بعد أن خطت خطوات على طريق الخروج من نفق الأزمة، لا تزال ليبيا تواجه تحدي بناء مسار الحل السياسي القائم على انتهاج خيار الانتخابات بما يسمح للشّعب الليبي المثقل بتداعيات الأزمة بالعبور إلى برّ الأمان. سنوات تمضي وموارد تضيع فيما لا يزال الشّعب الليبي يتطلّع إلى طي فصول أزمة تغذّيها عدة عوامل صراع على السلطة وتدخّلات أجنبية لأطراف كانت السبب في استهداف ليبيا تحت شعارات تأكّد فيما بعد أنها أوهام تحمل بذور العنف والفوضى، وكل ما يترتّب عنها من ضياع للثروات. إنّ العودة إلى مستنقع الفوضى وما يرافقها من عنف يعطل بلا شك مسار الحل السياسي، الذي يمر عبر اللجوء إلى آلية الانتخابات التي تسمح للشعب الليبي بممارسة حقه في الاختيار لبناء مؤسسات دستورية تنتشل ليبيا من حلقة مفرغة لا تزال تستنزفها بينما توجد إمكانيات وموارد طبيعية وبشرية تؤهلها للانتقال من مرحلة صدمة التغيير بالعنف إلى مرحلة البناء بإشراك كافة أطياف الشعب الليبي ليرسم صورة جديدة تعكس كل الموروث التاريخي والماضي النضالي، كما يرمز إليه عمر المختار، من أجل الحرية والسيادة. ويُمكن حينها لليبيا أن تستأنف أداءها في المنطقة والعالم بما يعود على شعبها الشقيق بثمار لا يمكن أن تنضج سوى في ظل الاستقرار والهدوء الذي تُصيغه آلية التوافق انطلاقا من اعتماد ثوابت جوهرية تشكّل القلب الليبي النابض عنوانها الوحدة والتضامن والغيرة على السيادة الوطنية، وهو ما يبدي الليبيون الحرص عليه لانجاز العبور الآمن. ولا تزال الأوراق الرّابحة موجودة على طاولة الحوار، الذي لا ينبغي أن تؤثر فيه التطورات المؤسفة التي حدثت مؤخرا، ومن شأن حسن استعمالها من طرف الليبيين أنفسهم أن تفكك مختلف الجوانب التي تعيق مسار الحل فتختصر الزمن وتوفر الجهد والإمكانيات حتى يستعيد الشعب الليبي ما يتطلّع إليه من تنمية ورقي وترسيخ للأمن، الذي يبقى المفتاح الأوّل والأخير للأزمة.