مازال مسلسل الفضائح التي تطوّق النظام المغربي يتمدّد ويكشف عن عمليات فساد وأموال ينتزعها المخزن من أفواه شعبه ليقدّمها تحت الطاولة إلى برلمانيين أوروبيين قصد شراء ذممهم. آخر حلقة في مسلسل الفساد هذا، ما كشفت عنه صحيفة "لا ليبر" البلجيكية، التي أماطت اللثام عن زيارة برلمانيين بلجيكيين إلى المغرب والأراضي الصحراوية المحتلة مقابل تلقي رشاوى، ما أثار ضجة كبيرة في بلجيكا وبين الأوساط السياسية على وجه الخصوص. كشفت الصحافة البلجيكية عن مشهد جديد من المسرحية الفضيحة "مغرب غيت"، حيث أشارت صحيفة "لا ليبر"، إلى أن نظام المخزن مول زيارة برلمانيين بلجيكيين إلى الأراضي الصحراوية المحتلة، وهو ما أثار ضجة في بلجيكا، في وقت يعاني الشعب المغربي الأمرين بسبب شحّ الموارد وغلاء المعيشة، وسط تدني القدرة الشرائية. «الزيارة المشبوهة مدفوعة التكاليف من المغرب لأربعة برلمانيين من الحركة الإصلاحية الى الصحراء الغربية"، عنوان في صحيفة "لا ليبر"، أماط اللثام عن تورط جديد للمغرب في شراء ذمم برلمانيين من بلجيكا، من خلال دفع تكاليف رحلتهم إلى مناطق محتلة في الصحراء الغربية ومنها مدينة العيون التي تعتبر إقليما غير مستقل في مواثيق الأممالمتحدة، ولا تعترف بلجيكا بسيادة المغرب عليها. وهي زيارة قالت الصحيفة إنها "تطرح عديد الاسئلة". وانتقد رئيس الحزب الديمقراطي المستقل فرونسوا دي سميت هذه الوضعية وأشار لتقاعس وزيرة الشؤون الخارجية البلجيكية، حاجة لحبيب وهي أيضا عضوة في الحزب الاصلاحي. وكتب فرونسوا دي سميت في تغريدة له على تويتر "اذا كان برلمانيون قاموا بزيارة مدفوعة التكاليف من المغرب إلى الصحراء الغربية الإقليم الذي لم تعترف بلجيكا بضمه من قبل المغرب، فهل توافق وزيرة الشؤون الخارجية على هذه الزيارة التي تضع دبلوماسيتنا في حرج كبير". دبلوماسية فاشلة وشعب جائع ملايين اليورو يكون نظام المخزن قد بعثرها في فضيحة الرشاوى وشراء ذمم برلمانيين في الاتحاد الأوروبي، بينما تتخبّط "الرعية" المغربية في فقر ينتشر إلى فئات أوسع يوما بعد يوم، بسبب غلاء الأسعار الذي تجاوز كلّ الحدود وألهب الشوارع غضبا وحسرة، حيث يتجاوز سعر لتر البنزين 2 دولار وهو بين الأغلى في العالم، في وقت لا تملك المملكة أية حلول، بفعل عزلتها التي فرضتها على نفسها نتيجة سياسة سوء الجوار المنتهجة منذ عقود، وزادها التطبيع مع الكيان الصهيوني سوءا. وفي سياق الحديث عن تدني المستوى المعيشي، حذر تقرير منتدى "دافوس العالمي للاقتصاد" الأخير، من أن أكبر خطر يهدّد المملكة المغربية، خلال العام الجاري 2023، هو ارتفاع تكلفة المعيشة، متوقعا أن يستمر هذا التهديد في العامين المقبلين. ما يشير إلى اشتداد الخناق على العرش الملكي الذي سوف يعاني ليحافظ على بقائه لوقت أطول. ووسط هذا الواقع يشهد الشارع المغربي بشكل يومي تقريبا احتجاجات على جميع الأصعدة سواء تعلق الأمر بنقابات التعليم التي سلبت حقوقها، أو الجمعيات الحقوقية المطالبة بإطلاق سراح معتقلي الرأي والحراك، والصحفيين، حيث طالبت اللجنة المحلية من أجل حرية عمر الراضي وسليمان الريسوني، في وقفة احتجاجية بمدينة الدار البيضاء المغربية، أمس الأحد، بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي وحرية التعبير، مستندة إلى قرار البرلمان الأوروبي حول حرية الصحافة في المملكة. وقبلها احتجاجات في مكناس لإطلاق سراح القيادي في جماعة العدل والإحسان محمد باعسو المحتجز منذ أسابيع عديدة. ناهيك عن الاحتجاجات المندّدة بالتطبيع مع الكيان الصهيوني التي تنظم بشكل مستمر في هذه المدينة أو تلك. مقايضة العرش.. على خطى الأسلاف دأبت العادة في السياسة الخارجية للدول التلويح بالعدو الخارجي لصرف أنظار الرأي العام الداخلي عن الأزمات الداخلية، ولذلك يتمسّك المخزن بمزاعم وأكاذيب تبعية الصحراء الغربية لأراضيه، ويحاول في كل مرة إخراج ورقتها لإسكات الرأي العام الداخلي. لكن هذه المرة لم تسلم الجرة، فالفضائح تلاحقه من كل حدب وصوب، وزادت من الحنق الشعبي ضده، إذ في الوقت الذي يعاني الشعب المغربي قلة ذات اليد، يبعثر المخزن قوت شعبه بشراء الذمم لإسكات أفواه نواب البرلمان الأوروبي ويتسوّل الدعم لطرحه الاستعماري حول الحكم الذاتي المرفوض. والنتيجة أنه لا هو نجح في شراء الذمم بدليل الضجة الدائرة على الساحة الأوروبية، ولا هو أنفق أموال الشعب لخدمة التنمية وإنقاذ البلاد من انعكاسات الاضطرابات الاقتصادية في السوق الدولية. إن التفسير الوحيد لهذا التخبط المخزني هو محاولته الإبقاء على العرش بكل الطرق والوسائل، حفاظا على الامتيازات، وبالتالي ليس غريبا عنه أن يقايض لقمة عيش شعبه وقضيته المقدسة فلسطين، مقابل اعتراف بسيادته الوهمية على الصحراء الغربية، باعتبارها القشة التي يتمسّك بها لبقائه بعد نفاذ رصيده السياسي.