رياضة/جمعية اللجان الأولمبية الوطنية الافريقية : اجتماع الجزائر, موعد بالغ الأهمية بالنسبة للحركة الأولمبية الإفريقية    استخراج وثائق ملفات "عدل 3": فتح شبابيك الحالة المدنية ببلديات ولاية الجزائر من 21:00 سا إلى 23:30 سا    ضرورة الإسراع في اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنشاء شركة مختصة في النقل الجوي الداخلي    رئيسة لجنة العلاقات الخارجية لإفريقيا بمجلس الشيوخ المكسيكي تشيد بالدور الريادي للجزائر في تعزيز السلم الإفريقي والعالمي    نقابي إسباني يحذر من التصعيد الخطير للانتهاكات في الصحراء الغربية نتيجة إمعان الاحتلال المغربي في سياسته القمعية    قسنطينة: "النفقة" تقليد عريق يكرس روح التضامن والتماسك الاجتماعي    مولوجي تتحادث بنيويورك مع نظيرتها الأردنية    مجلس الأمن: مجموعة "أ3+ " تدعو أطراف النزاع في السودان إلى وقف إطلاق النار بمناسبة شهر رمضان    رئيس الجمهورية يهنئ حدادي بمناسبة تنصيبها ومباشرة مهامها كنائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي    تصفيات مونديال لأقل من 17 سنة إناث: المنتخب الوطني يواصل التحضيرات لاستقبال بوتسوانا    كرة القدم : باتريس موتسيبي يهنئ وليد صادي بمناسبة انتخابه عضوا في المكتب التنفيذي للكاف    حجز أزيد من 1.7 مليون قرص مهلوس في إن أمناس    شرفة يترأس اجتماع اللجنة المشتركة لمكافحة الجراد    أمطار رعدية مرتقبة على المناطق الساحلية والداخلية    حجز 7ر1 مليون قرص مهلوس بإن أمناس    بلمهدي: التصوف في الجزائر كان له الأثر الكبير في تحصين المجتمع    مولود فرعون: نظرة ثاقبة على الاستعمار و تنديد بانتهاكات فرنسا الاجرامية    فلسطين : الاحتلال الصهيوني يواصل عدوانه على طولكرم لليوم ال47 على التوالي    لجنة تحقيق دولية : الكيان الصهيوني ارتكب أعمال إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في سائر الأراضي المحتلة    البليدة: وزيرا الشباب واقتصاد المعرفة يشرفان على تكريم الفائزات في مسابقة "المقاولات الناجحات"    زين الدين بوشعالة وعدلان فرقاني يبدعان في سهرة فنية بأوبرا الجزائر    إذاعة الجزائر الدولية تحتفي باليوم الوطني للثقافة الفلسطينية    رئيس الجمهورية يهنئ حدادي بمناسبة تنصيبها ومباشرة مهامها كنائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي    الدرك الوطني يحجز 41 مليار سنتيم ويوقف شخصًا فارًّا بالجزائر العاصمة    التجديد النصفي لعدد من أعضاء مجلس الأمة: قوجيل يترأس جلسة علنية مخصصة لعملية القرعة    عدل 3: عملية تفعيل الحسابات وتحميل الملفات عبر المنصة الرقمية تسير بشكل جيد    جيجل: مصنع سحق البذور الزيتية بالطاهير سيكون جاهزا قبل مايو المقبل    دراسة مشاريع قوانين وعروض تخص عدة قطاعات    توقيف 6 عناصر دعم للإرهابيين في عمليات متفرقة عبر الوطن    الشباك الموحد يدرس إدراج شركة 'ايراد" في بورصة الجزائر    فتح خطوط نقل استثنائية خاصة بالشهر الفضيل    هكذا يتم إصدار الهوية الرقمية وهذه مجالات استخدامها    مصانع المياه تعبد الطريق لتوطين المشاريع الكبرى    تسويق أقلام الأنسولين المحلية قبل نهاية رمضان    المواعيد الطبية في رمضان مؤجَّلة    إدانة الحصار الصهيوني على وصول المساعدات إلى غزّة    الاتحاد الإفريقي