من المخزي أن تستهين وسيلة إعلام حتى ولو كانت تابعة لدولة عظمى بأحد أعظم وأقدس رموز دولة ذات تاريخ عريق وسيادة وتسيء إلى نشيدها الوطني في محمل دولي يراد به الإلتفاف حول روح التسامح وكسر الحواجز والحدود بين شعوب المعمورة تحت لواء الروح الرياضية النزيهة. وأنه لسابقة خطيرة ما أقدمت عليه صحيفة (دايلي تيليغراف) البريطانية، بتصنيفها النشيد الوطني (قسما) من ضمن قائمة الأناشيد الأسوأ من بين الدول التي تشارك في دورة الألعاب الأولمبية بلندن. ويبقى السؤال مطروحا عن السبب الذي دفع بمحرر المقال الذي نشر يوم 26 جويلية علي الموقع الالكتروني للصحيفة البريطانية، للتطاول على رمز يمجد تضحيات شعب مجيد، ويخلده نضاله وكفاحه المرير الذي دفع وضحى من خلاله بالنفس والنفيس من أجل افتكاك سيادته وحريته من أيدي المستعمر الفرنسي الغاشم؟. كما نتساءل عن الدافع الحقيق الذي أدى به لتصنيف ومحاولة تقيم الأناشيد الوطنية للدول المشاركة في أولمبياد 2012 بلندن، والكل يعلم أن هذه الأخيرة، منافسات رياضية محضة، فكيف يقارن فيها بين أناشيد ال205 وطن مشارك، وعلى أساس أي معايير أو مقاييس استند لفعل ذلك؟. والغريب في الأمر إن النقد الذي وجهته الصحيفة للنشيد الوطني واصفة إياه بنشيد يمجد المدافع الرشاشة والبارود يترجم عن حنين محرر المقال إلى الماضي الاستعماري والذي تتقاسمه بريطانيا تاريخيا مع فرنسا. و كما كان منتظرا فلم تتأخر الجزائر لحظة للرد على مثل هذا الابتزاز الخطير والتصرف العنصري المشين، الذي يمس بمبادئ ثورة نوفمبر و عزة الشعب الجزائري حيث سارع سفير الجزائر بلندن بالتعبير عن »احتجاجه شديد اللهجة لدى مدير نشر صحيفة »دايلي تيليغراف« ردا على المقال المشين في حق النشيد الوطني، الذي يعد مكسبا ثابتا لثورة الفاتح من نوفمبر المجيدة، حسب ما صرحت به رسميا وزارة الشؤون الخارجية للبلاد. كما أكدت هذه الأخيرة في ذات السياق، عزم الجزائر »القيام بمساعي لدى الجهات المختصة من أجل جلب انتباهها بخصوص فحوى المقال الذي يمس بالروح الأولمبية المثالية ويسيء إلى ما تكبده الشعب الجزائري من معاناة من أجل الحصول على استقلاله واسترجاع كرامته وسيادة وطنه«. وجاء موقف المجتمع المدني الجزائري مستنكرا على نفس الوتيرة تطاول صحيفة (الدايلي تليغراف) على النشيد الوطني الجزائري الذي كتب كل حرف فيه بدماء الشهداء وتضحية المجاهدين والمجاهدات، والذي ألهم الكثير من الشعوب التي كافحت الاستعمار عبر كل قطر من المعمورة.