يبدو أن فضيحة الفساد التي تورط فيها النظام المغربي مع نواب في البرلمان الأوروبي من أجل تبرير أحقيته في الصحراء الغربية سيكون لها مفعول عكسي على ما تبقى من "مصداقية" الأطروحة المغربية، وستمنح بالمقابل المزيد من الدعم للشعب الصحراوي الساعي إلى قول كلمته في استفتاء تقرير المصير المزمع تنظيمه تحت الرعاية الأممية. فبالموازاة مع تواصل التحقيقات لفك خيوط الفضيحة المغربية، تتوالى التصريحات المثيرة لدبلوماسيين أوروبيين سابقين يؤكدون فيها نظام الفساد الذي تمكن المغرب من تشكيله داخل العديد من المؤسسات الدولية من أجل شراء الذمم بخصوص أطروحاته "الوهمية" حول الصحراء الغربية. فاستنادا إلى المبعوث الأممي السابق للصحراء الغربية، الإيطالي فرانشيسكو باستالي، فإن "المخزن" تمكن من إنشاء نظام محكم لفساد أعضاء البرلمان الأوروبي، موضحا في تصريح لقناة "ديمقراطية الآن" الأمريكية أن "ممارسة الضغط على المنظمات الدولية، لاسيما الاتحاد الأوروبي، هي تقليد قديم للنظام المغربي الذي يعتمد على تكوين صداقات داخل البرلمان الأوروبي للدفاع عن مصالحه نيابة عنه مقابل مبالغ مالية ومزايا أخرى". وتناول البرنامج الأمريكي الفضيحة التي تورطت فيها المخابرات المغربية بالبرلمان الأوروبي وأسلوب الدبلوماسية المغربية الذي يعتمد على شراء الذمم مقابل الحصول على مواقف وأصوات تدعم الطرح التوسعي لحل قضية الصحراء الغربية، مع استضافة الدبلوماسي الإيطالي السابق الذي كان ممثلا أمميا خاصا بالصحراء الغربية من 2005 إلى 2007. وقال باستالي: "يوجد في أوروبا أشخاص ذوو نفوذ ينشطون بالبرلمان الأوروبي يشكلون صداقة مع جهات عديدة، من بينها المغرب، إذ باستطاعتهم توجيه المصالح غير المشروعة للجهات التي تدفع لهم ودعم أجنداتهم داخل المؤسسة الأوروبية، حيث تتكفل هذه المجموعة بتسهيل تحديد البرلمانيين الذين يمكن أن يكونوا – بسبب طبيعة وظائفهم ومسؤولياتهم داخل البرلمان – أكثر فائدة لعملائهم وتخلق فرصا، حيث يمكن التواصل مع هؤلاء البرلمانيين خلال التجمعات الاجتماعية أو البعثات وغير ذلك". وحسب باستالي فإن هذه المنظومة قوية جدا، إذ يمكنها "مراقبة سلوك البرلمانيين الذين يتم رشوتهم للتأكد من أنهم يصوتون أو يتصرفون أو يضغطون وفقا للمخطط المتفق عليه مع الجهات التي تدفع الرشاوى." وأشار موقع "الصحراء الغربية 24"، نقلا عن صحيفتي "لوسوار" البلجيكية و"لاريبوبليكا" الإيطالية، إلى أن عميل المخابرات المخزنية محمد بلحرش والملقب ب"أم 118" قد لعب دورا مركزيا في اختراق البرلمان الأوروبي، إذ يعتبر الجاسوس صديقا مقربا لأحد أبرز المتهمين في القضية، وهو النائب البرلماني الاشتراكي الإيطالي السابق، بيير أنطونيو بانزيري، المسجون حاليا في بلجيكا بعد مصادرة 700 ألف أورو من منزله، كما تم إلقاء القبض على زوجته وابنته لتورطهما في القضية. فهذا الجاسوس كان حلقة الربط بين عضو البرلمان الأوروبي السابق بانزيري والمخابرات المغربية من خلال مديرية المخابرات الخارجية التي يرأسها ياسين المنصوري، حسب المصدر. وذكرت الصحيفتان أن "أم 118" معروف لدى أجهزة المخابرات الأوروبية بسبب ارتباطه في قضية تجنيد ضابط في شرطة الحدود الفرنسية في عام 2016 من أجل تسريب وثائق حساسة تحتوي على معلومات عن أفراد "جهاديين" مخزنة في مطار أورلي في باريس. وكانت سرقة هذه الوثائق مصحوبة برحلات مدفوعة التكاليف بالكامل ورشاوى تصل إلى 17 ألف أورو استفاد منها ضابط الشرطة وزوجته. إلى ذلك، قررت محكمة استئناف بلجيكية، الثلاثاء، استمرار احتجاز نيكولو فيجا-تالامانكا، وهو مشتبه به إيطالي في فضيحة فساد بالبرلمان الأوروبي، بعد أن اعترض ممثلو الادعاء على قرار بالإفراج عنه مع تعقبه بواسطة سوار إلكتروني. وفيجا- تالامانكا واحد من أربعة اعتقلوا في وقت سابق من الشهر الجاري بتهم الفساد وغسل الأموال والتنظيم الإجرامي داخل البرلمان الأوروبي، في واحدة من أكبر فضائح الفساد التي تضرب بروكسل. والثلاثة الآخرون، وجميعهم رهن الاحتجاز بانتظار المحاكمة، هم إيفا كايلي، التي كانت نائبة رئيسة البرلمان الأوروبي، وبيير أنطونيو بانزيري، وهو نائب سابق في الاتحاد الأوروبي، وفرانشيسكو جورجي، شريك كايلي الذي كان مساعدا برلمانيا. وعثرت الشرطة على نحو 1.5 مليون أورو (1.58 مليون دولار) نقدا في مواقع مختلفة مرتبطة بالمشتبه بهم، بعضها مخبأ في حقيبة بغرفة في أحد الفنادق.