يتجه النجم الأول للمنتخب الوطني رياض محرز ليصبح أفضل لاعب جزائري على مدى التاريخ، بعدما أضحى كل نهاية أسبوع يحطّم رقما قياسيا جديدا في أكبر دوري بالعالم، «البريمرليغ» الإنجليزية التي يلعب بها للموسم السابع على التوالي، وهي ما صنعت منه لاعبا خارقا للعادة، وقائدا استثنائيا مع كتيبة المحاربين التي قادها للتربع على العرش القاري، لأوّل مرّة من خارج الوطن وتحديدا من أرض الكنانة ب «كان» مصر 2019 بعد انتظار دام 29 عاما كاملا. يعيش نجم القارة السمراء رياض محرز فترة زاهية، منذ بداية السنة المدنية 2021، حيث بات يبصم على مستويات كبيرة مع فريقه مانشيستر سيتي الذي عانى معه الويلات منذ تقمصه ألوانه صيف 2018، حيث كان بعيدا عن حسابات المدرب بيب غوارديولا الذي لم يستعن به كثيرا في الموسمين الأول والثاني، خصوصا في المباريات الكبيرة، الأمر الذي جعله لاعبا ثانويا في فريق غني بنجوم الساحرة المستديرة. معاناة رياض مع السيتيزنس كانت مماثلة في المنتخب الوطني، أين كان يُعاب عليه منذ ظهوره الأول بألوان الخضر سنة 2014 إلى غاية قدوم الكوتش جمال بلماضي على رأس العارضة الفنية للمنتخب عدم تقديم كل ما لديه، خصوصا في الفترة التي قاد فيها ليستر سيتي للتتويج بلقب البريمرليغ الأول في تاريخ الفريق، ما جعل المحللين ينتقدونه بشدة رفقة عدد كبير من عشاق الخضر، الذين لم يتفهموا سبب قلة تركيزه، وعدم تمكنه من اختراق دفاعات الخصوم، وجلبه الإضافة المرجوة منه دفاعيا وهجوميا.
هاليلوزتش يكتشف الساحر محرز يعود الفضل في اكتشاف خريج مدرسة لوهافر الفرنسية إلى المدرب الفرانكو بوسني وحيد هاليلوزيتش الذي تابعه منذ مرحلة العودة لموسم (2013 - 2014) خلال الميركاتو الشتوي الذي انتقل فيها من نادي لوهافر الناشط ب «الليغ 2» الفرنسية إلى ليستر سيتي البطل الشتوي للتشامبيان تشيب، حيث وبعد مباراته الخامسة كسب ثقة المدرب الإنجليزي نيغيل بيارسن، وأضحى لاعبا أساسيا في نهجه التكتيكي إلى غاية نهاية الموسم، الذي كلل بنيل لقب التشامبيان شيب والصعود إلى البريمرليغ، بعد غياب دام 10 مواسم كاملة عن قسم الأضواء. موسم ساهم خلاله ابن مدينة بني سنوس في صعود الفريق، عن طريق تسجيل 03 أهداف وتقديم 05 كرات حاسمة خلال 19 لقاء، الأمر الذي جعله يكسب قلوب أنصار الفوكسيز سريعا، ودفع بالكوتش وحيد إلى استدعائه لدخول معسكر الخضر بسويسرا، تحضيرا لنهائيات كأس العالم 2014 بالبرازيل، دعوة قبلها الفنان بسرعة ودون تردد تخليدا لروح والده الذي كان يعشق الجزائر وتحقيقا لحلم الصبا. انطلقت قصة محرز مع الخضر من ودية أرمينيا، يوم 31 ماي 2014، أين تألق بشكل ملفت للانتباه في منصب جناح أيسر، حيث قدم تمريرتين حاسمتين الأولى لزميله نبيل غيلاس والثانية لإسلام سليماني، أداء جعله يخوض المواجهة الأولى في مونديال بلاد السامبا ضد بلجيكا أساسيا، لكنها خرجة لم تكن موفقة في مواجهة احترم فيها الخضر الشياطين الحمر كثيرا، ولعبوا فيها متجمعين للخلف ما كلفهم الهزيمة بهدفين لواحد، ليكون