بعد انتهاء التمييز العنصري في جنوب إفريقيا.. قال المناضل السياسي وأول رئيس لجنوب أفريقيا نيلسون منديلا: (إذا خرجتُ من السجن في نفس الظروف التي اعتقلت فيها، فإني سأقوم بنفس الممارسات التي سجنت من أجلها). واليوم، المناضل كريم يونس، بعد 40 عاماً قضاها في الأسر يقول: (مستعد أن أضحي 40 عاماً أخرى من أجل حرية شعبي)، ومن بعده بأيام معدودة، قال ابن عمه ماهر يونس الذي أمضى نفس الفترة، فور خروجه: (نحن شعب الجبارين.. و40 سنة بالأسر مهر للعروس فلسطين.. ومهر حريتها غالٍ). ببساطة إنه الإيمان بالمعتقد والقناعات، فأولاد يونس يتنفسون على قناعتين راسختين: الأولى هي الإيمان بحتمية النصر، والثانية هي الاستعداد للتضحية. وبالرغم من قضاء أجسادهم من الأعوام أربعين خلف جدران الزنازين، إلا أن أرواحهم بقيت حرةً، محكومةً بالإيمان الأبدي في الزمان والمكان، وشاهداً حيّاً على أن الفلسطينيون شعب استثنائي في وطن استثنائي. على الرغم من فرحة الشعب الفلسطيني العارمة بحرية أولاد يونس بداية عام 2023، إلا أن هذا العام، يبدو أنه سيكون أكثر دموية وتنكيلاً من الأعوام السابقة، في ظلّ سطوة اليمين الصهيوني المتطرّف، ما يتطلّب تطوير منهجيات وآليات وأدوات نضالية استثنائية دعماً للقضية الفلسطينية. ومن أجل التطلّع إلى المستقبل، وصوناً لإرث الثورة، وإرث أولاد يونس الذين يمثلون أهم رموزها، فإن الإفراج عنهم بعد أربعين عاماً قضوها في معتقلات الظلم الصهيونية- وهي أطول فترة اعتقال سياسي في العالم- محطة يجب الوقوف عندها طويلاً للتعبئة ضد الاحتلال وللنهوض القومي والوطني، من أجل حرية الأسرى الواجبة على كل واحد فينا. حيث إن الباب لا يزال مفتوحاً ليجتاز أسرى آخرون حاجز الأربعين عاماً وربما أكثر، كما لا يزال مفتوحاً لارتقاء مزيد من شهداء الحركة الأسيرة، لا سيّما في ظل الحكومة الصهيونية الحالية، التي ومن لحظة تشكّلها ونحن نشهد ارتفاعا غير مسبوق الوتيرة النقل والتنكيل داخل السجون الصهيونية وإجراءات تصعيدية للأسرى، ما يتطلّب فعل جدي وتحرّك فوري على كافة الجبهات. بن غفير يتوعّد، والحركة الأسيرة تؤكد جاهزيتها لسحق محاولاته الجنونية.. المطلوب الآن من كل فلسطيني حر شريف، كلٌ في موقعه أن يتقدّم إلى هدفه المعلوم.