قل هي الحياة، فيها الممات يحيا، وفيها السّماء تشعل درر الأرض ومصابيح الكون، وتمنح الضّرير بصيرة ليَهدي بها المُبصر درباً يبحث فيه عن جهات تكاد تلوذ خلف ضباب النسيان أو تذوب. يٍسألونك عن القدس، عن أهلها، عن طورها، عن جبل الزيتون فيها، عن سلوانها، عن شيخها الجريح دائماً...عن أحياء باتت لا سهم يشير إليها فاختلطت عليها الطرقات وانهالت عليها السهام والإشارات لا تشير بلغة تفهم..كان هنا وكانت هناك...والأرض تورث كاللغة، قالها درويش البلاد..واللغة تنهي لهجتها وتصمت على أبوابها الصرخات، واللغة في القدس تبحث عن (حصر إرث) لعل الوارث يهتدي على صك في جيب البيت وأكناف البيت وأكناف أكناف البيت...ليرث الأرض واللغة معاً. القدس أقرب نقطة إلى السماء...قال، وأقرب إلى نبضها وأقرب إلى مطرها وأقرب إلى شمسها حين تغسل وجه الفجر بقبتها، ولعلها تكون، يوماً، أقرب إلى مضغة قلوب المليار ونصف المليار كي تنشد قصيدتها والعقل يشحذ فكرته ليكون الجواب أفضل حال مما كان طوال هذا العام، الذي نمجّد فيه منذ طلوع فجر العاصمة الأبدية للثقافة العربية، وحُمل الشعار وجمعت عليه تواقيع كل من «هب ودب» من يعرف ولا يعرف.. والإمضاء كان..واللهفة حارقة في القلب ولكنها لم تشعل مصباحاً في القدس ولم تضئ درباً مبصراً والعمى بقي في عتمته، والإشكالية ليست بمفهوم العاصمة أبدية أو مؤقتة أو نصف مؤقتة أو أكثر.. فإذا كان العام عامها والمفاعيل غائبة نائمة ضلت طريقها إلى السور وعادت أدرجها..(إذا كانت بالأصل قد خرجت من أبواب الشعارات). يقول المُنشد..بعد هذا العتاب ولهفته على رّنة الكتابة...أن يسألونك عن القدس، عن ثوبها المطرز، الذي تحاول أن ترتديه ليلة شهرها الفضيل كي تحتفي بقدومه لتعود إلى الصوم «فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا» صدق الله العظيم. وخير الكلام كلام الله إلى مريم العذراء، سيدة القدس، وعاشقتها وعشقها...هو الصوم، صوم القدس عن الكلام بعد أن نالت حنجرتها بُحة عالية منذ صرختها البِكر وحتى اللحظة التي نشعل فيها معنى الكلام ليضيء الكلام كلامه...ولعلّ الإجابة دائما - كما نقول - برسم حجم الشعار وطول المشوار...ويسألونك عن القدس..!