مع حلول شهر أوت الجاري وارتفاع درجات الحرارة بشكل ملحوظ، بدأ فلاحو ولاية الوادي في جني تمر «المنقر» أو ما يعرف ب «البسر» في الأوساط المجتمعية المحلية، حيث تصادف فترة نضجه الشهر الأخير من الصيف، وفي ولايات أخرى يبدأ جنيه في جويلية. الطلائع الأولى لبواكير تمر «المنقر»، ظهرت بكثافة منذ أسبوع على رفوف التجار، وفي الأسواق الشعبية اليومية والأسبوعية، إذ يعرف هذا النوع من التمور إقبالا واسعا من المواطنين، نظرا لمذاقه العسلي اللذيذ جدا وقيمته الغذائية، ويتمّ جنيه في فترات الصباح فقط من دون مراحل النهار الأخرى للحفاظ على جودته، وسلامة النخلة والمحصول من الأمراض. وتراوح سعر «المنقر»' المعروض هذه الأيام على رفوف وطاولات التجار بين 150 و200 دينار جزائري للكيلوغرام الواحد، في حين يكون سعره لدى الفلاحين ومنتجيه في القرى والأرياف ذات الطابع الفلاحي أقل سعرا وأفضل جودة. «المنقر» يعتبر من تمور صنف الغرس، وهو عبارة عن تمر يكون في مرحلة ما قبل النضج الكامل، بنصفين أحدهما أصفر فاقع اللون، والنصف الآخر بني طري فوّاح برائحة عطرة شهية، وتتأثر قيمته وجودته بسرعة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، إذ يفضل مستهلكوه وضعه في الثلاجة حتى تصل مدة حفظه إلى أسبوعين، ويكون مناسبا للأكل بنفس المذاق والقيمة الغذائية. نضج تمر «'المنقر»' خلال هذه المرحلة كما أوضح فلاحون ل '«الشعب'»، لابد له من درجات حرارة عالية، فكلما تجاوزت درجات الحرارة في المنطقة 45 إلى 50 درجة مئوية يكون نضجه أسرع وجودته أفضل، أما إذا انخفضت درجات الحرارة إلى حدود أربعين فيشكل ذلك عليه ضررا مثل باقي أصناف التمور. ومن بين الآفات التي تضر بهذا الصنف من التمور «المنقر»، حسبهم، يوجد مرض ال»بوفروة» المتمثل في عنكبوت طفيلي سريع الإنتشار مدمر لكل أنواع المحصول، بالإضافة إلى الرياح التي تتسبب في سقوط الثمار على الأرض وتلفه، والهواء المعتدل على قلته في هذه المرحلة، وهبوبه في بعض الأحيان يسجل وفق متغيرات وضعية الطقس في مناطق شمال الولاية. «حامد-خ» فلاح مختص في مجال النخيل أكد ل»لشعب» بأن تمر المنقر يلقى إقبالا واسعا من التجار في هذه الظرف، حيث يعمد في بستانه إلى جنيه قبل انتصاف النضج حتى تكون فترة حفظه أطول، ويكون في متناول المستهلك الذي يقتنيه من المحل أو السوق. ولم يخف «حامد» قلقه من انتشار البوفروة في بستانه، مشيرا أنه قام بالوقاية منذ فترة ضد هذا الداء، لكن ظروف جفاف الطقس وارتفاع درجات الحرارة، وغبار الرياح قد يسهم في عودة المرض في أي لحظة، منوها أن انتشاره سريع بين النخيل وعراجين التمر. ويتميز «المنقر» بسرعة انقضائه واختفائه من عراجين نخيل الغرس، فكلها اشتدت درجات الحرارة كان ذلك الاختفاء أسرع، والعكس في حالات اعتدال وتيرة الطقس الصحراوي في حدود 40 و43 درجة مئوية، كما أنه يتميز بخاصية عدم طول مدة الاحتفاظ به بعد القيام بجنيه، وتلفه بسرعة إذا لم يستهلك في حدود يومين إلى ثلاثة، أو يوضع في ثلاجة لتمديد فترة استهلاكه لأيام أو أسابيع. هذا النوع من التمور يعتبر مصدر رزق لآلاف العائلات في ولاية الوادي، التي تنتظر هذا الفترة من الصيف بشغف لجني وبيع جزء من المحصول قبل أن يتحوّل إلى تمر غرس، حيث يكون هذا الأخير أقل ثمنا من «المنقر» بعد جنيه منتصف فصل الخريف، كما يفضل كثير من الفلاحين عدم جني تمر المنقر وانتظار نضجه بالكامل حتى يتحوّل إلى غرس. ويشرع منتجو التمور في الوادي التي تحصي حوالي 1.5 مليون نخلة، في عملية الحصاد الموسمي الفعلية للمحصول مع بداية شهر سبتمبر القادم، وتستمر العملية إلى غاية منتصف شهر نوفمبر، حيث تشمل الأصناف المنتجة بكثرة في الولاية دقلة نور، والغرس، والدقلة البيضاء، وأنواع أخرى كثيرة أقل زراعة وإنتاجا.