تعيش مدينة الألف قبة وقبة «وادي سوف»، أجواء رمضانية تضامنية بديعة قبل موعد الإفطار، زاد من رونقها مطاعم الرحمة وموائد إفطار الصائم، وفرق المتطوعين المتنقلة عبر الطرق بالوجبات المحمولة، لتقديمها لعابري السبيل، والمشرّدين، والأفارقة المهاجرين المتواجدين على تراب الولاية. تزيّنت المطاعم المفتوحة لعابر السبيل بأبهى حللها لاستقبال الصائمين خلال الشهر الفضيل، حيث يشرع المنظّمون بعد الظهيرة في التحضير ومباشرة النشاط التطوّعي، وطهي ما لذّ وطاب من الأطعمة، وتحضير الفواكه والمشروبات الباردة، بالإضافة إلى نصب الموائد داخل وخارج المطاعم، ثم دعوة عابري السبيل، ومرافقي المرضى، والمهاجرين الأفارقة إلى التقرّب منها، قبل دقائق من أذان المغرب، مع توجيه فرق من المتطوعين لتقديم الوجبات الجاهزة لأصحاب السيارات العابرة للطرقات في فترة الإفطار، في صور تضامنية إنسانية تبرز مدى التآزر والتآخي بين أبناء هذه الولاية والوطن الواحد. متطوعون قدماء «حسين مستور» صاحب مطعم «الشيف» بمدينة الوادي، ينظّم مطعما لإفطار الصائم منذ سنوات، قال في تصريح ل»الشعب»، إنه ينظم موائد إطعام عابري السبيل في طبعتها التاسعة في رمضان الحالي، فمنذ سنة 2013، وبحلول أول أيام رمضان إلى غاية التاسع والعشرين منه يفتح مطعمه لعابري السبيل والمرضى، حيث كان معدل السنوات الأولى من 100 إلى 200 وجبة مقدمة، إلى حين وصولها إلى 700 إلى 800 وجبة مقدمة، من بينها حوالي 250 وجبة داخل المطعم، والبقية تكون محمولة وموزعة كوجبات في محطات نقل المسافرين، وأماكن تواجد مرافقي المرضى، وتجار الجملة الممونين للولاية القادمين من خارجها لتمكينهم من تناول إفطار جاهز. وأشار «حسين»، أن تواجد المطعم قرب مرافق صحية عمومية وخاصة، والمراقد والإقامات، جعل منه مقصد لمائدة إفطار الصائم من مرتادي تلك المرافق القادمين من خارج الولاية، بالإضافة إلى الأفارقة وكل زائري الولاية في إطار التجارة أو علاج ونقل المرضى. وجبات جاهزة على الطرق شرع متطوعون وجمعيات محلية عبر بلديات الولاية منذ بداية رمضان في تقديم وجبات جاهزة على الطرقات الوطنية والرئيسية لتقديمها للمواطنين المسافرين، والسّواق، في موعد الإفطار، خاصة المحاور كثيفة الحركة المرورية بالطريق الوطني رقم 16 المؤدي إلى ولايتي تقرت وورقلة، والوادي وتبسة، بغية تمكين الصائمين من إفطار لائق، ممن تعذّر عليهم مشاركة عائلاتهم، وكذا المساهمة في التقليل من حوادث المرور والسرعة في هذه الفترة بالتحديد التي تتزامن مع موعد الإفطار. «سليم» ناشط جمعوي، قال ل»الشعب»، إن موائد إفطار عابري السبيل يتمّ التحضير لها قبل شهر رمضان بأسابيع، لضمان نجاح انطلاقتها مع أول أيام الصيام، وذلك بمشاركة أهل الإحسان والمتطوّعين لتوفير اللحوم والخضر والفواكه، وشراء ضروريات الطبخ من مواد غذائية، حيث يتمّ تكليف فريق مختص متطوع بالطهي، وتحضير الأكلات، سواء للمائدة المتواجدة في المطعم، أو الوجبات المحمولة الجاهزة لتقديمها على الطرق للصائمين. عادة سنوية رمضانية يعتبر شهر رمضان بولاية الوادي من الشهور المميزة بتقاليد خاصة، وعادات عريقة صمدت في وجه متغيرات العصر، حيث أصبحت تشتهر عند حلول رمضان من كل عام بموائد عابري السبيل، ومبادرات وحملات التضامن والمساعدة للغير من ذوي الدخل الضعيف خاصة عائلات الأرامل والمطلقات وغيرها من الفئات الهشّة من المجتمع. وأصبح لجمعيات محلية كثيرة بالولاية خيرية واجتماعية وتضامنية نشاطات في كل المناسبات على مدار العام، وليس رمضان فقط، ما يبرز مدى التضامن والتآخي الذي تعيشه ولاية الألف قبة، من أجل مد يد العون لمن يحتاجها، وتفعيل مظاهر التضامن والتلاحم بين أبناء الولاية والوطن والواحد.