الرئيس تبون: سوناطراك الدرع الحامي للجزائر بعد قواتها المسلحة والمناضلين والوطنيين الأحرار عائدات الصادرات النفطية الأفضل في 8 سنوات اكتشافات غازية بحقل حاسي الرمل تقوّي قطاع المحروقات تعزّز، الجزائر، من يوم لآخر، مكانتها في قطاع الطاقة العالمي، من حيث التطوير والاستكشاف ومن حيث التسويق وإمداد العديد من البلدان بالنفط والغاز. يأتي ذلك على ضوء تقلبات خاصة يعرفها العالم، منذ سنتين. خلال زيارته إلى وهران، عشية انطلاق ألعاب البحر الأبيض المتوسط، وأثناء تفقد منشأة لتحلية مياه البحر، أدلى رئيس الجمهورية، عبد المجيد، بتصريحات قويّة، بشأن عملاق الطاقة سوناطراك. الرئيس تبون قال: «إنّ الشركة من الأدوات التي تسمح للجزائر، بممارسة سيادتها الوطنية»، وأضاف: «إنّها الدرع الذي يحمي الجزائر بعد قواتها المسلحة والمناضلين والوطنيين الأحرار». وختم بأنّها «ترفع للجزائر صوتها ورأسها في ظرف جدّ حسّاس». تعدّ هذه التصريحات، من أقوى ما قيل عن سوناطراك، منذ تأميم المحروقات سنة 1971، خاصة وأنّها صدرت عن رئيس الجمهورية الجزائرية. ويعطيها التوقيت والسياق الذي جاءت فيه، بعدا يتجاوز الحدود الوطنية. وتظهر أرقام الشركة، أثناء عرض حصيلتها السنوية، في الأيام القليلة الماضية، من قبل الرئيس المدير العام توفيق حكار، أنّ كلّ المؤشرات باللون الأخضر، بل وبنسب مئوية جدّ محفزة. أكدت استرجاع المجمع لتوازناته، ومضيّه قدما في تنفيذ واحد من أهم فترات الاستثمار في تاريخه. هذه الوضعية، جاءت في وقت يرتعد جزء من العالم خوفا، من مجاعة طاقوية، من أقسى نتائجها المتوقعة الانهيار الاقتصادي الكلي لبعض الدول مثلما حدث مع سريلانكا. لكن وضع الجزائر الجديدة صار مختلف تماما، فإلى جانب أمنها الطاقوي المعزّز، ستكون فاعلا إقليميا مهما في ضمان الأمن الطاقوي العالمي. تأكيد رئيس الجمهورية، على علاقة سوناطراك بالسيادة الوطنية، يحمل الكثير من الدلالات، فعلى صعيد الظرف الداخلي، يرتبط الأمر بخلفية تاريخية للبلاد، وهي تأميم المحروقات، وما نجم عنها من تكريس للسيادة الكاملة والمطلقة على أكبر موردين طبيعيين (النفط والغاز). وتمكن المجمع بجهود ذاتية، من تحقيق اكتشافات نفطية وغازية معتبرة منذ 2021، إلى جانب تثبيت احتياطات جديدة بعد نجاحه في القيام بأفضل عمليات تقييم الاحتياطات، منذ 20 سنة. وخلال السداسي الأول من السنة الجارية، احتلت سوناطراك المرتبة الأولى عربيا، من حيث الاكتشافات، بحسب أحدث تصنيف لمنظمة الأقطار العربية المصدر للنفط، وذلك بفضل 3 اكتشافات نوعية، الأول مع شركة إيني الإيطالية، بالموقع المسمى زملة العربي رقعة بركين (حاسي مسعود)، وبتقييم أولي أظهر وجود 140 مليون برميل من النفط الخام، و140 ألف متر مكعب من الغاز المصاحب يوميا. أما الاكتشاف الثاني المعلن عنه في نفس الفترة تقريبا (مارس 2022)، فكان بعقلة الناصر بولاية تقرت، وهو عبارة عن إعادة تقييم أحجام بئر، فارتفعت من 415 مليون برميل إلى 961 مليون برميل. وتمكنت سوناطراك، من تسجيل اكتشاف جديد بمنطقة العوابد بولاية البيض، غرب حاسي الرمل، حيث تم حفر بئر «أولاد سيدي الشيخ» بتدفق 925 برميل يوميا، و6456 متر مكعب من الغاز يوميا. وفي 27 جوان المنصرم، أعلنت الشركة عن واحد من أهم الاكتشافات الغازية بحقل حاسي الرمل، حيث حددت إمكانيات ضخمة تراوحت بين 100 و340 مليار متر مكعب من الغاز المكثف بين 100 و340 مليار متر مكعب من الغاز المكثف. ويجري -وفق الشركة- إنجاز برنامج تطويري لتأكيد الأحجام التقديرية والعمل على إنتاج مستعجل يقدر بحوالي 10 ملايين متر مكعب يوميا، اعتبارا من نوفمبر 2021. كلمة السر ما حققته الشركة النفطية، في ظرف وجيز، يأتي على ضوء حالة ركود عالمية طويلة، في الاستثمار الطاقوي، بفعل تراجع أسعار النفط منذ النصف الثاني لسنة 2014، وصولا إلى التداعيات المدمرة للأزمة الصحية المرتبطة بوباء كوفيد-19. وبسبب الخسائر الكبيرة، قلصت الشركات البترولية العالمية استثماراتها في التطوير والاكتشاف، وهي تجد اليوم صعوبات كبيرة