أكد محمد ختاوي، أستاذ بكلية العلوم السياسية، أن حنكة الدبلوماسية الجزائرية إبان الثورة التحريرية أسقطت سبع حكومات فرنسية، واستطاعت أن توصل القضية الجزائرية إلى كل الدول لتكون مطروحة على موائد عديد المؤتمرات، وخلق هاجس الخوف لدى فرنسا مع إعطاء الضوء الأخضر للحركات التحررية.وقال ختاوي ل«الشعب» أن الثورة الجزائرية لعبت دورا أساسيا وغير معروف في الجانب الدبلوماسي بالتوازي مع الجانب العسكري والجانب السياسي، بدليل أن قادة الحكومة المؤقتة التي كان مقرها في تونس كانت على اتصالات مستمرة مع البرلمانات الأجنبية، قصد تحسيس الرأي العام الغربي بالقضية الجزائرية، التي كانوا يجهلون هدفها كقضية ترمي إلى الاستقلال. وأضاف ختاوي، في تصريح له ل«الشعب»، أن الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها العاشرة في 1957 طرحت خلالها القضية الجزائرية، لتكون كل سنة هذه القضية حاضرة ضمن ملفاتها، حيث تم زرع الخوف في الوسط الغربي، لدرجة حسبه انه تدخل رئيس الوفد الهندي في تلك الدورة قائلا «على فرنسا أن تجد حلا لهذه القضية وإلا يتم طرحها في كل دورة»، فغضب الفرنسيون خاصة وإنهم يعتبرون القضية الجزائرية داخلية وتهم إلا فرنسا، ليطرحها في الدورة القادمة من طرف السيناتور جون كينيدي وبصفة علانية على ان القضية الجزائرية ليست داخلية. كما أكد محمد ختاوي، أن الدبلوماسيين الجزائريين كانوا منتشرون عبر مختلف أقطار العالم، حيث انه وبشهادة حتى الفرنسيين وعلى رأسهم ديغول، منهم الطيب بولحروف بروما، محمد يزيد بالولايات المتحدةالأمريكية، إضافة إلى عبد القادر شمندلي، الذي كان يتمتع بجنسية مزدوجة جزائرية أمريكية، الشيء الذي اقلق الفرنسيين بحجة أن الدبلوماسي عبد القادر صديق البيت الأبيض والكونغرس. كما ذكر ذات الأستاذ بمؤتمر (باندونغ) الذي حضره الأخضر الإبراهيمي، وبالتالي أصبحت عديد المؤتمرات الدولية لا تخلو مائدتها من القضية الجزائرية، إلى أن صارت منتشرة عبر مختلف أنحاء العالم، فأحست فرنسا بتميع هذه القضية التي أحيطت بأكبر عدد من مؤيديها، حيث قال ديغول «بعد أن كان هدفنا هو قمع الجزائريين وبحكم دبلوماسيتهم المحكمة استطاعت أن تميل الكفة لصالحهم ليسلط القمع علينا ونخسر أصدقاءنا والفضاء الدولي»، الشيء الذي جعل فرنسا تتجه إلى حل القضية وإسنادها شعار الجزائر جزائرية بدل الجزائر فرنسية، وهذا من جهته اغضب الكولون ودعاة الاستعمار. وأعطت المظاهرات المختلفة، حسبما جاء في تصريح ختاوي ل«الشعب»، التي كانت جبهة التحرير تنادي بها ويحتضنها الشعب الجزائري عبر مختلف جهات الوطن وحتى خارجه، أعطت ثمارها وزودت القضية الجزائرية نصيبها عبر الصحافة الدولية، وهذا كله نتيجة نجاح الدبلوماسية الجزائرية إبان الثورة التحريرية، هذا النجاح الذي لم يوقف على القضية الجزائرية فحسب بل تعدى نجاحها إلى الحركات التحررية الأخرى في الدول الإفريقية والعالم الثالث، وزرع الرعب في الوسط الفرنسي، بحكم أن قضيتنا أسقطت سبع حكومات فرنسية، بما فيها قيمولي، قيدقارفور، فيليكس قايار، وأخرى. وتطرق ذات الدبلوماسي في حديثه مع «الشعب» على قضية الصحراء الجزائرية والنفط، حيث قال «ساعدنا اوريكو ماتيي الذي كان رئيس شركة «ايني» الايطالية، الذي اعلم الجزائريين في تلك الفترة بان ديغول يريد منح الجزائر استقلال الشمال فحسب مع الاحتفاظ بجنوبها طمعا في الثروات والخيرات التي تزخر بها»، لتبقى الصحراء فرنسية، حيث اتصل اوريكو ماتيي بقادة الحكومة المؤقتة بتونس، ليتم الاتفاق على تنظيم لقاء مع الرئيس الايطالي، ليتم توضيح القضية الجزائرية من الجانب الاقتصادي، وهنا تتضح من جهة أخرى حنكة الديبلوماسية الجزائرية، والتقى القادة منهم السعيد دحلب، رضا مالك، بومنجل مع الرئيس الايطالي، واخبرهم بعزمه على استضافة الجينيرال ديغول لطرح قضية الصحراء الجزائرية، ومشكل شركة «ايني» التي لم تصنف ضمن الشركات المتعددة الجنسية، وللحصول على هذه الصفة عليهم التعامل في ظل الجزائر المتحررة، ولهذا السبب اغتيل ماتيي من طرف المخابرات الفرنسية، واستمر هاجس القضية الجزائرية، إلى أن اقتنعت فرنسا بضرورة التخلص من الجزائريين بمنحهم الاستقلال.