للجزائر الحبيبة في وجدان الشعب الفلسطيني مكانة لا تعدلها مكانة لأي دولة أخرى قريبة كانت أم بعيدة، ومع كل امتحان تمر به القضية الفلسطينية تخرج الجزائر أول الناجحين وأول الداعمين وأول المنتصرين لفلسطين ولقضاياها العادلة. وكابن بار لإرث الشعب الجزائري العظيم يسلك الإعلام الجزائري هذا الدرب منذ عقود، ولن تتسع سطوري هذه لتناول المحطات التاريخية والمفصلية التي انتصر فيها الإعلام الجزائري لقضايانا متمثلا وصية إرث ثورته المجيدة في الدفاع عن فلسطين والوقوف معها ظالمة أو مظلومة. وقد كانت فلسطين أول المنتصرين بانتصار ثورة الشعب الجزائري البطل الذي فتح قلبه وذراعيه لكلّ ما هو فلسطيني، وقد جسّد ذلك من خلال الدعم السياسي والمالي واللوجيستي للثورة الفلسطينية منذ انطلاقاتها وحتى إقامة أول سلطة وطنية فلسطينية على أرض فلسطين، وبالتوازي مع الأشكال المتنوعة للدعم كان الإعلام الجزائري بشقيه الرسمي والخاص وبمختلف وسائطه وأذرعه صوتنا المحلق في سماء العالم، ولا أبالغ إذا ما أشرت للتأثير الحاسم لوسائل الإعلام الجزائرية على الرأي العام العالمي وخاصة هذا التأييد الجارف للقضية الفلسطينية في أوساط الشعب الفرنسي وعموم أوروبا، فحالة الاغتراب التي يعيشها جزء أصيل من الشعب الجزائري ساهمت مساهمة حاسمة في رفع صوت فلسطين في الأوساط الدولية. وكنتيجة مباشرة للجهد للإعلامي الجزائري والإعلام العربي الداعم للشعب الفلسطيني بدأنا نلحظ التغيير الكبير في المزاج الشعبي العالمي وخاصة الأمريكي والأوروبي وقد كان الإعلام الجزائري سباقا وفي مختلف المحطات التاريخية فنراه حاضرا نشطا ومدافعا شرسا عن تعرض القدس والمسجد الأقصى لأيّ انتهاك أو أذى، ومنذ العام 1967 ولغاية اليوم، لم تتغير لهجة الإعلام الجزائري، بل إننا نشهد تطور الخطاب الإعلامي المدافع عن القدس وأهلها، وما زال يعمل بكل مستوياته لفضح الجرائم الصهيونية بحق المقدسات الإسلامية والمسيحية والدفاع عن الوجود العربي الإسلامي والمسيحي الفعال في القدسالمحتلة. ولم يقتصر هذا الدور الفعال على القدس فقد كان للأسرى الفلسطينيين ولقضيتهم العادلة النصيب الأكبر من التغطية الإعلامية الجزائرية، حتى أنّ الصحف الجزائرية تفردت بملحق "صوت الأسير" خاص عن الأسرى الفلسطينيين ممّا شكل لهم فرصة ومنصة لعرض مظلمتهم ولإبراز قضيتهم ولتسليط الضوء على إنجازاتهم وإبداعاتهم الخلاقة. لقد كان لهذه اللفتة الاستثنائية أثرها الكبير على معنوياتنا كما أنّها شكلت رافعه إضافية نستفيد منها للتعريف بالأسرى وهمومهم وآمالهم وظروف اعتقالهم، وما يتعرضون له من ممارسات احتلالية سادية.وبالتوازي مع هذا الجهد الإعلامي الرائع، كان للإعلام الجزائري دور بارز في تحقيق القفزة النوعية على المستوى الثقافي العام والخاص فتراكم هذا الجهد والمساهمة في نشره وتوصيله للعالم خلق لدينا هذه الروح الوثابة القادرة على تحدي الصعاب والانتصار على عتمة الزنازين والتحليق بأفكارنا وكتاباتنا لآفاق رحبة وصلت العالمية. وها هم الكتاب الأسرى الذين وجدوا الدعم والتأيد والمناصرة من قبل الإعلام الجزائري يخوضون غمار المنازلة الثقافية الأشرس مع العدو الصهيوني من خلال الكتابة والقراءة والبحث العلمي في مختلف الميادين حتى أنه لا يكاد يمر يوم إلا وهناك إنجاز جديد يسجل للأسرى على هذا الصعيد. لأجل كلّ هذا نقول ألف ألف تحية إكبار وتعظيم وإجلال لإعلام الجزائر الرسمي والخاص بأذرعه كافة وإشكاله المتنوعة كافة، فمن أعماق زنازين المحتل الصهيوني نرفع القبعة ونلقي السلام على أسياد الفعل الإعلامي الحقيقي، فقد أثبت الإعلاميون الجزائريون في مختلف مستوياتهم ومجالات عملهم وأنشطتهم المختلفة تمسكهم اللامشروط واللامحدود برسالتهم السامية رسالة الإنسانية والحق والعدل رسالة الشعب العربي الفلسطيني.