هنا لتتحدّث لنا عن وطن الثّورة التي عَسِر مخاضها حتى أنجبت أحرارا، اروِ لنا يا تاريخ العزّة كيف كتب الأبطال حكاياتهم بدم شريانهم ليكون عنوانهم القادم الجزائر حرّةً، لا تمهلنا يا تاريخ المجد والفخار، هيَا اكتب حروف اسم مليون ونصف مليون شهيدٍ على جدران الزّمن الخالد هنا، والذي لا يعرف الرّحيل، مدّنا يا تاريخ بنور ثورةٍ ولدت في 5 تموز (جويلية) ليحيا بعدها شعبٌ قتل وأبيد ودمّر له ومنه وبه الكثير. يا وطن الأحرار، يا وطن الأمجاد، يا معلّم البشر معنى النّضال وكيف تحمل الرّوح على أكفّ الملايين. تمهّل يا تاريخ واغمض عينيك عن قهر مئة واثنين وثلاثين عامًا ليكون الخامس من تمّوز يوم النّصر، الذي يعلّق فيه القلب على شبابيك الفرح وهو يطلّ على روض الأسماء التي كانت فدًى لوطنها الغريب، وتقلّدت وسام النّصر في سماء الكون العظيم. اكتب يا تاريخ المجد شعب المجد والعن عام 1830 الذي غطّى فيه الظّلام والطّغيان كلّ الشّبابيك، ليأتي عامٌ بعد عامٍ والعدو يحصد أرواح الملايين، ولكن مهلًا يا تاريخ فكلّهم هنا، أسماؤهم هنا، نضالهم كان وسيبقى منارة كلّ الأوطان، والمارون هنا يقرأون، والعابرون يقفون ليلقوا تحيّة الأوطان على من دفعوا حياتهم هديةً للأوطان. جميلة بوحيرد، وحسيبة بن بو علي، وأحمد بوقرة، وغيرهم الألوف الألوف، فكلّهم هنا وما زالوا يهبون بذكراهم شعب الجزائر عطر الوجود. اكتب يا تاريخ عن ثورة الثّورات، وبداية البدايات، وتراب الخلود وسماء الدّم، اكتب عن الجزائر أسطورة الزّمان والمكان، وأيقونة التّحرّر والنّور، وليقرأ أبناء التّاريخ كيف تكون الأوطان لمن يستحقّ الوجود.