هو من الرياضيين الذين ساهموا في رفع راية الجزائر عاليا في المحافل الدولية، سواء في بطولة العالم أو الألعاب الأولمبية...إنّه سعيد ڤرني عيسى جبير البطل العالمي في ألعاب القوى اختصاص 800 متر، الذي استطاع صنع اسمه في مختلف التظاهرات الدولية بفضل عمله واجتهاده وتفانيه وحبه للوطن. ويعود بنا عيسى جبير إلى أجمل الذكريات الرياضية التي عاشها طوال مشواره الرياضي المليئ بالأحداث. ❊ الشعب: كيف دخلت رياضة ألعاب القوى؟ ❊❊ سعيد ڤرني عيسى جبير: منذ الصغر كنت أميل إلى ممارسة الرياضة بصفة عامة سواء كانت فردية أو جماعية، حيث مارست عدد لا بأس به من الرياضات لكنني كنت أميل أكثر إلى رياضة ألعاب القوى رغم أن أخي الأكبر منّي كان يمارس رياضة كرة القدم في فريق رائد القبة، وهناك انضمت إلى هذا الفريق العريق. ❊ بعد انضمامك رائد القبة هل تخصّصت في ألعاب القوى؟ ❊❊ بالفعل رغم أن أخي كان يطلب منّي ممارسة كرة القدم في هذا النادي لكنني كنت أميل أكثر لألعاب القوى، وعندما علم برغبتي لم يعارض بل شجّعني على ذلك وكان شيئا جميلا من جانبه. ❊ ما هي أول منافسة شاركت فيها؟ ❊❊ أول منافسة كانت العدو الريفي وكان سني حينها 14 سنة، وتحصلت على المرتبة الثانية على المستوى الوطني، وكانت هذه نتيجة جيدة بالنسبة لي كبداية ثم توالت المشاركات بعد ذلك. ❊ وهل اكتفيت؟ أم كنت مواظبا على المشاركة في هذه المسابقات؟ ❊❊ لا بالعكس كنت أشارك سنويا في البطولة الوطنية في اختصاصات مختلفة من 400 إلى 800 إلى 1500 متر، وكنت أنال كل سنة المراتب الأولى على المستوى الوطني، وكان هذا شيئا مشجعا بالنسبة لي، فعندما تنال مرتبة أولى في رياضة معينة وأنت صغير، هذا الأمر يشجّعك على العمل أكثر. ❊ وماذا عن المنتخب الوطني؟ ❊❊ كان بالنسبة لي شيئا جميلا ورائعا تمثيل المنتخب الوطني خاصة في الصغر حيث كان حلمي هو ارتداء القميص الوطني. ❊ هل شاركت في بطولات دولية مع المنتخب الوطني؟ ❊❊ بالفعل شاركت في عدد من المسابقات مثل بطولة العالم التي أقيمت في قبرص سنة 1994 وكنت في صنف الأشبال، حينها تحصلت على بطولة العالم في اختصاص 1500م كان أمرا في غاية الروعة رؤية العلم الوطني وهو يرفرف إضافة إلى عزف النشيد الوطني. ❊ ماذا عن الأصناف الأخرى للمنتخب الوطني؟ ❊❊ بعد ذلك تمّت ترقيتي إلى صنف الآمال سنة 1995، وشاركت في الالعاب العربية وتحصلت حينها على الميدالية الذهبية، وتألّقي في الأصناف الصغرى للمنتخب الوطني جعل المسؤولين على المنتخبات يرشّحوني لأكون متواجدا مع المنتخب الأول حيث شاركت مع المنتخب العسكري في بطولة العالم العسكرية التي أقيمت في كرواتيا سنة 1998، تحصلت على الميدالية الذهبية، إضافة إلى مشاركتي في العديد من الملتقيات كالذي أقيم في إشبيلية سنة 1999 وشاركت في سباق 800 متر. ❊ ماذا عن الانجازات التي حقّقتها على المستوى الإفريقي؟ ❊❊ على المستوى الإفريقي كانت هناك منافسة قوية خاصة في الاختصاص الذي كنت فيه وهو 800 متر، وذلك بسبب سيطرة الأفارقة على هذا الاختصاص لدرجة أنّك تتأكد من تتويجك باللقب العالمي إذا استطعت التتويج باللقب الافريقي، أمّا عن الانجازات على المستوى الافريقي فقد نلت عدة ألقاب وميداليات، ودخلت في وتيرة النتائج الايجابية بفضل اللياقة البدنية العالية التي كنت أتمتّع بما، لكن الاصابة الخطيرة التي تعرّضت لها عطّلت مشواري الرياضي خاصة أنني بقيت لمدة سنة كاملة بدون منافسة. ❊ أين تعرّضت للاصابة: في التدريبات أم خلال المنافسات؟ ❊❊ صراحة لا أريد تذكّر هذا الأمر، تعرّضت للاصابة في سنة 2001 خلال ملتقى تورينو بإيطاليا، وهنا كان أمامي خيارين إما أن أتّبع الطريقة التقليدية وهي العملية الجراحية أو الطريقة الجديدة التي تمّ ابتكارها في تلك الفترة، لكنني فضّلت الطريقة الجديدة التي ساعدتني اكثر في العودة بسرعة إلى الميادين. ❊ بعد عودتك سجّلت نتيجة جيدة في البطولة الافريقية؟ ❊❊ بالفعل في سنة 2002 في تونس استطعت التتويج بالميدالية الذهبية، وكان هذا أمرا جميلا خاصة أنه جاء بعد الاصابة وغيابي لمدة طويلة عن الميادين، رغم كل هذا لم أتأثّر وعدت بقوة بفضل التحضير الجيد. ❊ ماذا عن النتيجة الرائعة في بطولة العالم في فرنسا؟ ❊❊ كانت من أجمل الذكريات، إضافة إلى الميدالية البرونزية في أولمبياد سيدني، والكل كان يقول لي أنه ينقصني تتويج عالمي خاصة أنني كنت أتمتّع بموهبة عالية في هذا المجال، وقد عملت واجتهدت خلال التدريبات بصفة مستمرة حيث كنت مواظبا على العمل وذلك لمدة طويلة في التدريبات من خلال القيام بحصص تدريبية مكثفة للرفع من مستواي البدني، واستطعت حصد كل الذي زرعته حيث كلّل هذا النجاح من خلال التتويج الميدالية الذهبية في هذا الاختصاص وفي بطولة عالمية. ❊ كان إنجازا كبيرا؟ ❊❊ بالفعل، الأمر لم يكن بالسهولة التي يتوقّعها البعض، كان يجب التضحية للوصول إلى هذا المستوى العالي، وذلك من خلال تكثيف التدريبات وإجراء التربصات الطويلة بعيدا عن العائلة، وعندما يضع الانسان هدفا أمامه ويتسلّح بالارادة والعزيمة، فبالتأكيد أنّه سيصل إلى مبتغاه. ❊ وبعد هذا التتويج؟ ❊❊ بعد هذا التتويج شاركت في أولمبياد أثينا في 2004، ولم أحقّق أيّ شيء بسبب المشاكل التي تعرّضنا لها والتي أثّرت على مستوانا في هذه التظاهرة العالمية. ❊ ما هو نوع هذه المشاكل؟ ❊❊ المشاكل حدثت حينها في الاتحادية، وهذه المشاكل انعكست سلبا على مستوى الرياضيين الذين شاركوا في أولمبياد أثينا، كانت مشاكل بين مجموعة من الأشخاص من أجل المصالح وفقط ولم يكن همّهم الارتقاء بمستوى هذه الرياضة من أجل حصد الألقاب خاصة في ظل تواجد المواهب بكثرة والتي بإمكانها الذهاب بعيدا، لكن المسؤولين حينها على الاتحادية ساهموا في الصورة السيئة التي ظهرت بها ألعاب القوى الجزائرية. ❊ بعد ذلك اعتزلت هذه الرياضة؟ ❊❊ بالفعل، وذلك بعد تفكير عميق وطويل مع نفسي وعائلتي قرّرت التوقف نهائيا، كان قرارا صعبا بالنسبة لي لكن كان مطلوبا منّي اتخاذ هذا القرار حتى لو كانت رغبتي معاكسة، لكن هذه هي الحياة أحيانا تضطر لاتخاذ قرارات ضد رغباتك وأهوائك. ❊ بعد اعتزالك هل ابتعدت عن المجال الرياضي أم بقيت فيه؟ ❊❊ لا لم أبتعد وإنما جاءتني بعض العروض من هنا وهناك، كان أبرزها عرضا من الاتحاد الاماراتي لألعاب القوى وكنت متشوّقا لخوض هذه التجربة التي كانت مفيدة بالنسبة لي خاصة أنّها منحتني خبرة أكبر في مجال التسيير. ❊ ما هي طبيعة العمل الذي كنت تقوم به؟ مهمّتي كانت العمل كمستشار لدى رئيس الاتحاد الاماراتي لألعاب القوى، من خلال القيام بتوفير الفرق الوطنية لمختلف المنافسات التي تشارك فيها، وكان هذا العمل جيدا بالنسبة لي خاصة الاحتكاك مع ثقافات مختلفة، وأهميته أيضا أنه أضاف لثقافتي الكثير وبقيت لحوالي ثلاث سنوات ثم عدت إلى أرض الوطن. ❊ ألم تكن هناك عروض أخرى؟ لا بالعكس كانت هناك عروض أخرى أولها من الاتحاد الاماراتي الذي كان يريد بقائي لمدة أطول، إضافة إلى عرض آخر كان أكثر من مغر من الاتحاد الايراني لألعاب القوى لكنني اعتذرت عنه. ❊ بحكم خبرتك كرياضي وكمسيّر في المجال الرياضي، ما هو تقييمك لمستوى رياضة ألعاب القوى في الجزائر؟ ❊❊ مستوى هذه الرياضة تدهور كثيرا وهذا الكلام لا أقوله من دون دلائل وأفضل دليل على هذا هو عدم تتويج أي رياضي بأي ميدالية خلال المنافسات الأخيرة،وهذا يعكس المستوى الذي وصلته هذه الرياضة في الجزائر. ❊ ما هي الأسباب برأيك؟ ❊❊ الأسباب عديدة أهمّها عدم وجود تناسق بين مستوى التأطير الموجود ومستوى الرياضيين، وذلك لغياب استراتيجية واضحة للخروج من هذه المشكلة على مستوى المسؤولين على الرياضة في الجزائر، فالمواهب موجودة لكن المشكل هو في كيفية تأطيرها بالشكل الجيد. ❊ الجزائر ستحتفل بالذكرى الخمسين للاستقلال في الخامس جويلية القادم، ماذا تمثل لك هذه الذكرى؟ ❊❊ هي ذكرى يفتخر بها كل جزائري لأنّ الموضوع يتعلق بالثورة الوطنية، وأنا سعيد بهذه المناسبة وأتمنى النجاح والرقي للجزائر والشعب الجزائري، شكرا لك؟ ❊ أنا الذي أشكركم على حسن الضيافة.