يستطيع المتتبع لتطور الوضع الوبائي للجزائر منذ شهر مارس الفارط، رسم منحنى بياني يتميز بثلاث مراحل، الأولى من 25 مارس إلى غاية 28 جويلية، حيث تم تسجيل 642 إصابة جديدة، وهو ما اعتبره المختصون ذروة الموجة الأولى. وبالفعل ومنذ ذلك التاريخ غير المنحنى اتجاهه نحو الأسفل بسبب انخفاض عدد الإصابات الجديدة حتى قاربت عتبة 100 إصابة جديدة في 24 ساعة. لكن في 17 أكتوبر الماضي تخطت عتبة 200 إصابة بعد حالة استقرار في الإصابات، حيث سجلت الجزائر دخولها المرحلة الثالثة من تطور الوضعية الوبائية الصحية لجائحة كوفيد-19. ومع حلول شهر نوفمبر الحالي سجلت ارتفاعا غير مسبوق وصل ذروته يوم 13 من الشهر الحالي، حيث أعلنت لجنة متابعة ورصد فيروس كورونا عن 867 حالة إصابة جديدة. وربط المختصون هذا الارتفاع بمدى احترام المواطنين وانخراطهم في خطة السياسة الوطنية لمجابهة الجائحة العالمية، بالإضافة إلى متغير يصنع الفارق دائما هو الدخول الاجتماعي والمدرسي، وكذا تغير المناخ، حيث بدأ انتشار العدوى نهاية شهر الشتاء الفارط ليصل إلى فصل الخريف مرورا بفصلي الربيع والصيف. إجراءات وقائية وتدابير احترازية سجلت الجزائر في 25 فيفري الماضي، إول حالة إصابة بكوفيد- 19. ورغم ان الرعية ايطالية، والحالات الأولى من الإصابات الجديدة كانت لأشخاص تلقوا العدوى في بلدان أخرى، إلا أن الجزائر سارعت الى اتخاذ إجراءات وقائية وتدابير احترازية بوضع سياسة وطنية لمجابهة الوباء، ولم تنتظر استيطان الفيروس التاجي لتتحرك، حيث أعلنت في 21 مارس الماضي، تنصيب لجنة متابعة ورصد فيروس كورونا مكلفة بمراقبة تطور الوضع الوبائي وكذا إطلاع الرأي العام بآخر الاحصائيات التي تسجلها في 24 ساعة يقدمها ناطقها الرسمي البوفيسور جمال فورار. فيما أجلت جميع النشاطات العامة إلى وقت لاحق، كما تم تقديم العطلة الربيعية وإغلاق جميع المدارس بأطوارها الثلاثة، الجامعات، مراكز التكوين المهني، الزوايا والمدارس القرآنية وأخيرا أقسام محو الأمية. الى جانب قرار لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف بتعليق صلاة الجمعة وغلق المساجد. ومنذ 22 مارس 2020 بدأ سريان تدابير الحجر الصحي الجزئي لمنع ومكافحة انتشار جائحة كوفيد-19، ولمدة 14 يوما تم تمديدها الى شهر جويلية، أين بدأ الرفع التدريجي لإجراءات الحجر الصحي، حيث تم تعليق أنشطة نقل الركاب برا بحرا وجوا، وأعطي الوالي المختص إقليميا مسؤولية تنظيم نقل الأشخاص لضمان استمرارية الخدمة. أما الخدمات المستثناة من أحكام هذا القرار، فهي المؤسسات والإدارات العامة، الكيانات الاقتصادية والخدمات المالية. وقد مس قرار الغلق المقاهي، المنشآت ومساحات الترفيه والتسلية والمطاعم. كما استفاد 50 بالمئة من موظفي المؤسسات والإدارات العامة من عطلة استثنائية مدفوعة الأجر للتقليل من التجمعات ولكسر سلسلة انتشار العدوى، منحت الأولوية فيها للنساء الحوامل والنساء المربيات وكذا الأشخاص الذين يعانون أمراضا مزمنة. وللسيطرة على انتشار العدوى فرضت السلطات المعنية حجرا كليا على ولاية البليدة في 23 مارس بسبب تسجيلها لأعلى نسبة من الإصابات الجديدة لمدة قاربت الشهر، حيث تم رفعه في 23 افريل الماضي. مواجهة المخالفين ومحاربة الإشاعات الكاذبة ويلاحظ أن الحكومة الجزائرية ضربت بيد من حديد كل التجاوزات الحاصلة تجاه إجراءات الوقاية، خاصة ارتداء القناع الواقي أو احترام التباعد الاجتماعي او الجسدي، وقد فرضت غرامة مالية تصل إلى 10 آلاف دج وكذا السجن بسنة سجنا نافذاً إن استدعت الضرورة. كما واجهت الحكومة كل الإشاعات الكاذبة التي انتشرت بسرعة في مختلف الوسائط الاجتماعية تشكك في قدرة الجزائر السيطرة على الوباء، وكذا نقل اخبار مغلوطة عن كمية وحجم الإمكانات التي تتوفر عليها الجزائر لمجابهة الجائحة. الحجر الجزئي بين الرفع وإعادة الفرض وعرف شهر جويلية الرفع التدريجي للحجر الجزئي على الولايات المعنية من خلال للدخول إلى مرحلة التعايش مع الوباء، حيث تم رفع الغلق عن بعض النشاطات، إلى غاية شهر سبتمبر الذي تم خلاله رفع العطلة الاستثنائية وكذا الفتح الكلي لكل الأنشطة، بما فيها فضاءات التسلية والترفيه، مع الإبقاء على حظر التجول من الساعة 23:00 ليلا إلى الخامسة صباحا. لكن ومع الارتفاع الجنوني لحالات الإصابة، شهر نوفمبر الحالي، اتخذت بعض التدابير الاحترازية بتحديد وقت فتح بعض النشاطات التجارية إلى الثالثة زوالا، مع تقديم حظر التجول إلى الثامنة مساء.