ترجّل الفارس وذهب إلى عليين، وبقيت سيرته العطرة تفوح في أرجاء الدنيا، فمهما عبرنا عن تضحيته وفدائه لن نوفيه حقه، لكن الكلمات تزاحمت على بوّابة مجد فلسطين العظيم، تاهت الحروف واختنقت الأصوات ألماً وحزناً، ووجعاً، ذرفت دموع العيون وشردت الأذهان علّها تستذكر كل الشهداء الأطهار الذين لبّوا النداء، تلعثم اللسان، وذبلت المآقى، لكن ضوء الشمس أشرق وتوهج وجعلنا نقترب من الشهيد خيري علقم، في مخيم شعفاط (القدس) مخيم الصمود والتحدي. وفي هذا المخيم استقبلت الدنيا الصرخة الاولى لخيري علقم في العام 2000 حيث كان ميلاده، في حي الشيّاح في قرية الطور شرق المسجد الأقصى، وينحدر من قرية بيت ثول المهجرة قضاء القدسالمحتلة. كان ميلاد خيري ميلاد خير وفرحة، فوالده الذي استبشر خيراً، كان دائما يغرس فيه كل القيم وروح الثورة، حمل خيري هموم الوطن في نفسه الوديعة، وأصر أن يثأر لجده الذي استشهد من مستوطن حاقد، وتمضي الأيام ويغدو خيري شاباً مناضلاً يذود عن أبناء شعبه بكل الوسائل، يقارع المحتلين الغزاة، وكان كل همه أن يثأر لجده، وبالأمس امتشق مسدسه وباغت الارهابيين النازيين الذي احتلوا بلادنا، وظل يطلق رصاصات الحق، حتى أوقع سبعة منهم، وذاع الخبر كل أرجاء الدنيا وأخذ الناس يردّدون خيري لنا وعلقم على المحتلين الغزاة الذين جاؤوا من وراء البحار. أيّها السّادة الأفاضل: إنّهم أبطال فلسطين العظماء الذين ينتصرون لشعبنا، وخيري الخير، انتصر لشهداء جنين وكل شهداء فلسطين ساعات ودّعوا فيها 12 شهيدا في القدس ومخيم جنين، تلتها أنباء مقتل 7 مستوطنين في عملية إطلاق نار نفّذها الشاب المقدسي خيري موسى علقم (21 عاما)، الذي يسكن حي الشيّاح في قرية الطور شرق المسجد الأقصى، وينحدر من قرية بيت ثول المهجرة قضاء القدسالمحتلة. البطل العملاق خيري قال في وصيته، (يا نفس إن لم تقتلي فموتي، ونحن لا نرفع أيدينا إلا لله، ولا نسجد إلاّ لله، ولا نسمع إلاّ من رسول الله)، كانت هذه الرسالة الصوتية آخر ما نشره خيري علقم على حسابه مع صورة له من داخل المسجد الأقصى بعد أدائه صلاة الجمعة، قبل أن ينطلق مساء بمركبته نحو مستوطنة (نيفيه يعكوف) (النبي يعقوب) المقامة على أراضي بلدة بيت حنينا شرق القدس، انطلق أسد فلسطين، ليوقع برصاص مسدسه عدد القتلى الأعلى منذ سنوات في صفوف مستوطني القدس الإرهابيين النازيين، الذين يقطعون أشجار الزيتون ويقذقون سيارات المواطنين بالحجارة، وأحرقوا عائلة دوابشة ومحمد أبوطير والمئات من عائلات شعبنا الفلسطيني... كوكبة الشّهداء تمضي بشموخ وعزّة وكبرياء هذه الكوكبة العظيمة من الشهداء الأطهار، من فلسطين المقدّسة الأكثر احتضاناً لأجساد الشهداء التي روت أرض فلسطين المباركة بدمائهم الزكية، أنّ دماء الشهداء الأطهار (شهداء فلسطين) ستظل قناديلاً تنير درب الأحرار، الثورة الخلاّقة والمبدعة ماضية الأحرار والشرفاء يذودون، لبّوا النداء ستعود فلسطين طال الزمن أم قصر، وسيتحرّر المسجد الأقصى المبارك بإذن الله. رحم الله الشّهيد خيري وكل الشهداء الأطهار، وستبقى دماؤهم تنير درب التحرير والعودة.