شرع في تشييد مشروع سد بني هارون رسميا سنة 1988، وتم استغلال مياهه شهر سبتمبر 2007 لصالح ولايتي ميلة وقسنطينة، ويعتبر أكبر وأضخم مشاريع الري بالولاية، يقع بمنطقة بني هارون عند التقاء وادي الرمال والنجا، الهدف منه استغلال مياه السهول العليا القسنطينية وتثمين المياه السطحية الكثيرة التي تذهب هباءً إلى البحر في هذه المنطقة من شرق البلاد والتي تسجل إحدى أكبر نقاط التساقط في الجزائر، كما يعد من أكبر 7 سدود في إفريقيا إذ تقدر طاقة استيعابه ب960 مليون متر مكعب، إلى جانب ذلك تملك الولاية سدين آخرين هما سد قروز وسد أولاد القايم. رفع العطش عن الملايين من المواطنين يعد السد مصدرا مهما لتزويد أكثر من خمسة ملايين نسمة بالماء الشروب موزعة على ست ولايات هي ميلة، قسنطينة، جيجل، أم البواقي، باتنة وخنشلة. أما فيما يخص تزويد سكان الولاية بالماء الشروب، فإن 15 مركزا تتزود إنطلاقا من سد بني هارون، كما أن هناك دراسة جارية لتزويد بلدية سيدي خليفة من هذا الأخير، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، تم تسجيل عملية ضمن برنامج 2012 لدراسة تزويد باقي البلديات بالمياه الصالحة للشرب إنطلاقا من السد، تضاف إلى البلديات التي تستفيد منه في الوقت الحاضر مع العمل من أجل إعادة تهيئة وتجديد شبكات الماء الشروب بهذه الأخيرة لضمان وصول المياه بشكل منتظم ودائم. تزويد الولاية بمياه السقي كما يكتسي السد العملاق أهمية كبرى ليس في مجال التزويد بالماء الشروب فقط بل في مجال الري كذلك استفادت الولاية من حصة لسقي المساحات الزراعية بمحيط دائرة التلاغمة المقدرة ب 8000 هكتار، وانطلقت العملية في شطرها الأول المتمثل في إنجاز شبكة لإيصال مياه لسقي إلى قرابة 4447 هكتار من أصل 8000 هكتار حيث بلغت نسبة تقدم الإشغال في هذه العملية80٪. إن تجسيد هذا المشروع سيسمح بزيادة مساحة الأراضي المسقية وزيادة الإنتاج الفلاحي باعتبار الولاية فلاحية بالدرجة الأولى، وكانت تعتمد على الزراعة الموسمية كالحبوب والبقول الجافة التي تسقى من مياه الأمطار والثلوج.. أما في المناطق الجنوبية للولاية مثل بلديات وادي العثمانية ووادي سقان والتلاغمة فهي تشتهر بزراعة الخضر المسقية بالاعتماد على مياه سد قروز وحفر الآبار، أما البلديات الأخرى كأولاد أخلوف وأمشيرة فهي تنتظر وصول مياه السد لتنهض بالقطاع الفلاحي والزراعي، وخاصة أن جل عمل سكانهما يعتمدون على النشاط الفلاحي، فمثلا سكان بلدية أولاد أخلوف يشتهرون بزراعة البطاطا في ولايات الشرق الجزائري كولايتي تبسة وسوق أهراس، وفي السنوات الماضية كانت المنطقة توفر منتوجات زراعية مسقية معتبرة تسد بها حاجات الولاية والولايات المجاورة الأخرى، إلى أن انخفض منسوب المياه في الآبار.. وقد تفاءل الفلاحون بالمشروع ويبقى الأمل في سرعة الإنجاز وخاصة مع السياسة المنتهجة من طرف الدولة في دعم القطاع الفلاحي بجميع الوسائل المتاحة. معلم سياحي لا يمكن وصفه ذو طبيعة جبلية تأسرالأنظار منطقة بني هارون منطقة سياحية بالدرجة الأولى