يدين إعلان حكومة موازية في السودان    تهجير الفلسطينيين من أرضهم مجرد خيال ووهم    " بيغاسوس" بأداة قمع ضد الصحراويين    التشويق والكوميديا في سياق درامي مثير    للتراث المحلي دور في تحقيق التنمية المستدامة    زَكِّ نفسك بهذه العبادة في رمضان    فتح 53 مطعم رحمة في الأسبوع الأول من رمضان    محرز يعد أنصار الأهلي بالتتويج بدوري أبطال آسيا    مشاركة فرق نسوية لأوّل مرة    تنافس ألماني وإيطالي على خدمات إبراهيم مازة    "سوسطارة" تواجه تيموشنت والبيّض تصطدم ب"الوفاق"    براف.. نحو عهدة جديدة لرفع تحديات عديدة    صادي في القاهرة    ديوان الحج والعمرة يحذّر من المعلومات المغلوطة    أدعية لتقوية الإيمان في الشهر الفضيل    الفتوحات الإسلامية.. فتح الأندلس.. "الفردوس" المفقود    رمضان.. شهر التوبة والمصالحة مع الذات    ضرورة إنتاج المواد الأولية للأدوية للتقليل من الاستيراد    نزول الوحي    قريبا.. إنتاج المادة الأولية للباراسيتامول بالجزائر    مستشفى مصطفى باشا يتعزّز بمصالح جديدة    مجالس رمضانية في فضل الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جنين.. شوارع مقاومة وبيوت عزاء
نشر في الشعب يوم 01 - 02 - 2023

عندما تشرق الشمس على ما تبقى من قناطر الطواحين،أو مئذنة ونخل مسجد فاطمة خاتون، أو محطة سكة الحديد التركية القديمة، فإنها تفتح بشعاعها أبواب المدينة المجروحة المعذبة الشامخة على كل ما يعج من متناقضات،وتسوق بكل ما هو غير متوقع، أو تتهيأ السماء لكل حدث غير مأمول..
جنين، هذه شهرزاد الحكايات، بين كل عقد من عقد ضفائرها اللاتي تشدها كل صباح، حكاية وقصة من الوجع والبطولة، ومخيمها الذي توسد في خاصرتها اليسرى بعد النكبة ولا زال محلمة لم يتعبها طول الزمن، ولا ما تدفق في الارض العطشى من دم ومن ثمن.. فهيَّ لا تعرف الانكسار، وتعاف الهزيمة باقتدار..
جنين هذه لها مع كل خميس رواية، وسرد حكاية، تبدأ مع صهيل الفرسان الذين لا يشبهون غيرهم، فهم عباد في النهار، فرسان في الليل، لا تغريهم دنيا، ولا تستهويهم ملذات فانية، بل يصومون عنها زهدا، وينتظرون ركوب المواكب التي تصعد بهم الى السماء، هم فنانون يرسمون بالريشة والدم قسم الثبات، والذود على حمى المخيم حتى الممات، هم عشاق للغة العشق في شرايينهم تدفق لا يتوقف، وحبٌ لم يعرف تاريخ العواطف البشرية له مثيل،هم شعراء، لا ينحني شعر حناجرهم إلا امام زغرودة امهاتهم، ولا يروق لهم النوم والخلود إلا على الراحات عندما يعودون محمولين على الاكتاف، ومن حولهم تتزاحم الهتافات والدموع.. أبناؤك جنين.. لهم نشيدهم.. ولهم رايتهم.. ولهم لحن أغنيتهم.. يتدافعون، يتسابقون.. يقول أحدهم: إرجع يا يوسف.. إحذر يا عز.. أكملي يا ماجدة صلاتك في المحراب.. لقد وصل صائب ومضى.. ورتَّل بلسانه العذب طلع البدر علينا.. لقد خرج عبد الله ليومه.. محفوفا برضى ودعوات امه.. ولم يكمل ابناء غنيم كعكتهم التي حملوها من هناك من بعيد من مخيم نهر البارد في لبنان إلى مخيم جنين.. وما اتسع شباك العلاء لجسد صبح، فسقط بين الورد والتراب.. اما الشبل الوسيم وسيم.. فما قتلوه وما داسته حوافر خليهم.. لكن شبه لهم.. أما السعدي عمر.. فرغم أن يد الدنيا شدته إليها إلا انه أصر ان يلحق بمن سبقوه وعّبرْ.. بيوتك جنين بيوت تهاني وعزاء لا تقفل..
