المجتمع المدني مطالب بالتحوّل من التنشيط إلى المقاربة التنموية ثمّن رئيس المرصد الوطني للمجتمع المدني نورالدين بن براهم، أمس، اعتماد مشاركة المجتمع المدني في إدارة الشأن العام، ما يجعل منه أحد دعائم الديمقراطية وآلية مهمة جدا للحفاظ على النسيج الاجتماعي، مثمنا قرار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بهذا الخصوص، كون الجمعيات تتوسط الإدارة والحكومة والمؤسسات الرسمية، داعيا المسؤولين المحليين إلى التنسيق مع المرصد الوطني للمجتمع المدني في هذا الإطار. أوضح بن براهم لدى حلوله ضيفا على منتدى الإذاعة، أن المجتمع المدني له تجربة كبيرة في الميدان وتمتد لسنوات، والمطلوب منه اليوم أن يكون شريكا فعالا في العملية الديمقراطية والتنموية والاندماج الاقتصادي، مشيرا إلى العمل على تعزيز دوره، مطالبا المسؤولين بضرورة التعاون والتنسيق مع مكونات المجتمع المدني. ويرى ضيف منتدى الإذاعة، أن المجتمع المدني، انطلاقا من موقعه والدور المنوط به، أصبح إشراكه في إدارة الشأن المحلي أكثر من ضرورة، سواء فيما تعلق بالتسيير أو الحفاظ على المال العام، ما يعني ضرورة حضوره في كل المداولات والنقاشات في إطار الشفافية، بما يكرس - بحسبه - المساءلة والمراقبة القبلية، مشيرا إلى أن هذه الآليات من شأنها الذهاب إلى أخلقة التسيير، غير أن ذلك يتطلب جهدا وتدريبا على هذه الآليات، على غرار الدورة التكوينية التي ستنظمها هيئة مكافحة الفساد، ما من شأنه خلق بيئة نظيفة. وأشار بن براهم، إلى أنه حان الوقت لإطلاق منصات رقمية لإدارة الحوار حول الشأن المحلي، للاطلاع على التوجه العام وكل ما يدور من نقاش حول القضايا التي تهمه في جميع المجالات، لأن الحيز المكاني لم يعد كافيا، ما سيضمن ديناميكية مبنية على تقديم حصيلة دورية عما أنجز وما تم المطالبة به في مجالات الحياة اليومية، ما سيوفر الحماية المجتمعية وتحديد احتياجات المجتمع في المنطقة من خلال المقاربة التشاركية المجتمعية، وتعزيز الممارسة والبناء الديمقراطي الرامية لإدماج وإشراك الجمعيات في مختلف المستويات والمواقع. في هذا السياق، كشف رئيس المرصد الوطني للمجتمع المدني عن إطلاق أول استشارة وطنية رقمية لصالح الجمعيات وفعاليات المجتمع المدني، مفتوحة لكل الجزائريين والجزائريات ولكل نشطاء وقادة وممثلي المجتمع المدني، بما فيهم أفراد الجالية الجزائرية المقيمة بالخارج. وتتمحور هذه الاستشارة حول خمس نقاط أساسية، تتعلق بقانون الجمعيات، التمويل العمومي والخاص لمشاريع الجمعيات، بناء قدرات وتدريب الجمعيات، موقع الجمعيات في التنمية المحلية وفي الديناميكيات الإقليمية والدولية بهدف تجسيد الديمقراطية التشاركية بمقاربات ابتكارية، ناهيك عن التأسيس لمنتدى المجتمع المدني للحوار والمواطنة والتنمية المحلية عبر كل الولايات وذلك في إطار تنفيذ مخرجات آخر لقاء للحكومة والولاة لتعزيز تبادل الأفكار والآراء. استقطاب نخب قادرة على صنع مفاهيم جديدة وبحسب بن براهم، يعتبر المرصد الوطني للمجتمع المدني امتدادا مجتمعيا وبالخصوص الجمعيات، لهذا فاليوم الحديث يدور حول المرافقة، المشاركة وتقديم المشاريع بطريقة ابتكارية. لهذا فالمجتمع المدني مطالب بالخروج من التنشيط إلى المقاربة التنموية، ويكون مساهما حقيقيا في الاندماج الاقتصادي، من خلال استحداث مهن قادرة على استحداث مناصب شغل وصناعة الثروة، لذا يجب الذهاب من الجانب المطلبي ونقل الاحتياج إلى الإنتاج وهذا لا يكون إلا باستقطاب نخب قادرة على صنع مفاهيم جديدة وتحقيق الانسجام المجتمعي من خلال مشاريع عملية حقيقية. وأوضح رئيس المرصد الوطني للمجتمع المدني، أن صناعة هذا المحتوى المجتمعي الجديد مرهون بالموارد البشرية، لاسيما النخب المتطوعة في المجتمع المدني والمطلعة على السياسة الخارجية للدولة الجزائرية، حتى يكون هناك تأثير إيجابي للمجتمع المدني في الدفاع عن السيادة الوطنية، من خلال إنتاج مساحات جديدة لمكونات بشرية قادرة على تقاسم تجاربها الناجحة على الصعيدين الإقليمي والدولي، خاصة في ظل الأزمات. وبخصوص المشهد الجمعوي، أعرب بن براهم عن إيمانه الراسخ بحرية تأسيس الجمعيات عبر الإعلان لا الترخيص من خلال المادة 53 من الدستور التي ضمنت ذلك، مشيرا إلى أن ذلك يعتبر مكسبا حقيقيا لا يوجد في دول أخرى، لكن على الجمعيات الانخراط في الاندماج الاقتصادي، فأكثر من ألف جمعية يمكن أن يكون من بينها جمعيات متخصصة مبتكرة وأكثر إنتاجا، بحيث لن يكون القانون معيقا لها بل عاملا مساعدا ومحفزا ومكرّسا للانضباط، وهذا مرتبط بالتوعية والتثقيف لتفادي الوقوع في المحظور، وتكون قيمة مضافة للمواطن وقوة منتجة مشاركة في السياسات العمومية. بحث فرص الشراكة.. فيما تعلق بتمديد النشاط الجمعوي لخارج الجزائر، على الصعيد الإقليمي أو الإفريقي، فإن المقاربة الجزائرية هي شاملة لا تقتصر فقط على إنفاذ القانون المؤسساتي، بل مفتوحة على ديناميكية مجتمعية ومبنية على قادة للمجتمع المدني يتمتعون بأدوار كبيرة، لاسيما في مواجهة الأزمات المصطنعة. وبرأي بن براهم، فإن هذه الأزمات تستوجب تقاسم التجارب الجزائرية الناجحة بالمنطقة، من خلال إدماج مختلف قيادات المكونات المجتمعية بالجزائر ودول الساحل، والفواعل التي تميل للسلم والأمن وعزل الإرهاب والتطرف، كاشفا عن وجود ورشة كبيرة في هذا الخصوص. في المقابل، تطرق إلى ضرورة تبني مقاربة تنموية، لحماية ووقاية المنطقة ككل، مذكرا بالدعم الجزائري للتنمية في إفريقيا من خلال قرار رئيس الجمهورية في الاجتماع 36 لقادة دول إفريقيا والحكومات، بتخصيص 100 دولار وهي مقاربة ذات بعد عميق واستراتيجي لضمان الاستقرار المجتمعي وتحريك التنمية كآلية وضمان عدم التدخل الأجنبي.