يواصل المغرب استغلاله الجائر للثروات الطبيعية في الصحراء الغربية، وتوظيفها لشرعنة وجوده العسكري غير الشرعي بها، وتسويق صورة تتغاضى عن جرائمه في الجزء المحتل من الاقليم. مساعي الرباط للبحث عن أي وسيلة تثبت ملكيتها «التاريخية» المزعومة لأراضي الصحراء الغربية، دفعها لانتهاج أساليب ملتوية تطيل أمد الصراع في الصحراء الغربية، وربما جرّ المنطقة إلى الفوضى والقلاقل. في تصريح خصّ به «الشعب»، أكّد إريك هاغن رئيس المرصد الدولي لمراقبة ثروات الصحراء الغربية وجود ارتفاع كبير في نهب الثروات الطبيعية في الصحراء الغربية، خاصة الثروات البحرية، إلى جانب شروع قوة الاحتلال في بناء مصانع للسمك بالمنطقة استعداداً للمزيد من النهب والتهريب، وكذا الشروع في إنجاز ميناء آخر مخصّص لتهريب فوسفات الصحراء الغربية، والذي ستنتهي به الأشغال العام الجاري. أشار رئيس المرصد الدولي لمراقبة ثروات الصحراء الغربية، إلى وجود العديد من الشركات التي أعلنت نيّتها الدخول الى إقليم الصحراء الغربية من أجل الاستثمار في الفوسفات، هذه الشركات - يضيف المتحدث - سيكون من الصعب تتبّعها أو اقتفاء أثرها في ظل هذه الظروف والتعتيم الإعلامي المفروض على المنطقة. توقّع «هاغن» حدوث انفجار في قطاع الفلاحة العام المقبل في الصحراء الغربية، معرباً عن قلقه من وجود شركات غربية تعمل في مجال الطاقة المتجددة، وهي مشاريع وثروات لا يستفيد سكان الاقليم المحتل من مداخيلها. في معرض ردّه على سؤال حول آليات حماية الثروات الصحراوية، أكّد المتحدّث أنّ الحل الوحيد لتحقيق ذلك هو تطبيق «المثال الناميبي»، حينما تدخل مجلس الأمن الدولي بقوة القانون من أجل حماية ثروات ناميبيا من أي استغلال، مؤكّداً في الوقت ذاته أن وجود فرنسا في مجلس الأمن يجعل من تطبيق هذه التجربة على ثروات الصحراء الغربية أمراً مستحيلاً نظراً لانحيازها للاحتلال واستفادتها من الثروات المنهوبة، مشيراً الى أن الحل المتاح حالياً هو الدعاوى القضائية التي رفعتها جبهة البوليساريو أمام محكمة العدل الأوروبية، وبالتالي، ينبغي التركيز على كيفية تقوية هذه الدعاوى والحصول على النتائج المرجوة. وفي سؤال حول إمكانية الدعوة إلى تأميم المجال الجوي الصحراوي، أكّد المتحدّث أن المرصد يشتغل حالياً على مراقبة الثروات الطبيعية في الصحراء الغربية باعتبارها الأكثر عرضة للاستنزاف من طرف النظام المغربي، ولم يتم التطرق بعد الى مسألة المجال الجوي للصحراء الغربية. المجال الجوي الصّحراوي خارج سلطة الرباط تقف الرباط اليوم في موقف محرج داخلياً وخارجياً بعدما انكشف زيفها وادعاؤها السيطرة التامة على الصحراء الغربية، فقد حاولت حكومة أخنوش مؤخراً التفاوض مع إسبانيا من أجل الحصول على المجال الجوي للإقليم المحتل، وهو ما شكّل صدمة للمغاربة الذين عاشوا عقوداً على وقع الأوهام والأكاذيب. أشار الدكتور غالي زبير رئيس الهيئة الصحراوية للبترول والمعادن، إلى أن الرباط سعت للحصول على سيطرة كاملة على المجال الجوي الصحراوي منذ تمديد الولاية القانونية المغربية الى المياه الاقليمية الصحراوية سنة 2017، أي بعد أكثر من 40 سنة من الاحتلال، مؤكّداً بأنّ «المغرب خلال هذه المدة التي كان يدعي فيها السيادة على الصحراء الغربية، لم يكن يسيطر على المجال البحري ولا على المجال الجوي، وهو ما يحاول استدراكه الآن في ظل وجود حكومة إسبانية ضعيفة خاضعة لإملاءات المغرب». إسبانيا من جهتها تتحدّث عن «إدارة أفضل» للمجال الجوي الصحراوي، وهو ما اعتبره غالي زبير انتكاسة أخرى للدبلوماسية المغربية، ولا يخرج عن إطار تبادل المعلومات أكبر وأكثر مع سلطة الطيران المغربية، ممّا يحقّق إلى حد ما سيطرة إسبانيا على المجال الجوي الصحراوي، ولكن بإتاحة معلومات أكبر للمغرب. هذه الخطوة اعتبرها زبير «انسجام بعض الشيء مع مطالب المغرب»، ولكن دون تخلّي إدارة الاحتلال السابق بصفة نهائية عن المجال الجوي للصحراء الغربية، لأنّ السّيطرة على هذا المجال من طرف مراكز كناريا له قيمة مالية كبيرة وعائدات ضخمة تدفعها شركات الطيران الدولية نظير العبور فوق المجال الجوي للصّحراء الغربية، وهي عائدات كبيرة تدخل إلى خزينة الإدارة الإسبانية في جزر الكناري، ومن الصعب أن تتخلّى إسبانيا عن هذه المصالح، بالإضافة إلى رمزية هذا الملف بالنسبة لإسبانيا باعتبار أن المحكمة الإسبانية في أكتوبر 2014 أقرّت بأنّ الصحراء الغربية لا تزال في عهدة الدولة الاسبانية المسؤولة عن إدارة الإقليم بحكم القانون الدولي. أوضح المتحدّث أنّ جبهة البوليساريو حذّرت الشّركات الدولية في وقت سابق من مخاطر العبور فوق المجال الجوي الصحراوي أو التواجد فوق أراضيها خاصة مع عودة الحرب للمنطقة، كما سبق لجبهة البوليساريو أن رفعت دعوى قضائية لدى المحكمة الأوروبية استثنت الصّحراء الغربية من اتفاقية الطيران المدني بين الاتحاد الاوربي والمغرب، ودعوى أخرى ضد شركة طيران فرنسية تقوم برحلات إلى الصحراء الغربية. أشار غالي زبير إلى أنّه في حال ما تخلّت إسبانيا عن تسيير المجال الجوي للصحراء الغربية لصالح المغرب، فإنّ جبهة البوليساريو سترد بكل الوسائل وبخطوات عملية، سواء من خلال تصعيد العمل العسكري في هذه المنطقة أو من خلال الوسائط القانونية، فجميع الاحتمالات مفتوحة أمام الجبهة إذا ما تخلّت إسبانيا عن مسؤولياتها القانونية في الإقليم المحتل.