بلغ مسار إعداد الدستور الجديد المرحلة الأخيرة، بعد إعلان المجلس الدستوري النتائج النهائية للاستفتاء، حيث ينتظر توقيعه من قبل رئيس الجمهورية لينشر لاحقا في الجريدة الرسمية ويصبح ساري المفعول، وكل ذلك يخضع لآجال زمنية محددة ومعمول بها مع جميع القوانين العضوية والعادية. بعد أزيد من 11 شهرا على تنصيب لجنة الخبراء المكلفة بصياغته، وصل الدستور الجديد إلى المرحلة الأخيرة، منذ عرض المسودة الأولى للإثراء شهر ماي، وطرح الوثيقة النهائية المعدلة والمنقحة في سبتمبر ثم إجراء الاستفتاء الشعبي على مشروع التعديل الدستوري. وأعلن المجلس الدستوري، الخميس، النتائج النهائية للاستفتاء قبل يوم واحد عن انقضاء الآجال القانونية المحددة ب10 أيام من تاريخ تلقيه آخر محضر فرز، مؤكدا تصويت 66,80 بالمائة من الناخبين ب «نعم» لمشروع تعديل الدستور مقابل 33,20 بالمائة صوتوا ب «لا». وفي المجمل أكد المجلس الدستوري، النتائج الأولية المعلن عنها من قبل السلطة الوطنية للانتخابات في الثاني نوفمبر، كما خلص إلى أن «الاستفتاء جرى في ظروف حسنة»، مؤكدا «صحة عملية إجرائه وشفافيته وفق الضمانات التي يكفلها الدستور والقانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات والنصوص التنظيمية ذات الصلة»، بحسب بيانه الرسمي. لوراري: المرحلة المقبلة «واضحة» ولا تتسم بأي تعقيد وسيخضع النص النهائي، قبل أن يصبح ساري النفاذ إلى ذات التدابير القانونية التي تطبق على القوانين العضوية والعادية المصادق عليها من قبل البرلمان بغرفتيه، حيث يؤكد أستاذ القانون الدستوري رشيد لوراري، أن المرحلة المقبلة «واضحة ولا تتسم بأي تعقيد»، إذ «سيرفع المجلس الدستوري قراراه النهائي إلى رئيس الجمهورية ليقوم بالتوقيع القانوني المتضمن دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ثم يكلل بالنشر في الجريدة الرسمية في غضون 30 يوميا». ويؤكد لوراري في تصريح ل «الشعب»، أهمية إطلاع الرأي العام على التدابير السليمة التي تطبق على القوانين كلها، وإبعاد القراءات الخاطئة والمزايدات التي تستغل السياق العام. موضحا بأن «الدستور سيصبح ساري المفعول، بعد 24 ساعة من نشره في الجريدة الرسمية بالنسبة للمناطق القريبة و48 ساعة بالنسبة للمناطق البعيدة (الصحراوية)، مراعاة ومدة وصول نسخة الجريدة الرسمية». ويحدد الدستور الجديد نظام الحكم بالشبه الرئاسي، مع تعزيز استقلالية القضاء وتمثيل الأغلبية الفائزة بالانتخابات التشريعية في الحكومة، واستحداث المحكمة الدستورية التي تتولى ضبط العلاقة بين المؤسسات العمومية وضمان احترام الدستور ومراقبة الفصل المرن بين السلطات. وتضمن عديد المواد التفصيلية في مجال الحقوق والحريات الفردية والجماعية، كما استحدث آليات للرقابة على المال العام والوقاية من جرائم الفساد ومكافحتها، إلى جانب تثمين دور المجتمع المدني وإشراكه في تسيير الشأن العام، ما يفرض تكييف وسن جملة من القوانين العضوية والعادية. وشكل تعديل الدستور، أحد أبرز الالتزامات الانتخابية لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وسيتبع بخارطة طريق للإصلاحات السياسية، أهمها تعديل قانوني الانتخابات والأحزاب السياسية، وتنظيم انتخابات بلدية وتشريعية مسبقة، وكل ذلك في إطار أخلقة الحياة السياسية، وإعادة هيكلة المجالس المنتخبة وفق محددات الكفاءة والنزاهة والطاقات الشبانية.