نصف قرن من الانجازات والوفاء بالالتزامات 56 مليار متر مكعب إمدادات نفطية لأوروبا والهدف المسطر 100 مليار متر مكعب الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر من أجل مزيج طاقوي مستدام الخبير سليماني : تكثيف عمليات التنقيب والاستكشاف لضمان السيادة الطاقوية انقضى نصف قرن عن القرار التاريخي الذي اتخذه الرئيس الراحل هواري بومدين، بخصوص تأميم الجزائر لمحروقاتها، وانقضت معه هيمنة الشركات النفطية الأجنبية على ثروات البلاد من الذهب الأسود.. 52 سنة من الانجازات والالتزام مع الشركاء، ليكون التتويج اليوم بتربّع الجزائر على المرتبة الأولى عالميا من حيث الاستكشافات التي وصل عددها إلى 12 اكتشافا في مجال البترول والغاز سنة 2022، لتصبح سونطراك بهذا من أكبر الشركات البترولية، عربيا وعالميا، متفوقة في ذلك على كبريات منافساتها من الشركات العالمية. كما أصبحت الجزائر ثاني أكبر مورد للغاز في أوروبا، بعد النرويج، ما يعزّز حصتها من السوق الأوروبية ويشجعها على تنفيذ المزيد من عمليات الاستكشاف والتنقيب عن النفط، لتكثيف احتياطي البلاد من الطاقة وضمان أمنها الطاقوي. قال الخبير عبد القادر سليماني، إن القرار السيادي الذي اتخذه الرئيس الراحل، هواري بومدين، تضمّن ضمّ 51 % من أسهم الشركات النقطية، وإرغامها على إنفاق الأرباح المحصلة من عائدات النفط على الأبحاث والاستكشافات في مجال المحروقات إلى جانب تأميم خطوط النقل البري لأنابيب الغاز.. قرار انطلقت معه رحلة رهان رفع التحدي وعلاقة مواطنة بين الرائدة سونطراك ومحيطها الاجتماعي، جعلها تتحمل مسؤولياتها في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، في مرحلة كان الاقتصاد الوطني قد أطل لتوّه من شرنقة التبعية لحقبة استعمارية، استنزفت كل ثرواته، وفرضت عليه حتمية الانطلاق من الصفر، ليصل اليوم بفضل عزيمة الجزائريين من قادة وكفاءات ويد عاملة مخلصة لرسالة الشهداء. إلى مراتب عالمية، خدمته في ذلك الظروف الجيو - استرتيجي وتأرجح موازين القوى بين متحكم في سوق النفط لحيازته للنفط كعملة العصر المهيمنة وبين مضطر للتفاوض، لافتقاره له. كما ذكر الخبير، أن رصيد الجزائر من الانجازات الطاقوية، أكدته الأرقام المحققة حيث تميزت سنة 2022، بانتعاش واضح لقطاع المحروقات، جعل منها سنة طاقة بامتياز بالنسبة لهذه الأخيرة، التي أصبحت أكبر ضامن للأمن الطاقوي إقليميا، حيث أثبتت للجميع استحقاقها لمرتبة الشريك المضمون، المعوّل عليه، خاصة وأن إمداداتها من الطاقة، قد بلغت 56 مليار متر مكعب من الغاز ومشتقاته سنويا، مصدرة إلى أوروبا عبر أنبوبين لنقل الغاز الطبيعي إلى كل من ايطاليا، الحليف والشريك الاقتصادي للجزائر، التي تعتبر اليوم أكبر منصة لتوزيع الغاز الجزائري إلى دول أوروبا، الذي تعزّز أكثر بعد الاتفاق الأخير مع سلوفينيا وعودتها كزبون وفي للجزائر، بالإضافة إلى المجر. وكان رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، قد شدّد من خلال تعليمات صارمة على ضرورة الوصول إلى أكثر من 100 مليار متر مكعب صادرات جزائرية من الغاز، وهو ليس بالهدف المستحيل تحقيقه، إذا تكاثفت الجهود وسطّرت الاستراتيجيات الناجعة، وسخرت الإمكانيات المادية والبشرية، من أجل توسيع واستقطاب استثمارات في هذا المجال، وتنويع الشركاء من الدول الأوروبية والأسيوية والأمريكية. حيث تمكّنت سونطراك من الظفر باستثمارات قدرت بأكثر من 4 مليار دولار مع شركات ايطالية وأوربية وأمريكية. 