة والتباري في اعتلاء المسؤولية وتولي مناصب سيادية تساعد على إدارة شؤون الرعية وتسيير البلاد بمواصفات الكفاءة، النزاهة وروح المواطنة والوطنية. عكس هذا التوجه، انصبت المداخلات على زوايا مختارة بدقة دون تكليف نفسها عناء الاجتهاد في تقديم نظرتها على أشياء تخدم بلد يسابق الزمن لاستعادة موقعه في محيط جيو-سياسي مضطرب وبناء نفسه وعلاج مشاكله عبر ورشات إصلاح وتغيير جذري يشكل تعديل الدستور أول منطلقات مسار التجدد والتقويم. بعيدا عن هذا الطرح، تمادت هذه الأطراف في انتقاد كل شيء مبدية رفضا مطلقا لمشروع لم يحض بالقراءة المتأنية والتحليل الضروري الذي تقتضيه المشاورة والنقاش باعتبار الدستور جوهر الإصلاح السياسي الشامل أحد التزامات الرئيس عبد المجيد تبون لاستكمال إقامة الدولة الوطنية التي تحكمها المؤسسات بعيدا عن عبادة الشخصية والأهواء. يجب التذكير في هذا المقام بجملة من مقترحات تضمنها مشروع تعديل الدستور اعتبرت قفزة نوعية في تعزيز الممارسة الديمقراطية تخص جوانب مهمة من الحياة العامة، منها أخلقة العمل السياسي ومحاربة الفساد والبيروقراطية والرهان على مجتمع مدني أكثر فعالية وشراكة في تسيير المرفق العمومي وضبط البرامج. يجب التذكير كذلك بالتسهيلات الممنوحة في إنشاء الجمعيات السياسية وغير السياسية وتوسيع المراقبة التشريعية وإنشاء محكمة دستورية لها حق الرقابة على القرارات المتخذة أثناء الحالة الاستثنائية لتفادي تكرار تجارب مضت ولدت أزمة دستورية وانسدادا سياسيا لا يمكن تكراره.