في إعادة بعث هذا النوع من الأنشطة، ما زاد من المخاوف بشأن احتمال تذبذب إمداد النفط في السوق الدولية، خلال السنتين المقبلتين. غير أنّ سوناطراك، تسير بخطى ثابتة منذ العام الماضي، نحو تسجيل واحد من أفضل الفترات الاستثمارية في تاريخها، بفضل امتلاكها الكفاءة الفنية والبشرية، ما مكنها من تحقيق اكتشافات بجهود ذاتية وأيضا بفضل قانون المحروقات 19-13، الموقع أواخر سنة 2019. القانون الجديد، أنهى وضعا غير طبيعي استمر منذ 2013، وجسد التثمين الفعلي للموارد الوطنية الإستراتيجية، من خلال التعديلات الهامة التي جاء بها، وعلى رأسها إعفاء الشركات من الأعباء الضريبية قبل تأكيد الاكتشافات. وتسبب القانون السابق، في نفور الكثير من الشركات العالمية من الجزائر، حيث أعلنت سوناطراك عن مناقصة دولية واحدة، في الفترة ما بين 2013 و2019، شارك فيها عدد قليل جدا من المؤسسات لتنتهي بعدم الجدوى. الأفضل منذ سنوات وبدأت الجزائر تقطف أولى ثمار القانون الجديد، بإبرام 3 اتفاقيات نوعية بين سونطراك وإيني الإيطالية، ثم الاتفاق المبرم، نهاية ماي الماضي، بين سونطراك والشركة الصينية سينوباك بقيمة 490 مليون دولار أمريكي، بحوض إليزي يسمح باسترجاع 95 مليون برميل نفط مكافئ. أمام العقد الأهم في إطار النص الجديد، لحدّ الآن، فذاك المبرم، أمس الأول، بين سونطراك وشركائها أوكسيدونتال (أمريكية)، إيني (إيطالية) وتوتال إينرجي (فرنسية)، ويخص الرقعة التعاقدية بركين جنوب شرق حاسي مسعود. ويقدر المبلغ المالي الإجمالي للاستثمار المخصّص لتنفيذ الخطة التنموية بنحو 4 مليار دولار أمريكي، ويسمح باسترداد صافي إضافي يتجاوز 1 مليار برميل نفط مكافئ، ما يرفع المعدل المتوسط للاسترداد الكلي ب 55 بالمائة. الأهمية الإستراتيجية لهذا العقد، تكمن في أنّها ستفتح الباب أمام شركات أخرى للقدوم والاستثمار في الجزائر، فالسؤال الكبير الذي يطرح منذ 8 سنوات، هو من يأتي أولا؟. ووفق الرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك توفيق، حكار فسيتم توقيع حوالي 3 عقود جديد قبل نهاية السنة الجارية مع شركاء آخرين في إطار القانون 19-13. وفي تقرير لها، أمس، قالت مجلة ميس الأمريكية المختصة، إنّ عائدات الجزائر من الصادرات النفطية، في السداسي الأول لسنة 2022، ناهزت 17.1 مليار دولار أمريكي، وهي أفضل حصيلة، منذ 08 سنوات. وتشير تقديرات دولية، أنّ عائدات الجزائر من صادرات المحروقات (نفط + غاز) قد تصل 50 مليار دولار العام الجاري.
السوق الدولية رفع الجزائر جزئيا من احتياطاتها الطاقوية، في هذا الظرف الدولي الحساس، يتيح لها تحقيق سلسلة من الأهداف، أبرزها تعزيز الثقة المتبادلة بينها وبين شركائها (زبائنها)، رفع حصتها في سوق كثير من الدول الأوروبية خاصة إيطاليا وفرنسا، وزيادة حجم المداخيل لتمويل التنمية الاقتصادية خارج قطاع المحروقات. وخلال أشغال القمة الثنائية الجزائرية الإيطالية، الاثنين، وقعت سوناطراك وإيني، عقدا ضخما لزيادة حجم تدفق الغاز الجزائر، عبر أنبوب ترانسميد-أنريكو ماتي، بقيمة 4 مليار دولار. ويجري التعامل مع هذه الأهداف، من منطلق تحويل الأزمة إلى فرص، ولكنّها أيضا وفق مبدئي سيادة القرار الاقتصادي الوطني والعامل التجاري المحض، دون الدخول في لعبة المساومات الدبلوماسية التي تمتهنها الكثير من الدول في الوقت الراهن. في المقابل، من بين أهم المكاسب الإستراتيجية للجزائر، في النتائج المحققة في قطاع الطاقة، القدرة على زيادة الإنتاج (خاصة البترول)، وحتى إن كانت من أفضل الدول التزامات بحصص (كوطة) أوبك +، إلا أنه صار بحوزتها هامش إضافي لزيادة الإنتاج في حال حدث التوجه نحو الزيادة الجماعية. ويغطي حجم الإنتاج المرتفع الفارق الناجم عن انخفاض الأسعار في الأسعار في الدولية. على صعيد آخر، لا تقوم الإستراتيجية الطاقوية للجزائر، على البترول والغاز، إذ تملك مشاريع طموحة جدا في الطاقات المتجددة، حيث في تطوير مشاريع للهيدروجين الأخضر، وتقترح تصدير الكهرباء سواء التقليدية من الطاقة الشمسية، نحو إيطاليا.