بعد المذبحة الرّهيبة التي ارتكبتها قوات المخزن في حقّهم بدم بارد لا لذنب إلا لأنهم حاولوا اجتياز الحدود والانتقال إلى أوروبا، لم يعد أثر للمهاجرين غير الشرعيين في الناظور، وكأنّ الأرض انشقت وابتلعتهم، ما فتح المجال للتساؤل عن مصيرهم، هل قرّروا الاختباء خوفا على حياتهم، أم تعرّضوا للاعتقال أو القتل؟ سكان المنطقة الحدودية مع إسبانيا، يقولون بأن المهاجرين الذين عبروا القارة السمراء من أقصى جنوبها حتى أقصى شمالها، متحدّين الحدود، الخوف والجوع، الموت والمقابر، سياجات الحدود وشفراتها الحادة، هربا من البؤس واليأس، والذين كانوا يملؤون شمال المغرب ضجيجًا، لم يعد لهم وجود، غير بعض الشواهد التي تؤكّد بأنّهم مرّوا من هنا، كبعض الملابس البالية والأحذية المهترئة، وعلب الطعام، والعديد من الأشياء الأخرى المبعثرة هنا وهناك. في لمح البصر، اختفى المهاجرون غير النظاميين ومعهم حلمهم بالوصول إلى الضفة الأخرى، وبينما يقول البعض بأنهم اختاروا مغادرة مدينة الناظور، أو الاختباء في أحراشها وغاباتها خوفًا من الاعتقال والقتل، يجزم كثيرون بأنهم نقلوا إلى المناطق الداخلية من البلاد لعرقلة تقدمهم نحو الحدود الشمالية، وبالتالي منع هجرتهم إلى إسبانيا، وسجّلت مصادر، أنّها شاهدت سيارات ل «القوات المساعدة» ممتلئة بالمهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء تغادر الناظور. وأوردت ذات المصادر، أنّ السلطات المغربية نقلت، السبت، إلى مدن وسط البلاد «نحو 900 مهاجر من جنوب الصحراء، اعتقلوا يوم الجمعة خلال محاولتهم القفز نحو مليلية فوق السياج الحدودي». وتمّ ذلك، في حافلات مستأجرة من قبل السلطات المحلية وتحرسها أجهزة الأمن، وانتهى الأمر بالمهاجرين في مدن مركزية مثل خريبكة أو قلعة السراغنة، الواقعتين على بعد 600 و800 كيلومتر على التوالي من الناظور. وذلك، وفقًا للمدافعين عن حقوق الإنسان، «عمليات نقل غير قانونية»، ولكنها ممارسة شائعة بعد الحملات التي شنتها السلطات في الجبال لكبح محاولات القفز فوق الأسوار الحدودية مع إسبانيا. الموتى..أعداد متضاربة بعد أربعة أيام من المجزرة، تتواصل أرقام القتلى في تضاربها بين الرسمية والمدنية، فالسلطات تقول 23 في المجموع، فيما تؤكد المنظمات الإنسانية مقتل 37 شخصًا على الأقل، وترى مصادر أخرى أن الرقم أعلى. وفي بيان مشترك، دعت عشر منظمات إنسانية مغربية وإسبانية السلطات إلى «التعرف على هويات الضحايا وإعادتها إلى عائلاتهم، بالتعاون مع منظمات المهاجرين».