تدخلها والدمعة تزاحم الاحزاق، تكاد تشطر العين، والغضب فيك يكاد يفجر صدرك ويمزق الاشداق، تتقدم، تصافح تحتضن، لكن ما يبَّرد قلبك ايمان ذويهم،صبر أهليهم،معنويات كالجبال، وسرد القصص عنهم وكأنه كلام كالخيال، وقد أضحت تلك البيوت لقاء مجتمعيا فريدا على موائد الشهداء، يتقاسم الجميع فيه المواساة،والتصبر، ويخرج من قلبه المجروح أجمل المعاني..
لقد أصبحت هذه البيوت وهذه القاعات والساحات ملتقى فريدا فيه تلقى المواعظ والخطب، وتعقد الجلسات، تتبادل فيه الافكار والنصائح..
هذا كله من بركة الشهداء.. فقد جعلوا بفعل دمائهم كل المجتمع الذي أحبهم ويثمن تضحياتهم وكأنهم أسرة واحدة.. لقد حفَّزوا فينا روح المبادرة والعطاء.. روح البذل، الاحساس الواحد.. لقد وحدوا طريقنا.. رفعوا في أعيننا قيما غالية نفيسه.. وأخرجوا من صدر من ألهتهم الدنيا أشياء جميلة كانت حبيسة.. لقد أصبحت تلك البيوت مِحَجاً للجميع،وكأنه معبدٌ يصلي فيه المؤمن البريء،ويمر منه صاحب النوايا المخبأة. إنهم الشهداء.. وأي شهداء يا مدينة الربيع والبساتين؟
يا فيحاء يمر من حلقها الشفاف ماء العين ويسمع فيها خرير أصفى ماء لذة للشاربين.. يا بقاء العجوز الوحدة التي قهرت الطاعون وأعادت إنبات الحياة.. يا حاضنة تراب فاطمة خاتون.. ومداس حوافر حصان المجاهد أحمد أبو الرب.. وفوهة بندقية المجاهد محمد أبو جعب.. ومأوى القائد العراقي خطاب شيت.. والوضوء الاخير لحسن ابو سرية.. وسكين فتحي عيسى.. وروح طوالبة والعامر وأبو جندل.. وباعث الحالة المجدد جميل العمري.. إنهم الشهداء يا مدينة معطرة بالمسك.. لقد تحرك لجرحك فتى من فيتان القدس فثأر.. كان ليثاً خرج من عرينه فزأر.. وقلب حزنك فرحاً.. فأنت التي ينقلب لون سمائك الاسود نورا مضيئا لأجلك.. وأنت التي تزورك أرواح الراحلين في حواصل الطيور البيضاء ليلا لترقص مع ابنائك الذين شفيت بعض صدوهم.. يا جنين.. أنت التي اصطفاك الرحمن لتكوني ذروة السنام.. وأنت التي يحرسك أبناؤك حمى جدائلك.. ولا تغلق فيك بيوت التهاني والعزاء.. حتى تفترش عوائلك الفرح على شواطئ حيفا ويافا وعسقلان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.