القنصليات التي تُفتَح في الإقليم المحتل «أكشاك دبلوماسية» مفلسة نأمل أن تنخرط أمريكا في الدفع قدماً بعملية السلام أكد الدكتور سيدي محمد عمار، ممثل جبهة البوليساريو بالأممالمتحدة، عقب تبني مجلس الأمن لقراره الجديد بشأن تجديد ولاية بعثة الأممالمتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية «المينورسو» لمدة 12 شهرا أخرى، اختياره، مرة أخرى، موقف االمتقاعس، رغم تزايد التوتر في الإقليم، مشيرا إلى أن الطابع السلمي والعفوي للاحتجاج الذي يباشره المدنيون الصحراويون بمنطقة الكركرات، كشف زيف ادعاءات دولة الاحتلال المغربي التي مازلت تواصل حملتها المسعورة في محاولة لتضليل الرأي العام الدولي حول حقيقة ما يجري على الأرض في تلك المنطقة. - الشعب: البداية ستكون من الانتخابات الأمريكية، من هو المرشح التي ترونه الأقرب لخدمة القضية الصحراوية بحسبكم؟ د. سيدي محمد عمار: بالنسبة لنا الانتخابات الأمريكية هي مسألة داخلية تخص هذا البلد، وليس لدينا ما نقوله بشأنها. وعلى كل حال، ومهما كانت النتائج التي تسفر عنها هذه الانتخابات، يبقى أملنا هو أن تنخرط الولاياتالمتحدة، بصفته عضوا دائما في مجلس الأمن، في الدفع قدماً بعملية السلام التي ترعاها الأممالمتحدة في الصحراء الغربية. وبحسب رأينا، فإن ذلك لا يمكن أن يتم إلا من خلال العمل على اتخاذ خطوات عاجلة وعملية لتمكين بعثة الأممالمتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية «المينورسو» من التنفيذ الكامل للولاية التي أنشئت من أجلها في عام 1991، التي تتمثل في إجراء استفتاء حر وعادل يمارس من خلاله الشعب الصحراوي، وبكل حرية وديمقراطية، حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال. - مجلس الأمن قرر تمديد مهمة «المينورسو»، ماذا يعني لكم هذا التمديد وما موقفكم منه؟ موقفنا من التمديد الجديد لولاية بعثة «المينورسو» يتلخص في مضمون البيان الذي أصدرته جبهة البوليساريو عقب تبني مجلس الأمن لقراره بهذا الشأن، الذي عبرنا فيه عن أسفنا، لأن القرار الجديد لم يتضمن أي إجراءات ملموسة لتمكين بعثة «المينورسو» من تنفيذ الولاية التي أنشئت من أجلها في عام 1991، وهي إجراء استفتاء لتقرير مصير شعب الصحراء الغربية، مما يدل على أن مجلس الأمن قد اختار مرة أخرى موقف التقاعس، بالرغم من زيادة حدة التوتر في الإقليم. كما شددت جبهة البوليساريو على قرارها المؤرخ 30 أكتوبر 2019 بشأن إعادة النظر في مشاركتها في عملية السلام التي ترعاها الأممالمتحدة في الصحراء الغربية. وفي هذا الإطار، أكدنا من جديد على أننا لن نشارك في أي عملية لا تتماشى مع الولاية التي أنشأ مجلس الأمن لتنفيذها بعثة الأممالمتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) في قراره 690 (1991) المؤرخ 29 أبريل 1991 والتي تبقى هي أساس وقف إطلاق النار والاتفاقيات العسكرية ذات الصلة. صبر شعبنا بدأ ينفد وخيار السلاح قائم لوّحت البوليساريو في بيانها الأخير باستئناف الكفاح المسلح أمام ما وصفته بتقاعس الأمم عن حل القضية الصحراوية؟ بيان جبهة البوليساريو في هذا الإطار كان واضحاً كل الوضوح، من حيث تأكيده على أن المظاهرات الشعبية السلمية والعفوية المستمرة في جميع أنحاء الإقليم، بما في ذلك الاحتجاج السلمي الذي يجري حالياً أمام الثغرة غير القانونية التي فتحها جيش الاحتلال المغربي في جدار الذل والعار في منطقة الكركرات، هي دليل واضح على أن صبر الشعب الصحراوي بدأ ينفد أمام تقاعس الأممالمتحدة عن ضمان تنفيذ بعثة المينورسو بالكامل للمهمة التي أنشئت من أجلها منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، كما أن عدم اتخاذ أي إجراءات لإجبار دولة الاحتلال المغربي على إنهاء احتلالها غير الشرعي لأجزاء من ترابنا الوطني لم يترك للشعب الصحراوي أي خيار سوى تصعيد كفاحنا التحرري الوطني واستخدام جميع الوسائل المشروعة لتمكين شعبنا من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال. - ما هي السيناريوهات المرتقبة أمام الشعب الصحراوي في ظل الأوضاع الحالية؟ عندما أعلن الشعب الصحراوي حربه التحريرية ضد المستعمر الإسباني في سبعينيات القرن الماضي، كان متقيناً بأنه لا خيار له سوى تحرير كامل الأرض، مهما كلف ذلك من ثمن. وهكذا، فالشعب الصحراوي، بقيادة ممثله الشرعي والوحيد جبهة البوليساريو، مازال مصمماً وبقوة، على مواصلة كفاحه المشروع وبكل الوسائل التي يضمنها القانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة من أجل إنهاء الاحتلال المغربي واسترجاع السيادة على كامل تراب الجمهورية الصحراوية. الاحتلال يحافظ على حالة الجمود لأنّها تخدمه - الشعب: لم يشر مجلس الأمن في قراره 2548 إلى مسألة تعيين مبعوث أممي جديد إلى الصحراء الغربية. ماذا يعني ذلك ولماذا هذا التأخير؟ قرار مجلس الأمن رقم 2548 أشار، في الديباجة، إلى تطلع مجلس الأمن لتعيين مبعوث شخصي جديد للأمين العام للصحراء الغربية في أقرب فرصة. ورغم هذه الإشارة المقتضبة في القرار، فالكل يعلم أن موقف دولة الاحتلال المغربي الرافض لحدوث أي تقدم في العملية السلمية مازال هو السبب الأول في عدم تعيين أي مبعوث شخصي جديد، فمنذ استقالة المبعوث الشخصي السابق للأمين العام، هورست كوهلر، في شهر ماي 2019 ودولة الاحتلال المغربي تبذل قصارى جهدها للحفاظ على حالة الجمود الراهنة من خلال وضع مجموعة من الشروط المسبقة والاعتراض على بعض المرشحين. وقد أكدت جبهة البوليساريو في مناسبات عديدة، رفضها القاطع للشروط المسبقة التي تفرضها دولة الاحتلال المغربي على عملية تعيين المبعوث الشخصي. وشددت على أنها لن تشارك في أي عملية سياسية تكون ثمرة لهذه الشروط المسبقة، مع التأكيد على أن تعيين مبعوث شخصي جديد ليس غاية في حد ذاته، إنما وسيلة للتقدم بالعملية السلمية في إطار تمكين بعثة «المينورسو» من التنفيذ الكامل للولاية التي أنشئت من أجلها. - القرار الأخير دعا إلى استئناف المشاورات بين طرفي النزاع، هل هناك إرادة لهذه الخطوة؟ الحقيقة، أن دولة الاحتلال المغربي لا تمتلك أي إرادة سياسية لاستئناف المفاوضات المباشرة بين طرفي النزاع، جبهة البوليساريو والاحتلال المغربي، كما يطالب بذلك مجلس الأمن، وذلك لتهافت موقفها وتناقضه مع مبادئ الشرعية الدولية وقرارات الأممالمتحدة. وما يوضح ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، هو انخراطها مؤخراً في سلسلة من الأعمال غير القانونية والاستفزازية، من قبيل استدراج بعض الحكومات المُرتشية لفتح «أكشاك دبلوماسية» مُفلسة مسبقاً في الأراضي المحتلة من الجمهورية الصحراوية. وهنا تجدر الإشارة، إلى أن دولة الاحتلال المغربي ما كانت لتستمر في موقفها المتعنت، وبمنأى عن أي عقاب، لولا دعم ورعاية بعض الأطراف التي تتحمل أيضاً المسؤولية عن العواقب التي قد يؤدي إليها هذا الموقف المتهور بالنسبة للسلم والأمن الإقليميين. - ماذا عن انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها الاحتلال المغربي والصمت الدولي حيال ذلك؟ منذ بداية غزوها العسكري واحتلالها غير الشرعي لترابنا الوطني، الذي مرت عليه منذ أيام 45 سنة، ودولة الاحتلال المغربي مستمرة في انتهاكاتها لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة من الجمهورية الصحراوية، حيث يتعرض المدنيون الصحراويون باستمرار للاعتقال التعسفي والتعذيب والاحتجاز غير القانوني والمحاكمات الصورية وعمليات القتل خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري، ومازالت هذه الخروقات الجسيمة لحقوق الإنسان تجري بعيداً عن المراقبة الدولية بسبب التعتيم الإعلامي الشديد والحصار العسكري المفروض على المناطق الصحراوية المحتلة حيث يبقى مصير عشرات السجناء الصحراويين والمفقودين مجهولاً، بينما تستمر سلطات الاحتلال في منع العديد من الأشخاص من دخول الإقليم أو طردهم منه، والأدهى من ذلك هو أن الأممالمتحدة، التي لديها بعثة في الإقليم، ماتزال تلتزم الصمت المطبق حيال هذه الجرائم البشعة وهو ما نرفضه ويرفضه الشعب الصحراوي، كما عبر عن ذلك مراراً ويعبر عنه الآن من خلال المظاهرات السلمية على طول التراب الصحراوي المحرر وخاصة الاحتجاج السلمي الذي يجري حالياً أمام الثغرة غير القانونية التي فتحها جيش الاحتلال المغربي في جدار الذل والعار في منطقة الكركرات.