يواصل سعر صرف الدينار تراجعه مقابل العملات الأجنبية الصعبة، موازاة مع بلوغ سعر صرف ورقة 100 أورو أكثر من 22 ألف دينار بالنسبة للشّراء والبيع في السّوق الموازية، حسب آخر أصداء السوق التي رصدتها «الشّعب»، بداية الأسبوع الجاري، بالسوق الموازي ب «السّكوار»، معقل تبادل الأوراق المالية المحلية بالأجنبية في الجزائر. توقّع تجار العملات الأجنبية بالسوق الموازي بالسكوار في حديثهم ل «الشعب»، أن يستقر سعر صرف الدينار على حاله خلال الأيام القليلة المقبلة، وهذا حسب معطيات المحيط الاقتصادي المنتظر على ضوء استمرار غلق الحدود الجوية لأجل غير معلوم، واستمرار نفس السياسات المنتهجة، خاصة وأن العجز في الميزانية لايزال يقارب 21 مليار دولار، في وقت لا تزال الحكومة تتحفّظ حول كيفية سد هذا العجز. وبالرغم من كل هذه المعطيات «المخيفة»، فإنّ وزير المالية، أيمن بن عبد الرحمن، كان قد صرّح، أول أمس، أنّ الدينار الجزائري يسير نحو التعافي في حدود نهاية السنة الجارية، حيث فاجأت هذه التصريحات الاقتصاديّين، خاصة ممّن ظلّوا يحذّرون من الوصول إلى هذه الحالة الخطرة للعملة الوطنية، بعد الأزمة الإقتصادية التي ضربت البلاد منذ أكثر من 6 سنوات، وذلك عندما بدأت أسعار النفط العالمية بالانخفاض لأول مرة خلال 2014 خلال ما بات يعرف بالصدمة النفطية العالمية، التي أثّرت على كبريات دول العالم. في هذا الموضوع، يستغرب الأستاذ بجامعة الجزائر 3، هواري تيغرسي، تصريحات الوزير التي لم تحمل معطيات كافية لشرح توقعاته بمستقبل الدينار، موضّحا أنّ «إنقاذ الدينار من التقهقر وإخراجه من الدائرة الحمراء، لن يتأتّى إلا من خلال تحقيق عوامل اقتصادية عديدة، والمضي نحو العمل الجدي من خلال إدخال إصلاحات مستعجلة في القطاع المالي، والإسراع في إصدار قانون الاستثمار الذي أبقى حالة الغموض، وأثّر سلبا على الاقتصاد الوطني، حيث وجب سنّ قوانين مدروسة ومنح ضمانات للمستثمرين المحليين أو الأجانب». وأضاف تيغرسي في اتصال مع «الشّعب»، أن التأخر في الإصلاحات العميقة على مستوى قطاع المالية، في البنوك والجمارك و التأخر في إصدار قانون الاستثمار أثّر سلبا على الوضعية الاقتصادية للبلاد»، معلّقا حول كلام الوزير باستعادة الدينار عافيته نهاية سنة 2021، بالقول «الأمر مرتبط باسترجاع عافية العملية الإنتاجية، حيث نتمنى خلال المراحل المقبلة تحريك عجلة التنمية والإسراع في التحصيل الضّريبي، وهذا الأمر لن يكون إلا من خلال وضع إستراتيجية لهذا التحصيل بداية من الإصلاحات على مستوى قطاع المالية». كما تساءل الأستاذ الجامعي عن ماهية التّحفيزات التي يجب إدخالها في السوق المالية، بمعنى ما هي التحفيزات المنطقية المقبولة التي ستلجأ اليها الحكومة لإغراق السوق المالي بكتلة نقدية كبيرة؟ طبقا له. وأضاف نفس المتحدث قائلا «لم أر بعد بوادر الانفراج بالنسبة لكثير من الإصلاحات المالية، أو حتى فيما يخص مناخ الاستثمار لذلك وجب الإسراع في الذهاب نحو إصلاحات مستعجلة في قانون استثمار وفي القطاع المالي عن طريق إصلاح البنوك، العقار والجمارك أيضا، وهذا عن طريق رقمنة القطاع، خاصة وأن الوزير الأول كان قد أعلن عن الإطلاق الرّسمي لخدمات التصديق والتوقيع الإلكترونيين من باب أنه خيار لا مفر منه لضمان مسار الإصلاحات»، يقول الخبير الاقتصادي. وأردف يقول «إن الإشكالية تتعلق بمدى فعالية هذه الإصلاحات والقوانين في قطاع المالية وما مدى فعالية مناخ الاستثمار، إلى جانب مدى تفعيل القرارات محليّا، خاصة وأن الرئيس كان قد أحيا فكرة المناطق الصناعية ومناطق النشاط الصناعي بالنسبة للبلديات، لكن الإشكالية تبقى في تفعيلها على أرض الواقع، على المستويين المحلي والولائي»، مجدّدا التأكيد أنّ «إنقاذ الدينار من الخطر ورفع قيمته لن تكون إلا من خلال ترقية قطاع الاستثمار، ومدى فعالية الإصلاحات المالية في البلاد».