إعادة النظر في آليات دعم القرار العربي.. ضرورة اعتبر الأستاذ المحاضر في العلوم السياسية بجامعة آكلي محند أولحاج /البويرة، الدكتور رابح زاوي، قمة الجزائر، انطلاقة حقيقية للعمل العربي المشترك عبر استغلال ما يتوفر عليه الوطن العربي من مقدرات ثمينة، تؤهلها للقيام بدور ريادي من خلال توحيد الصفوف وتفعيل العمل العربي المشترك، مؤكدا أن الاجتماعات التحضيرية في المجال الاقتصادي، كشفت عن وجود رؤى مشتركة وإرادة بناءة لدعم مختلف المخرجات التي يمكنها السير نحو إرساء تكتل اقتصادي واعد. - الشعب: يعول كثيرا على قمة الجزائر في تعميق الحوار العربي والرفع من مستوى التنسيق على عدة أصعدة؟ د/ زاوي رابح: أعتقد أنه من البديهي جدا أن يعول على قمة الجزائر، ليس فقط لأنها تعقد فوق أرض الشهداء وفي شهر يحمل رمزية كبيرة عند الجزائريين، وهو شهر نوفمبر المجيد، ولكن بالنظر لكونها قمة رفعت سقف طموحاتها عاليا، وأوجدت لها كل الظروف المناسبة التي بإمكانها أن تتوجه بمخرجات القمة إلى أحسن حال، من جانب آخر، لا يخفى على أحد الدور الريادي للجزائر على مستوى عقد اللقاءات الكبرى والقمم، فهي تملك رصيدا مميزا في هذا الجانب، وسبق لها أن نظمت قمما على أعلى مستوى، بل وأكثر من ذلك، قممٌ ناجحة وقرارات هامة مازالت آثارها مستمرة إلى غاية اليوم. لكن أهم ما يلفت الانتباه، نذكر حرص الجزائر على مسألة لمّ الشمل، وحسب رأيي، لم يسبق طرحه في أي قمة عربية قبل هذه، وهذا نابع من إدراك الجزائر لأهمية لمّ الشمل ورأب الصدع بين الدول العربية، وكيف يمكن للمّ الشمل أن يقود إلى التنسيق الذي يفضي في النهاية إلى التأسيس لمقاربة تعاونية عربية جديدة وفق معطيات جديدة. لهذا أعتقد جازما أن القمة ستشكل قفزة نوعية من ناحية توصياتها وقراراتها وكذا من ناحية تعميق الحوار العربي – العربي بشكل أكبر. تعزيز قوة القرار العربي - ينتظر الدفع بالقضية الفلسطينية بطريقة غير مسبوقة في إطار الرهان على حشد المزيد من الدعم إلى القضية العربية الأم؟ من المهم جدا إعادة القضية الفلسطينية إلى حاضنتها الأساسية، وجعلها مركزا للعمل العربي المشترك، والجزائر من خلال اتفاق المصالحة الذي أعتقد أنه انجاز تاريخي يحسب للدبلوماسية الجزائرية التي نجحت في تقريب التصورات وتوحيدها بين مختلف الفواعل الفلسطينية، ومن جانب آخر إتمام المصالحة قبل انعقاد القمة، فذلك في حد ذاته دافع حقيقي للقادة العرب للالتفاف أكثر حول القضية ونصرتها، فهي قضية تحتاج إلى مزيد من الدعم والتأييد من جانب الدول العربية، وما يدل على هذه العودة، وجودها على جدول الأعمال وذلك الاهتمام الذي أصبحت تناله مؤخرا. - كيف تتوقعون مخرجات قمة نوفمبر بالنظر إلى ما ترتكز عليه من ثقل رمزي ومعنوي وحّد بالأمس القيادات والشعوب العربية واليوم يتطلع أن تعود كلمة الدول العربية موحدة؟ أتوقع أن تحتل القضايا المحورية الأساسية التي تشترك فيها الدول العربية صدارة مخرجات القمة، ونقصد هنا جملة الرهانات التي تواجهها الدول، على غرار الاقتصاد ومختلف التحولات الكبرى التي يعرفها الاقتصاد العالمي، وأيضا إشكالية التنمية والفقر وغيرها، دون أن ننسى عامل الطاقة الذي يبدو أنه أصبح فاعلا مؤثرا مؤخرا خاصة مع الأزمة الروسية – الأوكرانية. من جانب آخر، يجب إعادة النظر في الآليات الحقيقية التي بإمكانها دعم القرار العربي بشكل يجعل من قرارات جامعة الدول العربية واجبة النفاذ،ولِمَ لا، التوجه نحو تعزيز كل الميكانيزمات الداعمة لتوحيد القرار العربي وكذا ضرورة التعزيز من قوة القرار العربي خاصة عندما يتعلق الأمر بتلك القرارات التي تجعل جامعة الدول العربية تظهر بوجه أكثر قوة ووحدة. كما أتوقع أن يكون لقضايا المجتمع المدني العربي مكانة هامة ضمن تلك المخرجات، وكذا ملفات أخرى على غرار التربية والتعليم العالي والبحث العلمي مكانة أيضا. توحيد السياسات الاقتصادية - إلى أي مدى يمكن لقمة الجزائر أن تهيئ الأرضية للسير نحو إرساء تكتل اقتصادي متين تتطلع إليه الشعوب العربية؟ أعتقد أن الحديث عن إرساء أرضية صلبة حقيقية لإنشاء تكتل اقتصادي مرتبط بعدة نقاط، أولها ضرورة التفكير الجدي في توحيد السياسات الاقتصادية في حدودها الدنيا، حتى تجعل من الاقتصاديات العربية، اقتصاديات منتجة ومتنوعة، كما أن التوجه نحو تفعيل مناطق التجارة الحرة يمكن أن يسهم هو الآخر في تعزيز التجارة البينية التي مازالت تتراوح ضمن نسب ضئيلة جدا، ولا يخدم إنشاء أي تكتل اقتصادي. من جانب آخر، من المهم التذكير أن إنشاء أي تكتل اقتصادي يمر عبر خمسة مراحل نراها ضرورية وهامة، أولها عقد مزيد من اتفاقيات المناطق التجارية الحرة، ثم في مرحلة لاحقة التوجه نحو الاتحادات الجمركية ليليها تكوين سوق مشتركة، وبعدها كمرحلة تليها تأسيس إتحاد اقتصادي وأخيرا الوحدة الاقتصادية. على صعيد آخر، القمة العربية بالجزائر يمكنها دعم هذا التوجه، خاصة وأن الاجتماعات التحضيرية في الاقتصاد أبانت عن وجود رؤى مشتركة وإرادة بناءة لدعم مختلف المخرجات التي يمكنها السير نحو إرساء تكتل اقتصادي. - ينتظر عشية القمة العربية أن تتوافق الدول العربية على بناء أسس جديدة لتفعيل العمل العربي وفق التغير الحاصل من مستجدات دولية بالوقت الراهن؟ لا حل للدول العربية سوى التوافق، فالمرحلة الحالية والقادمة تقتضي توحيد الجهود وبناء أسس جديدة للعمل العربي. إن التحولات الدولية، تعتبر تحولات سريعة وتحمل في طياتها رهانات حقيقية للدول العربية، خاصة وأن تلك الرهانات يجب أن تواجه بمزيد من التنسيق بين الدول العربية، لأن العصر الحالي، عصر التكتلات الاقتصادية التي تغلّب المصلحة العامة للشعوب العربية على الحسابات الضيقة. و بناء عليه يمكن لهذه القمة أن تشكل انطلاقة حقيقية للعمل العربي المشترك الشامل الذي يأخذ في الحسبان أن ما يتوفر عليه الوطن العربي من إمكانات يسمح لها بالقيام بدور ريادي إذا ما تم توحيد الصفوف وتفعيل العمل العربي المشترك.