تشهد ولاية باتنة في الأشهر الأخيرة، تراجعا في التزود بالمياه الشروب بسبب انخفاض منسوب سد كدية المدور الذي يمون لوحده 9 بلديات كبرى من ولايتي باتنة وخنشلة. وتبذل مجهودات كبيرة محليا للحفاظ على ديمومة هذه المادة الحيوية عن طريق تسطير برنامج توزيع متناوب وكذا تقليص كمياته وتغيير فترات التموين مؤقتا. دفع هذا الوضع المصالح الولائية إلى إطلاع وزارة الموارد المائية والأمن المائي بالوضعية الحقيقية للتزود بالمياه الصالحة للشرب، وهو ما استجابت له الوزارة عبر إيفادها للجنة رفيعة تتكون من مدير مركزي، ومدير من المديرية العامة للجزائرية للمياه، إضافة إلى مديري كل من الوكالة الوطنية للسدود والديوان الوطني للسقي، قامت بمعاينة مستوى المياه بالسد والاطلاع على طرق التوزيع، والاستماع لاقتراحات إطارات القطاع محليا بخصوص الحلول الاستعجالية لمواجهة أزمة جفاف محتملة. وأكدت مديرية الري بباتنة النظر في الحلول الاستعجالية اللازمة وتحسين الخدمة العمومية المقدمة، خاصة بعد تسجيل انخفاض كبير في منسوب مياه سد كدية المدور بتيمقاد والتي لم تتجاوز 19 مليون متر مكعب في الأشهر الأخيرة مع قلة التساقط المطري التي تشهدها المنطقة منذ مدة. وتسببت الأعطاب المتكررة في القنوات الرابطة بين سدي بني هارون بولاية ميلة، وسد كدية المدور بتيمقاد، في ضياع كميات كبيرة من المياه عبر التسربات المختلفة، ما دفع الفلاحين والمواطنين، على حد سواء، إلى دق ناقوس الخطر حول هذه الوضعية التي كشفت عيوبا في إنجاز عديد المشاريع، منها مشروع الربط بين سد بني هارون وكدية المدور. من جهتها، سطرت مصالح الجزائرية للمياه برنامجا خاصا لضمان التموين بالمياه الشروب والإسراع في عمليات إصلاح الأعطاب المسجلة بالقناة الناقلة للمياه من سد بني هارون إلى سد كدية المدور للقضاء على التسربات التي تشهدها ضمن برنامج استعجالي لتوزيع المياه بالنسبة للبلديات والتجمعات السكنية التي تعتمد على التموين من هذا السد. ترشيد الاستهلاك وضمان التموين على صعيد آخر، اضطرت الجزائرية للمياه إلى تقليص فترات التزويد بالمياه، مع تغيير مواقيت التوزيع حسب الكثافة السكانية بالبلديات والأحياء، إضافة الاحتياجات الحقيقية للمواطنين بعد تراجع نسبة التساقط، مع التأكيد على أهمية مشروع التحويل الخاص بالمياه الشروب من بني هارون إلى سد تيمقاد، لتموين عدة بلديات عبر قنوات الأروقة الأربعة بما يعادل 110 آلاف متر مكعب يوميا. من جهة أخرى، أعلنت أيضا الجزائرية للمياه دخول جزء معتبر من المشروع الخاص بتجديد شبكة المياه لمدينة باتنة حيز الخدمة عبر العديد من شوارع وأحياء المدينة على أمل استكمال المشروع قريبا وتجديد كل شبكات المياه بالمدينة، بغية التخلص النهائي من استغلال الشبكة القديمة المهترئة والتي يرجع جزء هام منها إلى العهد الإستعماري. وتتواصل أشغال مشروع الشطر الثاني من تجديد شبكة المياه، لتجديد الشبكات على