منذ القدم باحتوائها على منبع للمياه الساخنة، أستغل لإنشاء حمام معدني طبيعي يزوره الكثير من السواح، من الوطن ومن خارجه، كما اشتهرت بمطاعم الشواء المتواجدة على جنبات الطريق الوطني رقم 27 المؤدي إلى مدينة جيجل، والتي تحتوي على مناظر جميلة وهي قبلة للسواح، ومن جهة أخرى فهي منطقة عبور إلى مدينة جيجل سواء من أجل الذهاب للاستمتاع بطبيعتها الجبلية التي امتزجت بالشواطئ الذهبية الخلابة، أو من أجل النشاط التجاري. وبهذا الموقع الاستراتيجي وخصائصه المميزة، الذي حظيت به المنطقة جعلها قبلة لاستقطاب المشاريع والمستثمرين في القطاع السياحي والفندقة حول حوض السد، ومع جسري وادي الرمال الرابط بين ميلة وبلدية لقرارم قوقة ووادي الديب الرابط بين هذه الأخيرة وولاية جيجل اللذان يمران فوقه، وكذا الطبيعة الجبلية المحيطة به والاخضرار الذي يتميز به يشكلان فضاء سياحيا منقطع النظير، لذلك قامت ولاية ميلة بتقديم عدة مقترحات للمتعاملين الاقتصاديين من أجل تجسيد مشاريع سياحية وفندقية وترفيهية معتبرة، والتي تبدو للمتابعين أنها واعدة، ومن بين الاقتراحات المقدمة نذكر إنجاز حظائر للتسلية والتنزه تضمن حتى التنقل عبر السد بالقوارب وهناك حتى فكرة لإنجاز »تيليفيريك« يربط ضفتي السد كخدمة عمومية وسياحية جميلة. مورد اقتصادي الطموح الكبير لاستغلال الثروة السمكية الهائلة بهذا الفضاء الرحب، والممتد على مسافة 25 كلم، في مجال الصيد القاري وإنجاز مرفأ للصيد يضمن خدمات كثيرة لصالح الصيادين وكذا مسمكة ووحدة لإنتاج مربعات الثلج وغيرها. وبعد إجراء عمليات استزراع الأسماك التي قامت بها محطة الصيد لميلة منذ 2006، برزت به أسماك من نوع الشبوط بكل أنواعه وبأوزان بلغت حتى مستوى 40 كلغ للسمكة الواحدة وذلك في أوقات قليلة. وشهد السد منح رخص استغلال للصيد لفائدة 8 شباب من أجل الانتفاع بالثروة السمكية، وتوسيع عملية استغلال هذا المورد الاقتصادي في امتصاص البطالة. “عاصمة الماء و التربة”.. يفتخر سكان ميلة بهذا اللقب، كما منحها السد قدرات ومؤهلات جديدة، وفتح لها الأبواب على جميع الأصعدة والمجالات الاقتصادية، الاجتماعية، الترفيهية والسياحية. وفيما لا تزال مياه السد تعكس مشاهد مراحل إنبعاث هذه المنشأة التي غيّرت من ملامح ومناخ المنطقة من الحرارة والجفاف إلى جو دافئ وممطر شتاء ولطيف صيفا. وقد نظمت الولاية مهرجانا للماء يوم الخميس 22 مارس الجاري بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للماء ومن أجل التعريف بالإمكانيات الواعدة التي يتوفر عليها السد من أجل بعث الاستثمار حول ضفافه وتحسيس الراغبين في الاستثمار خاصة في المجال السياحي والفلاحي. وبعد طول انتظار تجسد هذا المشروع العملاق، وقد قال أحد السكان ردا على سؤالنا حول هذا المشروع »بالرغم من الأزمات التي مرت بها البلاد، وخاصة هذه المنطقة من تردي الوضع الأمني ونزوح السكانها إلى مدن مجاورة أخرى، اليوم من سيحالفه الحظ بالاستمتاع بهذه الطبيعة الخلابة التي كنا لا نشاهدها إلا في التلفزة«.