مع حلول رمضان، تعرف صفحات الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي اقبالا كبيرا على البيع والشراء عن بعد، إذ تشكل متنفسا للمستهلكين للحصول على مختلف المنتجات، لاسيما ملابس وتجهيزات العيد، وهم مرتاحون في منازلهم أو مناطق عملهم، دون عناء التنقل من متجر إلى آخر، ويتجّه الجزائريون نحو الاعتماد أكثر على هذا النوع من التجارة وبوتيرة متسارعة دعمتها الحاجة الملحة بعد الظرف الصحي الذي عرفه العالم منذ سنة 2020، مع انتشار جائحة كوفيد-19 التي دفعت التجارة الالكترونية إلى الظهور. «شبيهة وبنوعية اقل» تعد التجربة «جيدة» بالنسبة لمريم التي أكدت «رضاها عن هذه الخدمات الالكترونية، من حيث احترام الآجال وايصال السلع الى باب المنزل، بالنسبة لبعض المتعاملين»، غير أنها لاحظت أن بعض الباعة «لا يسلمون الزبون نفس نوعية السلع التي تعرض عبر الانترنت وإنما سلع شبيهة بها وبنوعية أقل». أما حليم، فأكد أن تجربته مع هذا النوع من التجارة كانت «في المستوى» لاسيما وأن «التجار يجيدون التسويق عبر الانترنت حاليا أكثر من التجارة العادية، من ناحية التركيز مع الزبون وايلائه كافة الأهمية، على عكس المحلات التي تعرف غالبا الاكتظاظ ولا تسمح لصاحبها بالإنصات الجيد لكل الزبائن». من جانبها ترى عبلة إحدى المتعاملات في مجال التجارة الالكترونية بالعاصمة، أن ممارسة التسويق والبيع عن بعد «جد مريحة» بالنسبة للمتعامل، بحيث لا يضطر لمعالجة عدة طلبات في آن واحد، وإنما يعالج كل طلب على حدا. وعلى الرغم من ذلك، أكدت المتحدثة أن التجارة الالكترونية في الجزائر «لازالت بعيدة كل البعد عن مفهومها الحقيقي» وأنه في العديد من الأحيان «يتغلب الخوف من النصب والاحتيال على ذهنيات الجزائريين، لاسيما وأن هذه المعاملات ترتكز على الانترنت أساسا، والذي تلعب فيه الثقة دورا هاما لإتمام المعاملات». أما عبد الحكيم فيقول، أنه تعرض إلى «خيبات متتالية» عند قيامه ببيع سلعه عبرالانترنت، بعد تغيير عدة زبائن لآرائهم وعدم تسلم السلع وهو ما كلفه الوقت والمال ومخاطر تعرض سلعه للتلف، لاسيما وانها عبارة عن تجهيزات رقمية حساسة، حيث يجد نفسه مضطرا ليدفع للموزع سعر نقلها وسعر إعادة إرجاعها. تطهير النشاط من «الدخلاء» لتوضيح طبيعة هذا النشاط وضوابطه القانونية، أوضح مدير مراقبة الممارسات التجارية والمضادة للمنافسة بوزارة التجارة وترقية الصادرات محمدي رضوان، أن الوزارة فتحت ملف التجارة الالكترونية قصد «تطهيره من الدخلاء» وحماية حقوق المستهلكين، واستحدثت الادارة المركزية في هذا الاطار رمزا للنشاط خاصا بالتجارة الالكترونية يحمل رقم 607.074 على مستوى المركز الوطني للسجل التجاري، وذلك بموجب القانون رقم 18-05 المؤرخ في 10 مايو 2018 المتعلق بالتجارة الالكترونية. وحسب نفس المسؤول، فقد بلغ عدد المتعاملين المقيدين لدى مصالح السجل التجاري، تحت رمز نشاط التجارة الالكترونية حتى أبريل الجاري 2127 متعامل منهم 1010 شخص طبيعي و1117 شخص معنوي، فيما تحصل على اسم النطاق المفروض في المعاملات الالكترونية 176 متعامل فقط، بنسبة تمثل 8.27 بالمائة. ويلزم القانون جميع ممتهني التجارة الالكترونية بالحصول على اسم النطاق (.dz) لإضفاء الشرعية على نشاطاتهم وتقديم ضمانات أكبر للمستهلكين مما يسمح بالإقبال أكثر على هذا النوع من التجارة، يؤكد محمدي وبخصوص مدى تنفيذ إجراءات إلزام المتعاملين بتحديد اسم النطاق، قال محمدي إن القطاع مازال حاليا في «مرحلة التحسيس والمراقبة المستمرة لقائمة المتعاملين»، داعيا التجار المستعملين للسياق الالكتروني باستكمال إجراءاتهم الادارية اللازمة التي تسمح لهم بالتحوّل من الصفة الموازية للنشاط الى الصفة القانونية، لتفادي العقوبات المحدّدة في القانون. ويرى محمدي أن التجارة الالكترونية تعرف «إقبالا واسعا» من طرف المستهلكين، مشيرا إلى أن القانون 18- 05 يضمن لهم الحماية القانونية في حال تعرضهم للغش، موضحا أن «الطلب الالكتروني يتضمن عقدا الكترونيا تلقائيا بين التاجر والمستهلك، ويتضمن أيضا الفواتير التي يمكن أن يستفيد منها المستهلك، وعلى البائع تحديد كيفية التسديد ونوعية البضاعة ونوع العقد».