مسافة 160 كلم، بغلاف مالي ضخم يقدر ب200 مليار سنتيم، لفائدة أكثر من 12 ألف مسكن، بما فيها إعادة تأهيل الشبكة وكذا التوصيل، حيث تم إسناد المشروع لمؤسستين إحداهما خاصة والأخرى عبارة عن مجمعين عموميين. وبالعودة إلى البرامج المتعلقة بحشد الموارد المائية بولاية باتنة، سعت مصالح مديرية الري إلى ربط شبكة المياه بالآبار الارتوازية وكذا الرفع من سعة التخزين وأخيرا توسيع شبكة المياه الصالحة للشرب، حيث تجاوز الغلاف المالي الكلي لهذه العمليات 450 مليار سنتيم. كما سجلت ذات المصالح مشاريع لتعزيز توفير المورد المائي عبر 26 بلدية ضمن برامج مختلفة، منها ما هو محلي وآخر مركزي، لتدعيم وتوسيع شبكات المياه الصالحة للشرب عبر 32 مركزا ب26 بلدية، من أجل تحسين الخدمة، على غرار رفع مدة وكمية التزود بالمياه يوميا. كما سيمكن سد بوزينة العملاق من سقي حوالي 570 هكتار من الأراضي الفلاحية وسيدعم التزود بالماء الشروب بثلاث بلديات وهي بوزينة ومنعة وتيغرغار، حيث تصل قدرة استيعاب هذا السد 18 مليون متر مكعب. وبلغت تكلفة إنجاز مشروع سد بوزينة، الذي يعد ثاني سد ينجز بولاية باتنة بعد كدية المدور بتيمقاد الذي دخل الاستغلال منذ سنوات، ب10 مليار دج، بما في ذلك المتابعة التقنية للمشروع الذي انطلق في 2014. استثمارات منقذة أنقذت استثمارات السلطات العمومية بباتنة الولاية من أزمة كبيرة في المياه، تُوشك أن تتجدد هذا العام، حيث استفادت عديد البلديات من مشاريع هامة لم تكن كافية لإنهاء المعاناة مع المياه الصالحة للشرب، على غرار بلديات إشمول، أريس، مروانة، بريكة وغيرها. ولمواجهة النقص، خاصة بالنسبة لسكان العمارات ذات الطوابق الكثيرة، لجأ المواطن إلى اقتناء المياه عن طريق الصهاريج وهي الظاهرة التي اختفت لتعود في الأشهر الأخيرة بقوة، مع ارتفاع أسعار الصهاريج ما تسبب في تفاقم الوضع ولجوء بعضهم إلى تعبئة المياه من الآبار الخاصة بالمناطق المجاورة. وبخصوص تطور مؤشرات قطاع الموارد المائية، تم تحقيق نسبة 95% في نسبة الربط بشبكة المياه الصالحة للشرب بطول شبكة إجمالي يفوق 5737 كلم، ما سمح لكل مواطن بالولاية من الاستفادة من 162 لتر يوميا موزعة عبر 549 وحدة تخزين سعتها الإجمالية تفوق 282.740 متر مكعب. بخصوص البرامج المركزية، تم إنجاز مشاريع كبيرة، على غرار سد كدية لمدور بطاقة استيعاب 75 مليون متر كعب وسد بوزينة الذي تم استلامه بغلاف مالي يفوق 900 مليار سنتيم بسعة 18 مليون متر مكعب، موجه أساسا لتلبية الحاجيات من المياه الصالحة للشرب والسقي الفلاحي حفاظا على 95 ألف شجرة مثمرة موزعة على 600 هكتار والمهددة بالجفاف لنقص المياه. كما تدعمت الولاية بمشاريع لإنجاز 5 سدود جديدة بكل من تابقارت ببلدية أولاد سي سليمان بسعة 11 مليون متر مكعب للحفاظ على 2400 هكتار بالمنطقة بها 275 ألف شجرة مثمرة معظمها من فاكهة المشمش وكذا لضمان تزويد 42 ألف نسمة بالمياه الشروب.