5 ترليون متر مكعب من الغاز و12 مليار برميل من البترول.. احتياطي أشار الخبير الاقتصادي عبد القادر سليماني، إلى أن الرائد الجزائري في مجال المحروقات «سونطراك»، قد تمكّن من اكتشاف 35 بئرا من البترول والغاز في عدة مناطق من الجنوب الجزائري، كحاسي رمل، حاسي مسعود، بشار، حيث وصلت الاكتشافات النفطية إلى 340 مليار متر مكعب من الغاز و1.2 مليار برميل من النفط، مما يعزّز من الاحتياطي الطاقوي الأحفوري للجزائر التي تمتلك أكثر من 5 ترليون متر مكعب احتياطي من الغاز وأكثر من 12 مليار برميل من البترول. قانون المحروقات.. تحفيز للشركاء.. حقّقت الجزائر - يقول سليماتي - مداخيل قياسية من صادراتها من المواد النفطية من البترول والغاز الطبيعي والغاز المسال بلغت 50 مليار دولار، بالإضافة إلى صادراتها من المواد البتروكيمائية والمشتقات النفطية، مما يؤكد عن وجود رؤية إستراتيجية واستشرافية للجزائر في مجال الطاقة الأحفورية، وتوسيع استثماراتها في هذا المجال من خلال مقاربة شراكة رابح - رابح، وقفا للندية والبراغماتية. مستندة في ذلك إلى المزايا التي أتى بها قانون المحروقات الجديد لسنة 2019، وقانون الاستثمار الذي دخل حيز التطبيق سنة 2022، حيث لاحظنا حضورا قويا للشركات العملاقة الناشطة في مجال المحروقات على غرار «ايني» الايطالية و»أكسيدونتال» الأمريكية وشركات أخرى من الصين وتايلاندا. مصادر للطاقة النظيفة والمستدامة الانجازات المحقّقة والمداخيل المحصلة - أضاف المتحدّث - فتحت شهية السلطات العمومية إلى العمل على تحصيل المزيد منها، بالحفاظ على الطاقات الأحفورية التقليدية غير المتجدّدة وذلك من خلال تنويع المزيج الطاقوي، حيث تشكّل هذا الأخير سنة 2022 من 79 بالمائة و19.5 بالمائة من البترول و1.5 بالمائة من غاز البروبان المميع. وتؤكد الدولة على ضرورة توسيع هذا المزيج الطاقوي إلى الطاقات المتجدّدة كالطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر، والأمونيا، التي كان رئيس الجمهورية قد أمر بتعزيز إنتاج الأسمدة انطلاقا من هذه المادة، في اجتماع لمجلس الوزراء، إلى جانب الاهتمام بإنتاج الكهرباء من الطاقة النظيفة. وفي هذا الصدد، يجدر التذكير بأن الجزائر تمتلك قدرات هائلة لتلبية احتياجات أوروبا وحتى العالم، من الطاقة الشمسية التي يمكنها أن تبلغ تغطية شاملة 100 بالمائة، مستقبلا. 11 مليار دولار استثمار في الصناعات البتروكيماوية وقارن الخبير مرحلة الاكتفاء الذاتي وتصدير الفائض من إنتاج الجزائر الطاقوي، بمرحلة مضت كانت البلاد تستورد خلالها احتياجاتها من البنزين والمازوت. وهو المستوى الذي تعمل الجزائر على الحفاظ عليه وتطويره من خلال البحث عن مصادر جديدة للطاقة. حيث انخرطت مؤخرا في مسعى التحوّل الطاقوي الذي يضمن أكثر شمولية للطاقة على المستوى المحلي، وتصدير الطاقات الجديدة والنظيفة، حيث تمتلك الجزائر مخطّطا لتصدير الكهرباء إلى أوروبا والدول المجاورة، بالإضافة إلى تكثيف عمليات الاستكشاف والتنقيب عن الطاقات الأحفورية، إلى جانب مسعى السلطات العمومية في التوجّه إلى الصناعات البتروكيماوية والتحويلية، التي استفادت من 11 مليار دولار قيمة الاستثمارات التي ستضخها سونطراك في هذا المجال، وهنا لابد من الإشارة إلى المصفاة التكريرية في ايطاليا، كاستثمار جزائري في إيطاليا. وآخر في تركيا من أجل إنتاج بعض الأنواع من البلاستيك، وهي نظرة أكثر شمولية واستشرافية.