ذلك ثاني وآخر لقاء يخوضه محرز تحت إمرة البوسني. غوركوف يصقل موهبته ويضعه في الواجهة تعيين الفرنسي كريستيان غوركوف على رأس العارضة الفنية للخضر بعد كأس العالم بالبرازيل، لم يبعد محرز عن الخضر بل وضع فيه «المعلم» ثقة كبيرة، ونصبه أساسيا بداية من المواجهة الثانية له لحساب الجولة الثانية من تصفيات «كان» 2015، ثقة جعلت رياض يكسب الخبرة القارية في التنقلات العدة التي قام بها المنتخب إلى أدغال إفريقيا، وبرز بتسجيله رباعية في مختلف المنافسات وتقديم 16 كرة حاسمة مساهما في عشرين هدفا من أصل 21 مقابلة خاضها، أداء جعله يلقى إشادة الجميع بالرغم من انتقاده بعد كل مباراة ومطالبته بضرورة مساعدة المدافعين عند تضييع الكرة، خصوصا بعدما تم تحويله من اللعب على الرواق الأيسر إلى رواقه المفضل الأيمن أربع مباريات قبل رحيل مكون المدربين الفرنسيين. فشل اختيار المدربين جعله يمرّ بمرحلة فراغ رهيبة رحيل غوركوف عن العارضة الفنية للخضر أثر على مردود اللاعبين ونتائج المنتخب، وجعل الخضر يدخلون في دوامة من النتائج السلبية، بعد فشل الرئيس الأسبق محمد روراوة في الكاستينغ باختيار راييفاتس الذي أقيل بطلب من كوادر المنتخب بعد تعادل الخضر ضد الكاميرون (1-1) في تصفيات مونديال روسيا 2018، ليخلفه المدرب جورج ليكانس الذي قاد الأفناك في أربع مباريات، سجل خلالهما محرز ثنائية ضد زيمبابوي في أمم إفريقيا 2017، وقدّم تمريرتين حاسمتين ضد نيجيريا في تصفيات المونديال وأخرى أمام المنتخب السنغالي. نهاية «كان» الغابون تزامنت مع نهاية عهدة رواروة، وانتخاب خير الدين زطشي رئيسا جديدا للاتحادية الجزائرية لكرة القدم، الأخير كان أمام مأمورية إعادة ترتيب البيت وانتداب مدرب كفيل بتأهيل الخضر للمونديال الثالث على التوالي، لكنه هو الآخر فشل في اختيار المدرب الأنسب، بعدما كلف المدرب الإسباني المغمور لوكاس ألكاراس بالمهمة. ابن مدينة غرناطة قاد الخضر في خمس مواجهات، عجز خلالها عن اقتطاع تأشيرة العبور إلى نهائيات مونديال الدب الروسي، وعجز معها النجم محرز عن تسجيل وتقديم أي كرة حاسمة في أطول مرحلة فراغ عاشها مع محاربي الصحراء. حال أفضل لاعب في البريمرليغ لم تتحسن مع قدوم الأسطورة رابح ماجر لتدريب المنتخب الوطني، بالرغم من عودته لممارسة هوايته المفضّلة بتقديم 04 كرات حاسمة في 06 مباريات رفقة صاحب الكعب الذهبي، الذي أقيل بعد أربع هزائم متتالية في المباريات الودّية التحضيرية ضد كل من إيران والسعودية والرأس الأخضر والبرتغال على التوالي. بلماضي يبني مشروع لعبه على محرز اختيار المدرب الثالث في ظرف سنة كان هذه المرة موفقا لأبعد الحدود، حيث جلب جمال بلماضي الاحترافية والصرامة في العمل، وأكد منذ أول ندوة صحفية على نقطتين مهمتين، الأولى حين رفع التحدي قائلا: «سنتنقل إلى مصر من أجل العودة بالتاج القاري»، والثانية حين شدّد اللهجة مع رجال الإعلام «توقفوا عن انتقاد محرز وساندوه، مشكلته مشكلة ثقة وإذا استعادها سيحمل المنتخب على عاتقه». كلمات