على غير العادة لم تشهد الأحزاب السياسية في هذا الموعد، حركة واسعة بمقراتها بل أن أغلبها كانت فارغة وتخلو من الحركية التي لطالما ميزتها في كل حدث انتخابي تعيشه الجزائر، إلا أن الوضع اختلف مع الاستفتاء على تعديل الدستور، بالرغم من مساهمة عدد كبير من التشكيلات السياسية في إنجاح الحملة الدعائية للتصويت لصالحه. «الشعب « قامت بجولة ميدانية إلى بعض مقرات الأحزاب السياسية بالجزائر العاصمة بالتزامن مع تأدية الواجب الانتخابي ورصدت الأجواء التي تميّزت بعدم وجود حركية داخل وخارج الكثير من مقرات الأحزاب بينها الأرندي، جبهة المستقبل، الأفلان وحزب تاج والتي شاركت في تحسيس المواطنين عبر مختلف ولايات الوطن بأهمية التصويت على مشروع الدستور وشرح بنوده وأهم ما جاء فيه من مواد تسمح بإرساء معالم الجزائر الجديدة وتعزيز مستقبلها، فضلا عن ترقية الحياة السياسية للبلاد. واعتبر ممثلو بعض الأحزاب السياسية، في اتصال مع «الشعب» أن موعد الاستفتاء الشعبي على تعديل الدستور يعد وقفة لبناء أسس جزائر جديدة وإحداث التغيير الشامل في مختلف القطاعات ودعم التحول الديمقراطي والرجوع الى الشعب لاختيار مصيره لأول في تاريخ الجزائر المستقلة، مشيرين إلى أن القوانين وحدها غير كافية اذا لم تتسلح بإرادة شعبية قوية. وأكدوا أن التصويت على وثيقة الدستور في هذا اليوم المميز الذي تزامن مع تاريخ اندلاع ثورة نوفمبر التحريرية يعد فرصة من أجل الاستجابة للإرادة الشعبية الواسعة، مضيفين أن تعديل وثيقة الدستور ضرورة حتمية لتجسيد مناخ اقتصادي وسياسي واجتماعي يساهم في تنمية وإصلاح شامل لمختلف القطاعات. من جهته، أفاد المكلف بالتنظيم والهيكلة بجبهة المستقبل، ورئيس سابق للجنة مراقبة الانتخابات الرئاسية والخبير القانوني، فاتح بوطبيق الوحيد الذي كان يسهر على متابعة العملية بمقر الحزب، أن الاستفتاء على الدستور يؤسس لارادة شعبية ودور المواطن النضالي المستمر في تجسيد الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبناء مؤسسات أكثر قوة وصلابة وبناء قوانين الجمهورية، مبرزا أن وثيقة الدستور تضمنت دور الشعب الجزائري ونضاله عبر التاريخ من أجل الحرية والاستقلال ولتحقيق مستقبل أفضل يبنى بالحوار والعمل الجاد. وأشار بوطبيق ل «الشعب» إلى أن هذا الحدث الانتخابي الهام الذي صادف الفاتح من نوفمبر يعد استجابة لطموحات الشعب الذي خرج إلى الشارع في حراك شعبي سلمي يوم 22 فيفري للمطالبة بتغيير الأوضاع قائلا «إن الدستور جاء لاستكمال مسار الاصلاحات وبعث مرحلة جديدة متعلقة باسترجاع المصداقية والثقة وفي مجال الحقوق والحريات». وأضاف المكلف بالتنظيم والهيكلة بجبهة المستقبل أن امتحان الاستفتاء على الدستور يجعل الجميع أمام محك التحديات الداخلية والخارجية وكيفية العمل على جعل الشعب الجزائري متمسك بحياة سياسية ايجابية دائمة. وحسب المتحدث، فإن القرار الوطني لابد أن يطعم بإرادة شعبية قوية من خلال بناء أسمى القوانين في الدستور الجديد مما يسمح بمعالجة الاختلالات والإشكاليات التي كانت تعيشها الجزائر في السابق، بالإضافة إلى القضاء على بعض الفراغات القانونية وبناء مؤسسات قوية وفق أسس وقوانين واضحة، مؤكدا أن المواطن حر في اختيار موقفه ولا يوجد أي وصي عليه إلا ما تعلق بكيفية تجسيد ديمقراطية حقيقية. ودعا عضو جبهة المستقبل إلى حماية صوت الشعب والعودة إلى القرارات الثورية والتاريخ الجزائري المجيد وأن يحتكم الجميع الى لغة الضمير والواقع وكل ما يخدم الصالح العام ويساهم في بناء جمهورية جديدة مع الابتعاد عن يفرق بين الجزائريين والأفكار الهدامة والفضاءات والمواقع التي تسعى الى التخريب دون حسيب ورقيب، قائلا «إن إضفاء على مؤسسات الجمهورية الطابع الشعبي القوي سيجعل المسؤولين يتخذون قرارات تجد آذانا صاغية من طرف الشعب الجزائري». وشكل موعد الاستفتاء على تعديل الدستور فرصة لعودة نشاط الأحزاب السياسية بقوة على الساحة الوطنية بعد قرابة عام من الجمود الذي فرضه الانسداد السياسي، وما ولده من حراك شعبي غيّر المشهد السياسي وأسس لبناء جمهورية جديدة، ما من شأنه أن يساهم في رسم صورة جديدة عن العمل الحزبي وفق معايير ما بعد الحراك.