منح مجلس الأمن الدولي للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الضوء الأخضر لتعيين مبعوث جديد إلى ليبيا. وجاءت الموافقة بعد مخاض عسير بين القوى العظمى، وفي مقدمتها أمريكا، التي تعيش مرحلة انتقال للسلطة. المخاض جاء قبل انهيار العملية السياسية وسقوط وقف إطلاق النار، نظرا للتكالب غير المسبوق لقوى أجنبية تستثمر في مأساة ومعاناة الشعب الليبي وتبحث عن شخصية أممية تضمن مصالحها بشكل أو بآخر. في نهاية المطاف، وافق أعضاء مجلس الأمن على تعيين مبعوث أممي جديد إلى ليبيا وهو شخصية دولية وازنة، ذات توجه عسكري وسياسي في ذات الوقت، ويتعلق الأمر بوزير الدفاع البلغاري السابق نيكولاي ملادينوف الذي شغل مند 2015 منصب مبعوث الأممالمتحدة إلى الشرق الأوسط، وتزامنت موافقة أعضاء مجلس الأمن الدولي مع ذكرى مرور عقد على ما يسمى ب «الربيع العربي»، الذي تعيش ليبيا أحد فصوله، وما يحدث فيها من نتائج وخيمة لثورات عصفت بكيانات الأوطان قبل الأنظمة الحاكمة وقلّبت آمال الشعوب إلى آلام. ملادينوف سيحل محل اللبناني غسان سلامة، الذي استقال من منصب مبعوث الأممالمتحدة إلى ليبيا في مارس الماضي، في خطوة عزاها يومها إلى دواع صحية قبل أن يعبر عن استيائه من عدم التزام العديد من أعضاء الأممالمتحدة، بمن فيهم أعضاء في مجلس الأمن الدولي، بقرارات كانوا هم أول من وافق عليها. كما يأتي تعيين الدبلوماسي البلغاري لينهي شهورا من المشاحنات داخل مجلس الأمن بعد رفض الولاياتالمتحدة مرشّحَين إفريقيين لتولّي هذا المنصب، وفرضها على شركائها في المجلس تقسيم المنصب إلى قسمين هما مبعوث أممي يساعده «منسّق» لهذه البعثة الأممية الصغيرة (حوالي 230 شخص). في الأثناء، تتسارع الأحداث في ليبيا وتتقدم وتيرة الحوار بين أطراف الصراع بفضل المبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني ويليامز التي حظيت بإشادة كل الليبيين نظير نواياها الحسنة والصادقة في إنهاء الأزمة، لكن تعاظم المصالح الغربية بات الهاجس الأكبر لكل مساعي الحل، ليبقى أمام الفاعلين في المشهد الليبي الاستجابة لنداء الشعب والوطن، لأن المصالح الشخصية تزول ويبقى الوطن أولا وأخيرا.