بلماضي في أوّل ندوة صحفية أعادت محرز من قاع البئر إلى الواجهة، خصوصا بعدما رسمه قائدا دائما لكتيبة المحاربين، بداية من مواجهة تونس الودّية التحضيرية لنهائيات كأس أمم إفريقيا 2019، عقب تألقه في مواجهة التوغو بتسجيله هدفا وتقديمه كرتين حاسمتين. محرز ليستر سيتي الذي اختفى مع مانشيستر سيتي ظهر من جديد مع المنتخب الوطني، بعد الثقة التي اكتسبها مع المدرب جمال بلماضي، حيث كان مفتاح المباريات المعقدة في «الكان» الفرعوني، أين تمكن من تسجيل ثلاثة أهداف ضد منتخبات كينيا وغينيا ونيجيريا، الأخير اختير أفضل هدف في المنافسة كونه جاء في الأنفاس الأخيرة من عمر نصف النهائي، الذي أعاد الكرة الجزائرية إلى الواجهة، بعد 29 سنة عن الغياب. الجمهور الجزائري شاهد من جانبه اللعب الجميل، والقائد الذي حمل على عاتقه المنتخب وتحمل مسؤولياته، وعاد بالتاج القاري الثاني في خزائن الفريق الوطني، الأمر الذي أخرج ملايين الجزائريين للشارع احتفالا بعودة ذات الأذنين إلى أرض المليون والنصف مليون شهيد. محرز أنهى البطولة القارية في وصافة ترتيب الهدافين، وفي التشكيلة المثالية لنهائيات أمم إفريقيا، مع خطفه لصدارة ترتيب اللاعبين الحائزين على جائزة رجل المباراة التي نالها في مناسبتين رفقة زميله إسماعيل بن ناصر. فخر العرب اللقب الذي أطلق على محرز بعد أمم إفريقيا نظير تألقه في «الكان» ومع السيتي، لم تتوقف إنجازاته عند التتويج ب «الكحلوشة» كما يحلو للجمهور الجزائري تلقيبها، بل أصبح يحطّم الرقم القياسي تلوى الآخر لأساطير كرة القدم الجزائرية، حيث يتموقع حاليا في المركز 17 للاعبين الأكثر مشاركة مع المنتخب الوطني ب 62 مواجهة رفقة المايسترو كريم زياني وقائده الأسبق كارل مجاني، خلف مهدي سرباح والمرحوم محمد خديس صاحبي 64 لقاء، كما يتقاسم المركز السابع لأفضل الهدافين على مرّ التاريخ رفقة المهاجم الأسبق تاج بن صاولة برصيد 19 هدفا، وعلى بعد 04 أهداف عن زميله في المنتخب العربي هلال سوداني، ونال أيضا شرف تسجيل الهدف رقم 800 في تاريخ المنتخب باستعراضية ليل ضد المنتخب الكولومبي. محرز الذي يتوهج هذا الموسم مع المان سيتي الذي قاده للتتويج بالبريمرليغ، وبلوغ نصف نهائي رابطة الأبطال الأوروبية لأوّل مرّة في تاريخ النادي، ضد باريس سان جيرمان الذي سجل عليه ثلاثية ذهابا وإيابا، ينتظر منه شهر جوان المقبل مساعدة الخضر للحفاظ على سلسلة المباريات دون هزيمة، في الوديات الثلاثة التي تمكنت الاتحادية من برمجتها ضد موريتانيا ومالي وتونس، ورفعها إلى 27 مواجهة كاملة دون تذوق طعم الهزيمة، مع تحطيم الرقم القياسي الإفريقي المتواجد بحوزة الفيلة الايفوارية ب 26 مواجهة، والعمل على مواصلة تسلق الترتيب العام للفيفا الذي سيكون مهما في الدور الرابع والفاصل لتصفيات كأس العالم 2022 بقطر. يذكر، أن نجم السيتي سجل مع الخضر 19 هدفا وقدم 33 تمريرة حاسمة، مساهما في 52 هدفا كاملا في 62 مواجهة حمل فيها الألوان الوطنية، ما يعتبر أمرا استثنائيا ويؤكد علو كعبه.