بينما تتزايد المخاوف من عودة ليبيا إلى بدايات أزمتها الأمنية والسياسية، خاصة مع وجود حكومتين متوازيتين تصرّ كلّ واحدة منهما على أنها تحظى بالشرعية، تكثّف المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، ستيفاني وليامز، مساعيها لنزع فتيل الانفجار، وإقناع، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، ورئيس الوزراء المكلف من مجلس النواب، فتحي باشاغا، بالحوار لإيجاد تسوية للانسداد السياسي الحاصل وإعادة دفع المسار الانتخابي باعتباره السبيل الوحيد لاضفاء الشرعية الشعبية على المؤسسات الليبية والحفاظ على وحدة البلاد واستقرارها. وليامز، التي أجابت عن سؤال حول أيّ من الحكومتين تؤيّد، بقولها: «لست في مجال تأييد الحكومات أو الاعتراف بها»، طمأنت بأن الدبيبة وباشاغا، أبديا استعدادهما للمشاركة في حوار بنّاء، يقود إلى تحديد موعد فاصل للانتخابات التي تمثل المخرج الوحيد من حالة التجاذبات السياسية الحاصلة وتهديد الإخوة الفرقاء بالعودة الى الاحتراب الداخلي، خاصة مع ما تشهده العاصمة طرابلس من تحشيد عسكري. تفاؤل المستشارة الاممية تقاسمه سفير الولاياتالمتحدة ومبعوثها إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند، الذي تحدّث هو الآخر مع الدبيبة وباشاغا، من أجل تهدئة التوترات، ووقف التصعيد والتفاوض لحل الخلاف السياسي. لكن على الرغم من تطمينات ويليامز وتفاؤل نورلاند، إلا أن الوضع في ليبيا يثير القلق، ويرفع من حجم المخاوف خشية العودة الى مربع الحرب فمظاهر العسكرة والتسليح في كلّ مكان، وإلى جانب كلّ حكومة هناك قوات تضع أصابعها على الزناد، إضافة إلى أن التجارب السابقة كثيرا ما أثبتت بأن الحوار الذي يباشره الفرقاء الليبيون، هو بمثابة حوار طرشان لا يفضي الى نتيجة إلاّ تحت الضغط الخارجي. المخاوف تبدو مبرّرة، ومع ذلك نتمنى أن نخطئ التقدير،لنشهد حوارا ليبيا يعيد العملية السياسية الى سكّتها الصحيحة، ويقود إلى إجراء الانتخابات دون إطالة، فيكفي عشر سنوات كاملة ضيّعها أحفاد شيخ الشهداء عمر المختار وهم غارقون في سياسة جلد الذات.